تحل اليوم ذكرى رحيل أسد الصحراء عمر المختار الذى رحل عن عالمنا في 16 سبتمبر من عام 1031 والذى صال وجال ضد الاحتلال الإيطالى لبلاده وأسس لأيقونة نضالية بارز المعالم فى الثقافة العربية بل وامتدت تأثيرات نضاله إلى الثقافة العالمية، حيث احتل مكانة مرموقة، وبات رمزا لكثير من الناس في الوطن العربى والعالم، حتى أنتجت هوليود عنه فيلما شهيرا من بطولة أنتونى كوين.
ولد عمر المختار فى 20 أغسطس عام 1862م في قرية زاوية حنزور في برقة شرقي ليبيا، وتوفي والده وهو في سن صغير، وتعلم القرآن في طفولته بـ زاوية القرية، ثم توجه بعدها إلى واحة جغبوب، معقل السنوسيين، وهناك درس الفقه والحديث والتفسير واللغة العربية من مشايخ الطريقة وعلى رأسهم المهدي السنوسي.
كلفه المهدي السنوسي في عام 1897، بشياخة بلدة زاوية القصور في الجبل الأخضر، وحصل في تلك الفترة على لقب "سيدي"، الذي يحظى به شيوخ الحركة السنوسية الكبار.
شارك عمر المختار أيضا في القتال الذي نشب بين السنوسية والفرنسيين في المناطق الجنوبية في السودان، إضافة إلى قتال الفرنسيين عندما بدأ استعمارهم لتشاد عام 1900، في عام 1902، عاد عمر المختار مجددا إلى ليبيا، بعد وفاة محمد المهدي السنوسي، وعين مجددا شيخا لبلدة زاوية القصور، وظل عمر المختار فى هذا المنصب 8 سنوات حتى 1911، قاتل خلالها جيوش الانتداب البريطاني على الحدود المصرية الليبية في البردية والسلوم.
في عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، ودخلت قواتها الأراضي الليبية، وفي العام التالي أعلنت روما أن ليبيا مستعمرة إيطالية، ومنذ ذلك الوقت قاد عمر المختار صاحب 53 عاما وقتها، المقاومة الليبية ضد الإيطاليين لنحو 20 عاما أوقع خلالها خسائر فادحة بصفوف الإيطاليين.
وشهدت ليبيا عقب الاحتلال الإيطالي عددا من المعارك الكبيرة بين المقاومة بقيادة المختار والقوات الإيطالية، منها معركة درنة فى مايو 1913 التي دامت يومين، وانتهت بمقتل 70 جنديا إيطاليا وإصابة نحو 400 آخرين، ومعركة بو شمال عند عين ماره فى أكتوبر 1913، فضلا عن معارك أم شخنب وشلظيمة والزويتينة في فبراير 1914 والتي كان يتنقل خلالها المختار بين جبهات القتال ويقود المعارك.
في 11 سبتمبر 1931، تمكن الإيطاليون من أسر عمر المختار بعد معركة قتل فيها حصانه وتحطمت نظارته، وفي 14 سبتمبر وصل القائد الإيطالي جرازياني إلى بنغازي، وأعلن أن المحاكمة في اليوم التالي، وفي الخامسة من مساء اليوم المحدد 15 سبتمبر حكم على المختار بالإعدام شنقا، وتم إعدامه في 16 سبتمبر، ومن أشهر ما قاله شيخ المجاهدين لقادة الاحتلال الإيطالي حينما طالبوه بالاستسلام والكف عن مقاومتهم: "نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت".
ويذكر الجنرال «غرازيانى» الحاكم والقائد العسكرى الإيطالى لبرقة فى مذكراته «برقة الهادئة» محاولات الإيطاليين التي استمرت سنوات للقبض على أسد الصحراء حيث يقول: «مهما تكون هذه الشائعات سارية، فقد تحقق وجود عمر المختار بعد معركة وادى السانية فى أكتوبر 1930، حيث أصيب جواده وكاد يقع أسيرا فى يدينا، والدليل على ذلك أنه وجدت على أرض المعركة بعد انتهائها نظارته ذات الأجنحة الذهبية وجواؤها الفضى، واقتنعت أنه على قيد الحياة، وأنه الأسطورة التى لا تنظر ولا تقهر ولا تضبط، ولكن اقتنع هو كذلك أن الحرب أصبحت حقيقة لأنه عزل عن كل شىء، لم تعد هناك إمدادات، ولا تمويل، والآن تحصلنا على النظارة، وسيأتى اليوم الذى نتحصل فيه عليه، وقد وضعنا منذ السنة الماضية - 1929 - مبلغ مائتى ألف فرنك مكافأة لمن يأتى به حيا أو ميتا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة