مؤكد أن انضمام مصر كعضو دائم فى مجموعة بريكس حدث تاريخى بامتياز ، وبمثابة خطوة جريئة على الطريق الصحيح، فنحن أمام تكتل جيوسياسي يمثل نحو 26% من إجمالي الناتج المحلي العالمي و42% من سكان العالم، لذا فإن الموافقة على انضمام مصر و5 دول معها فى ظل تأجيل الموافقة على 17 دولة بمثابة إنجاز يؤكد قدرة الدولة المصرية ورد على طعن المشككين فى هذه القدرة.
لذا فان هناك مكاسب عدة للانضمام، وأولها فى اعتقادنا تأكيد مجموعة بريكس التزامها بروح المجموعة المتمثلة في الاحترام والتعاون المتبادل والتفاهم والانفتاح ما يساهم بقوة من استفادة الدول الأعضاء الجدد بزيادة الاستثمارات والتبادل التجارى مع اقتصاديات هى الأسرع فى النمو فى العالم، وهو ما يحد من الهيمنة، ومن أزمة السيولة الدولارية فى ظل التعامل بالعملات المحلية ما يقلل - قطعا - من تأثير الأزمة الدولارية فى ظل موجة التضخم العالمية، واستغلال الاقتصاديات الكبرى والقوى العظمى لهذه الأزمة وتوظيف الدولار فى السياسة بعيدا عن الاقتصاد.
غير أن تأكيد قادة بريكس التزامهم بتعزيز وتحسين الحوكمة العالمية من خلال تعزيز نظام دولي متعدد الأطراف يكون أكثر مرونة وفعالية، وخاضعا للمساءلة سيمنح اقتصاديات الدول الأعضاء فرص التحرك بمرونة والنمو بشكل أسرع فى ظل تمثيل الأسواق الناشئة والدول النامية في المنظمات الدولية والمنتديات متعددة الأطراف التي تلعب فيها هذه الأسواق دوراً هاماً بها.
ومن المكاسب المقدرة أيضا، أن هذا الانضمام سيزيد من فرص كبح الأنشطة الإرهابية، لأنه الإرهاب والتطرف بمثابة عامل رئيسى فى إحداث اضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية، وبالفعل كان لهذه الأنشطة الإرهابية بالغ الأثر سلبيا على النمو والتنمية المستدامة ما أضر بالشعوب وزاد من بؤر الصراع، لذا فإن التزام دول بريكس على وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب فى إطار القانون الدولى يساهم فى الاستقرار وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وهناك مكسب بمثابة حلم للقارة الأفريقية، زهو التزام مجموعة بريكس في بيانها الختامي بتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، لاحداث التكامل الأفريقي، خاصة أن القارة الأفريقية مهيأة لخلق بيئة تتمتع بإمكانية التنبؤ بها للاستثمارات لا سيما في تطوير البنية التحتية وزيادة الاستثمارات والتبادل
وعلينا أن لا ننسى أن دول البريكس تنتج ثلث الغذاء في العالم، بالتالى فإن انضمام مصر سيعزز من فرصها فى حل مشكلات استيراد الحبوب، خاصة أنها من أكبر مستوردى القمح ، لذا فإن التعاون مع دول تمتلك ثلث غذاء العالم سيعزز من إحراز تقدم في مجال الزراعة وتعزيز الزراعة المستدامة والنظم الغذائية وتنفيذ ممارسات زراعية مرنة تساهم فى تحقيق الأمن الغذائي وتساعد على الاكتفاء الذاتى فى المستقبل.
وأخيرا.. لا مجال للشك أن انضمام مصر كعضو دائم فى مجموعة بريكس الاقتصادية شهادة تقدير للدولة المصرية، وتأكيد على أن مصر على الطريق الصحيح، وأن هذا كان بفضل الجهود التنموية للدولة من مشروعات قومية، وبناء جمهورية جديدة قائمة على بناء الإنسان والدولة معا، إضافة إلى دور مصر السياسى والمحورى فى المنطقة والإقليم ما يعنى أننا أمام رسم خريطة اقتصادية جديدة فى ظل عالم متغير تموج به الصراعات والاضطرابات من المؤكد أنها ستنتهي بولادة نظام عالمى جديد فلابد من حجز مقعد فيه. وهذا هو أهم مكاسب الانضمام.. حفظ الله مصرنا الغالية