ماذا تعنى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لإفريقيا؟.. هاريس ستظل وفية لاستراتيجية بايدن.. وسياسات ترامب حول الهجرة قد تعمق الفجوة.. والتجارة محرك أساسى للعلاقة بين واشنطن والقارة.. والحرب فى أوكرانيا قضية محورية

الخميس، 24 أكتوبر 2024 06:00 ص
ماذا تعنى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لإفريقيا؟.. هاريس ستظل وفية لاستراتيجية بايدن.. وسياسات ترامب حول الهجرة قد تعمق الفجوة.. والتجارة محرك أساسى للعلاقة بين واشنطن والقارة.. والحرب فى أوكرانيا قضية محورية ترامب وهاريس
ريهام عبد الله

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ينتظر العالم بحالة من الترقب، ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والمقررة في 5 نوفمبر المقبل، خاصة أنه لا يمكن إنكار أن نتائجها لها تأثير على كل منطقة في العالم، إلا أنه تاريخيا كانت هذه الانتخابات أقل أهمية في افريقيا، إذ لم يختلف النهج الأساسي الذي تنتهجه واشنطن في التعامل مع القارة بشكل كبير من إدارة إلى أخرى.

إذ أن التعامل مع أفريقيا، منذ إدارة بيل كلينتون، كان يتبنى صيغة مماثلة تتضمن برامج التنمية، والحديث الطموح حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، والشراكات الأمنية المتنامية باستمرار، والتي أبقت على العلاقات مع القارة على مسار ثابت.

لكن في خضم سلسلة من الصدمات العالمية، وفى الداخل الأمريكي، من جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا وغزة، واحتجاجات مقتل جورج فلويد، ترى أفريقيا الولايات المتحدة بعيون مختلفة تماما، كما يعمل الاستقطاب السياسي والمتنامي في الولايات المتحدة على تقويض حتى المجالات التقليدية للاتفاق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مثل السياسة تجاه أفريقيا، وفقا لما طرحه الكاتب الأمريكي كاميرون هدسون، في مركز الدراسات الاستراتيجية والعالمية.

ومن المهم الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستتولى مهامها في يناير المقبل سوف تضطر على الفور إلى التعامل مع مجموعة من التحديات الأمنية والسياسية التي تجتاح الدول الأفريقية، من الحرب الأهلية السودان إلى انتشار التطرف في منطقة الساحل إلى عدم الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، وغيرها من القضايا الملحة.

توقعات افريقيا من واشنطن

يبدو أن الأفارقة لا يثقون في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن أمريكا لم تلتزم بوعودها تجاه القارة السمراء، فعلى الرغم من الوعود التي أطلقتها إدارة بايدن برفع الأصوات الجماعية للأفارقة في صنع القرار والمؤسسات العالمية، استمر البيت الأبيض في عدم الوفاء بخطابه، فلا يزال الأفارقة لا يشغلون مقعدا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعد عامين من موافقة بايدن عليه لأول مرة، كما يبدو أن الاستجابة التي تقودها الولايات المتحدة لتغير المناخ وتمويل التنمية والمنافسة بين القوى العظمى لا تزال كلها لصالح دول الشمال.

وقد أدى هذا الإفراط في الوعود وعدم الوفاء بالوعود إلى تعزيز السمعة الراسخة بأن واشنطن شريك غير موثوق به، ولم يفعل دونالد ترامب ولا كامالا هاريس، اللذان تجاهلا أفريقيا على مدار حملتيهما، أي شيء لإعطاء الأفارقة الانطباع بأن إدارتيهما ستكون مختلفة بشكل ملحوظ عن الماضي.

وكرد على عدم تحقيق الوعود الأمريكية، اتجه الأفارقة وعملوا بنشاط على تنويع شراكاتهم السياسية والاقتصادية والأمنية بعيدًا عن واشنطن على مدى العقد الماضي، مما يتعارض أحيانًا مع المصالح الأمريكية، إذ تعد الصين حاليًا أكبر شريك تجاري واستثماري لأفريقيا، وهذا التحوط ضد عدم موثوقية الولايات المتحدة، يجعل نتيجة أي انتخابات رئاسية أقل أهمية للقارة، بل ويجعل أيضًا من الصعب على أي إدارة قادمة تعميق العلاقات مع أفريقيا.

افريقيا ما بين ترامب وهاريس

من المرجح أن تظل إدارة هاريس وفية لاستراتيجية بايدن تجاه إفريقيا، جنوب الصحراء، التي صدرت في عام 2022، والتي تسعى إلى رفع صوت إفريقيا في المؤسسات العالمية وفي صنع القرار الأمريكي بشأن المسائل السياسية التي تؤثر على القارة بشكل مباشر.

ويبدو أن مبدأ سياسة الظل لترامب، مشروع 2025، يستعين بعناصر كاملة من استراتيجية بايدن ذاتها تجاه أفريقيا، حيث يؤكد أن النمو السكاني الهائل في أفريقيا، والاحتياطيات الكبيرة من المعادن المعتمدة على الصناعة، والقرب من طرق الشحن البحري الرئيسية، وقوتها الدبلوماسية الجماعية تضمن الأهمية العالمية للقارة.

وهو ما يشير إلى أن فريق ترامب يدرك على الأقل الأهمية الاستراتيجية لأفريقيا على المدى الطويل، والأمر الأكثر أهمية هو أن فريق ترامب ربما تعلم تأطير موقف أفريقيا باعتباره قوة متأصلة وليس مجرد مكون أصغر من الصراع الجيوسياسي الأوسع نطاقا الذي تخوضه الولايات المتحدة مع الصين أو روسيا، كما فعل خلال فترة ولايته الأولى في منصبه مما أثار استياء العديد من الأفارقة، إلا أنه ليس من الواضح كيف سينعكس هذا بشكل عملي على سياسته تجاه القارة.

التجارة حجر الزاوية في سياسات أمريكا تجاه افريقيا

سيتعين على الإدارة القادمة تجديد قانون النمو والفرص في أفريقيا (AGOA) ، وهو منصة التجارة في عهد كلينتون والتي تظل حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة تجاه أفريقيا والتي تنتهي في نهاية السنة المالية 2025.

وتظهر القوة المتأصلة للقانون من حقيقة أنه ظهر كإجابة مباشرة على الطلب المتكرر منذ فترة طويلة من قبل القادة الأفارقة لإقامة علاقة مع واشنطن تقوم على التجارة وليس المساعدات، ولكن في حين يظل برنامجًا محددًا للعلاقة الأمريكية مع أفريقيا، فإن وعده لا يزال غير محقق وغير متساو، ف 32 دولة أفريقية فقط من أصل 54 دولة مؤهلة حاليًا للوصول المعفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الأمريكية بموجب قانون النمو والفرص في أفريقيا، بينما تعود أكثر من 80 في المائة من فوائد قانون النمو والفرص في أفريقيا على 5 دول فقط.

إن توسيع نطاق وتأثير قانون النمو والفرص في أفريقيا يجب أن يكون محوريًا لتجديده، لكن هذا سيتطلب استراحة من السابقة الأخيرة التي جردت فيها إدارة بايدن 7 دول من أهليتها لقانون النمو والفرص في أفريقيا مقارنة بدولتين استعادتهما، وهو أكبر عدد من حالات التعليق من قبل أي رئيس.

وفى هذا الصدد تتزايد مخاوف من أن إدارة هاريس قد تدفع بمتطلبات بيئية واجتماعية وحوكمة تبدو مرهقة يمكن أن تعيق قانون النمو والفرص في أفريقيا بشكل أكبر، والتي ستكون قادرة على معاقبة الدول الأفريقية بقدر ما تكون قادرة على المكافأة عندما تفشل في تلبية المعايير العالية لواشنطن.

وبالمثل، فإن التهديدات الجمهورية بتعليق مشاركة جنوب أفريقيا، المستفيد الأكبر من قانون النمو والفرص في أفريقيا، بسبب ما وصفته واشنطن بأنه معاداة أمريكا الصارخة، في بريتوريا، تخاطر أيضًا بتأجيج الاتهامات الأفريقية ضد واشنطن.

الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على افريقيا

لقد عانت أفريقيا من أعباء غير مبررة ليس فقط بسبب الحرب في أوكرانيا نفسها، بل وأيضاً بسبب الاستجابة التي قادتها واشنطن لهذه الحرب، فقد ألحق ارتفاع معدلات التضخم، فضلاً عن العقوبات التي تحظر التجارة مع روسيا في السلع الأساسية مثل الأسمدة والقمح، الضرر بالاقتصادات الأفريقية.

وعلى هذا فإن الجهود الصريحة لإنهاء الحرب في أوكرانيا وإعادة استقرار الأسعار في الاقتصاد العالمي سوف تلقى استحسانا كبيرا في أفريقيا، فقد تعهد ترامب مرارا وتكرارا بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، ويؤكد برنامجه الحزبي بجرأة أن الحرب تولد التضخم في حين يجلب الاستقرار الجيوسياسي استقرار الأسعار.

وعلى العكس من ذلك، قد تضاعف إدارة هاريس جهودها لاستنزاف روسيا في أوكرانيا دون اتخاذ خطوات أكثر وضوحا لعزل أفريقيا عن الآثار غير المقصودة للحرب؛ وهذا من شأنه أن يعزز الاستياء من جانب الدول الأفريقية، ويقوض المصالح الأمريكية في افريقيا.

افريقيا ساحة للمنافسة بين القوى العظمى

تحمل افريقيا ذكريات من فترة حكم ترامب، وهى وجهة نظره للقارة باعتبارها رقعة شطرنج لكبح طموحات القوى المتنافسة، وتأطير العلاقات الأمريكية مع أفريقيا في سياق المنافسة بين القوى العظمى يعود إلى سياسات حقبة الحرب الباردة التي خلقت مناطق نفوذ في أفريقيا وصراعات بالوكالة قوضت التنمية السياسية والاقتصادية للقارة لعقود من الزمن.

وفي حين حرصت إدارة بايدن على تأطير المشاركات الأمريكية في أفريقيا باعتبارها ذات أهمية استراتيجية لمجموعة من الأسباب الأخرى، إلا أن اختيارها لشركائها في افريقيا يشير إلى أن منافستها للصين تظل المحرك الرئيسي للمشاركة الأمريكية في أفريقيا.

ويبدو أن هاريس وترامب على استعداد لمواصلة هذه اللعبة، وهو ما لن يؤدي في الأمد البعيد إلا إلى تقويض مصداقية واشنطن المتوترة بالفعل في أفريقيا.

الهجرة قضية أساسية بين واشنطن وافريقيا

ليس هناك قضية سياسية داخلية أمريكية أكثر تأثيراً في أفريقيا من قضية الهجرة، فلا ينسى الأفارقة خطوات ترامب لحظر دخول مجموعة من مواطني البلدان الافريقية، والحديث عن حظر أخر قد يؤدي إلى تراجع العلاقات مع القارة قبل أن يتسنى صياغة أي سياسة أخرى تجاه أفريقيا.

ومن المتوقع أن تتزايد الرغبة في حظر مواطني عدد من الدول الافريقية، التي تعتبرها القوة الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" موطنا للعنف والإرهاب، وهو يزيد إرادة إدارة ترامب من حظر المزيد من الأفارقة من دخول أمريكا.

وفي حين أن وعود حظر الهجرة، الترحيل الجماعي، كما هو منصوص عليه في البرنامج الجمهوري، تروق لفئة معينة من الناخبين الأمريكيين، فإن مثل هذه السياسات بعيدة المدى لديها القدرة على تقويض كل جانب من جوانب مشاركة الولايات المتحدة فى أفريقيا.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة