في الطريق إلى شرم الشيخ وبعد أن تمر بمدينة رأس سدر حين ترى مياه خليج السويس وتوازيها في سيرك، فجأة ينحرف بك الطريق يسارا لتدخل طريقا بعيدا عن البحر تكون فيه الجبال عن يمينك، قبل أن تدخل إلى هذا المنعطف توقف قليلا، وانظر إلى الطريق الذي يأخذك من الجانب الآخر مباشرة بين الجبل والبحر، هو الطريق الذي يؤدي بك إلى واحدة من عجائب الطبيعة في مصر.. حمام فرعون.
لا نعرف حتى الآن السبب في التسمية، ربما لأن المصريين القدماء قد اكتشفوا المكان واستغلوا وجود خمس عشرة عينا تضخ ثلاثة آلاف متر مكعب يوميا من المياه الكبريتية الساخنة التي تبلغ درجة حرارتها تسعين درجة مئوية، وربما اكتشفوا فائدة الاستشفاء في هذا المكان الذي يفيد في علاج كثير من الأمراض، وربما لأن المكان في داخله تبدو الأيدي البشرية قد تعاملت معه بالطريقة نفسها التي كان يتعامل بها أجدادنا مع الصخور بالتهذيب والنحت، لكن المؤكد أن تلك المغارتين اللتين توجدان داخل جبل مكون الصخور النارية في وسط منطقة مكونها الأساسي هو الصخور الرسوبية، قد خلقت مكانا فريدا يقع قبل مدينة أبو زنيمة بحوالي خمس عشرة كيلومترا.
مغارتان الأولى جافة وتتكون من سبع غرف (مراحل) بين كل مرحلة والتي تليها ترتفع درجة الحرارة من عشر إلى خمس عشرة درجة مئوية، مع جفاف كامل في الهواء وعدم نقص الأكسجين، بما يجعلها أقرب إلى الساونا الطبيعية، لتكون النصيحة الأهم هي البقاء في كل مرحلة ما لا يقل عن ربع الساعة حتى لا يصاب الزائر بصدمة حرارية، في الدخول أو الخروج، ثم مغارة أخرى تتكون من أربع مراحل تنتهي بعين المياه الكبريتية الساخنة، ويكون هواؤها مشبعا ببخار الكبريت الأخضر الساخن، وفي أسفل المغارتين على الشاطئ توجد الرمال السوداء الساخنة التي يمكنك الشعور بسخونتها أسفل مياه البحر الباردة في الوقت ذاته.
وبتحليل المياه المتدفقة من هذه العيون كيميائيا وبكتريولوجيا ثبتت صلاحيتها وفعاليتها العالية في علاج الكثير من الأمراض مثل الروماتويد، والروماتيزم بشتى أنواعه، وأمراض الجهاز الهضمي، وأمراض الكُلى، وحساسية الرئة، وأمراض الكبد، والأمراض الجلدية، إضافة إلى فوائدها المستخدمة في أغراض التجميل. كما بينت التحليلات الكيميائية احتواء المياه على تركيزات عالية لعنصر الكبريت تفوق معدلات نظيرتها في المياه المعدنية بالعالم.
هذا المكان أحد الكنوز المصرية المهدرة التي لا يعرفها الكثيرون من المصريين، والتي يجب التخطيط لها لكي تكون منتجعا صحيا عالميا يمكن عن طريقه إحياء السياحة العلاجية – لا سيما كونها تاريخية – في سيناء وربما تكون تلك بداية للتركيز على أنواع أخرى من السياحة تتميز بها مصر ويمكنها أن تكون استثمارا متفردا.