تحتفى الأمة الإسلامية بالمولد النبوي الشريف فى عصر لا ينشد أهله - إلا من رحم ربى - إلا الحياة المادية والجرى وراء حياة عصرية دون رابط أو ضابط، حيث انتشار السفه وكثرة التفاهات، وضياع القيم وتفاقم الخلاف، فلا الأسرة باتت كما هى، حيث اللمة والمحبة والوفاء، ولا المجتمع كما كان، حيث الأخلاق ومكارمها والعادات الجميلة والتضامن والتعاون، لذا علينا أن نتذكر بمناسبة المولد النبوي ونرتشف من نفحاتها العطرة - وهى لا تحصى أو تُعدَّ- وحسبنا منها الصبر فهو نصف الإيمان، ولذا فإن الصابرين يوفون أجرهم بغير حساب كما أخبر بذلك رب العالمين.
والصبر أمر مهم فى ظل عصر الحداثة، فعلينا أن نصبر على أبنائنا وعلى مشكلاتنا، وأن نصبر حتى نحقق أهدافنا بشرف واحترام لا بابتذال وسفه واستعجال، فنصبر على بعضنا البعض فى التعاملات الأسرية والمجتمعية، وأن نصبر على أن نرزق حلالا فلا نجرى وراء الرزق الحرام بداعى - كله بيعمل كدة- وأن يصبر الشاب على أبويه وفى عمله وفى الشارع، حتى لا نرى ما نراه الآن من عقوق والدين ولا توقير ولا احترام، وحتى نواجه ظواهر غير حميدة تعانى منها الأسرة مثل انتشار الطلاق وتعدد الأزمات العائلية، بأن تصبر الفتاة على نصيبها، وعلى زوجها وعلى أهلها، حتى لا تضيع نفسها بداعى التحرر ، وأن لا تقع فريسة لشغفها وطموحها الغير محكم، فتبيع نفسها ويضيع بيتها، ومعها مجتمعها.
وما أجمل أن نتحلى ونحن نعيش المولد النبوي بما يدعو إليه النبى العدنان من الأخلاق والآداب فتحسن بذلك صورة الإسلام والمسلمين ويعلو شأننا في العالمين، بدلا من حالنا الآن الذى لا يسر عدو ولا حبيب.
فليت نتعلم وتتحقق الاستفادة من دروس ذكرى المولد النبوي الشريف والاحتفاء به في كل مكان بما يناسب الحال والمقام، حتى تعود إلينا مرة أخرى هويتنا الأخلاقية والوطنية ونعود وتعود أمتنا نموذجا للأمم لا عالة وعبئا عليها.. واللهم صل وسلم على نبينا محمد المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين..