أدمى الزلزال المدمر فى المغرب الشقيق، وتبعه الإعصار دانيال الذى تحول من اليونان إلى ليبيا، واكتسح فى طريقه مدنا وخلف آلاف الضحايا والمفقودين، قلوب الشعب المصرى، والذى تضامن مع الأشقاء فى المغرب وليبيا وكل مكان فى العالم.
وطبيعى أن يكون التضامن الرسمى والشعبى بهذه القوة، حيث تحركت الدولة، وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى تعليماته الفورية لكل أجهزة الدولة بتقديم كل الدعم للأشقاء فى المغرب وليبيا، وتحركت جهات عديدة فى مقدمتها القوات المسلحة بإمكاناتها الكبيرة لتقديم كل ما يلزم للأشقاء، خاصة أن الزلزال جاء فى مناطق جبلية بالمغرب فضلا عن حجم الدمار الذى خلفه الإعصار.
ونتمنى أن تنتهى الآثار والصدمة التى أصابت الأشقاء، وتعيد هذه الكوارث التذكير بما تواجهه الكرة الأرضية من خطر التغير المناخى، الذى يتبدى فى تحولات الطقس وانقلاباته وتبادل الفصول، فقد عانينا من حر شديد فى وقت يفترض أن يتراجع فيه الحر، وواجه العالم وما زال حرائق وفيضانات وأعاصير، تختلف عن مثيلاتها السابقة وموجات لا تنتهى من الحر، وموجة تسلم أخرى بلا توقف، لدرجة أن تقرير الأرصاد يتوقع موجة حارة جديدة، بينما الموجة السابقة مستمرة.
الجو يتغير فى العالم ولم تعد ثوابت الجغرافيا حول الطقس كما كانت، والعلماء طوال عقود يحذرون من تأثير قطع الأشجار وحرق الغابات والتلوث الصناعى على رفع درجات حرارة الجو، والتحذير من ذوبان الثلوج وارتباك الفيضانات والسيول، فقد بلغت درجات الحرارة فى بعض مناطق يفترض أنها معتدلة 40 درجة مئوية، وهى أرقام غير مسبوقة، وتجاوزت الحرارة 50 درجة واقتربت من 60 فى بعض الدول خلال هذا الصيف الماضى، وتكررت حرائق الغابات خلال الصيف فى السنوات الماضية، بسبب ارتفاع غير طبيعى فى درجات الحرارة، وهو ما واجهته أوروبا هذه الأيام، وتضاعف فى السنوات الأخيرة مع تسجيل 348 كارثة عام 2020، وارتفع إلى 657 كارثة حتى الآن، ونقلت صحيفة «لا كروناتشى» الإيطالية أن الخبراء يعتقدون أن الفيضانات التى تدمر العديد من دول أوروبا الوسطى وخلفت عشرات القتلى فى ألمانيا وبلجيكا، ستتكرر وترتبط بتغير المناخ.
وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية «WMO» من توزيع عشوائى للحرارة، وهو أساس ظواهر مناخية «غير مسبوقة» فى مناطق مختلفة تربط الفيضانات فى أوروبا الوسطى بتغير المناخ، وموجة الحرارة، وهناك مئات القتلى والمشردين بسبب الفيضانات والسيول والحرائق، وهو ما يعنى تغيرا حقيقيا يشغل الخبراء والعلماء على مدى العقود الماضية، وتتواصل توقعات العلماء بين تشاؤم تام وتشاؤم متوسط، لكن بشكل عام فإن التوقعات تشير إلى مزيد من التحولات فى الطقس وحركة الفيضانات والسيول والغابات فى العالم.
وقد شغل التغير المناخى دول العالم فى قمة العشرين وفى قمة المناخ بشرم الشيخ، حيث كانت هناك توصيات صدرت بضرورة تضامن العالم والدول الصناعية الكبرى التى تطلق 80 % من الانبعاثات، وأن ما تقدمه لأفريقيا ودول الجنوب المتضررة يساهم فى علاج خطر لا يتوقف.
وأطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، نداءً فى افتتاح قمة المناخ بأن يتفرغ العالم لمواجهة أخطار تحيط بالكرة الأرضية، بدلا من الصراعات، فالعالم كله يواجه خطرا يتطلب تدخلا عاجلا لمواجهة تغير المناخ.