بعد العدوان الإسرائيلي على مصر ظهر معدن القبائل الحقيقي وكيف كانت دعمهما المطلق للجيش المصري ما بين الهزيمة والنصر كانت هناك ملحمة عسكرية وإنسانية عظيمة تقع أحداثها على رمال سيناء، لاسيما أثناء حرب الاستنزاف.وصولا للنصر
لم تستسلم مصر يومًا للهزيمة، منذ يونيو 1967 واحتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء، وتعمل القيادة لتحقيق النصر العسكرى الكبير للجيش المصرى فى حرب أكتوبر 1973 وما تلاه من انتصار
كانت المخابرات الحربية المصرية تنفذ ضربات موجعة ومتلاحقة على الضفة الشرقية للقناة. وقد كان المصريون من أهالى سيناء هم رجالها خلف خطوط العدو فى عمق سيناء.
بدأت البطولات السيناوية بصورة تلقائية وحتى قبل التنسيق مع جهاز المخابرات الحربية، عندما سارعوا بإنقاذ الجنود المنسحبين من الهزيمة وإخفائهم داخل منازلهم، وإرشادهم لطريق العودة إلى السويس. وسرعان ما تواصلت المخابرات الحربية مع أهالى سيناء سواء من خلال مشايخ القبائل أو بصورة مباشرة مع بعض البدو بهدف الاستفادة منهم فى خطة المواجهة والصمود
لتجهيز أرض سيناء لمعركة التحرير. ومن ثم كانت المهام المطلوبة من أهل سيناء تتلخص فى ثلاثة أمور شديدة الأهمية بالنسبة للجيش المصرى آنذاك، وهي: جمع المعلومات عن جيش العدو، وتصوير مراكز وقواعد ارتكازات جيشهم، والقيام بالعمليات الاعتراضية خلف خطوط العدو بالمواقع المتأخرة
منظمة سيناء العربية، فهى منظمة فدائية أنشأتها المخابرات الحربية المصرية عقب الهزيمة مباشرة، وأُعلن عن وجودها رسميًا فى ديسمبر 1968. واستمرت فى نضالها خلف خطوط العدو حتى حرب أكتوبر 1973، كان عدد أعضاء المنظمة 770 شخصًا، من المدنيين المناضلين من عدة محافظات، وكان لسيناء نصيب الأسد من البسالة والنضال، حيث بلغ عدد المناضلين السيناويين داخل المنظمة 688 فدائيًا.
كانت تدار أعمال المنظمة داخل سيناء من خلال ثلاثة مراكز قيادة فى بورسعيد والإسماعيلية والسويس، ولدى كل مركز قائمة بعناصر بدوية تنقل المعلومات من سيناء، وتنفذ توجيهات القيادة بإتمام ضربات خاطفة داخل عمق سيناء.
وقد كان أهل سيناء أفضل من يقوم بهذه المهمة بأنفسهم أو من خلال مساعدة وإرشاد أبطال المجموعة "39 قتال" داخل صحراء ومياه سيناء، نظرًا لمعرفتهم الدقيقة بجغرافية المكان ولقدرتهم على التحرك والتخفي.أطلق عليهم وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه ديان لقب "الأشباح" من كثرة ضربتهم الموجعة
وكانوا مطلوبين للمحاكمة داخل إسرائيل، وبالفعل تعرض بعضهم للاعتقال والتعذيب قبل نصر أكتوبر، وتم الإفراج عنهم بعد ذلك ضمن صفقات تبادل الأسرى بعد انتهاء المعركة.
"لم تكن لدينا أقمار صناعية، لكن كانت لدينا هذه الأعين الثاقبة والصادقة من أبناء سيناء، لقد جعلوا المواقع الإسرائيلية كتابًا مفتوحًا أمام القوات المسلحة، فلولا أبناء سيناء ما كانت حرب أكتوبر وما تحررت سيناء".
خلال حرب الاستنزاف كانت إسرائيل متفوقة على مصر فى الإمكانيات العسكرية والمعلوماتية من خلال المساندة الأمريكية لها. ولكن مصر تفوقت بولاء أهل سيناء ودفاعهم عن تراب الوطن
أصرت أهل سيناء على تحرير الأرض، حيث حاول الإسرائيليون شراءهم وإغراءهم بالكثير من الود والجهد والمال، ولكن الاختيار السيناوى كان واضحًا منذ البداية، ومن ثم امتلك الجيش المصرى "رادارات "بشرية" خلف خطوط العدو تفوقت على الأقمار الصناعية الأمريكية، وهو ما جعلها تحقق النصر المبين
من أسباب نصر أكتوبر هى: استخدام "القيادة، القوات المسلحة، المخابرات الحربية، البدو أبناء سيناء الداعمون لنصر أكتوبر فهم المنظار الحقيقى للقوات داخل وخلف خطوط العدو. بالإضافة لجمع البيانات، كانوا كذلك ذراع الجيش لتنفيذ المهام الفدائية الخاطفة، مثل زرع الألغام وتفجير الأهداف. مثل تدمير مطار بالوظة
كان دخول سيناء مغامرة كبيرة بالنسبة لأى ضابط مصري، فكان السيناوي يقوم بتنفيذ عملية أخرى ونجحوا خلالها فى تدمير أجهزة جديدة للعدو تعمل بالأشعة تحت الحمراء لكشف الأفراد، وعملية تدمير مقر الحاكم العسكرى الإسرائيلى ومحطات وقود لتموين سيارات الجيش الصهيوني، ونجحت بدرجة مائة بالمئة
يكفى موقف قبائل سيناء ومشايخها فى مؤتمر الحسنة للدلالة على وعى ووطنية وانتماء أهل سيناء إلى وطنهم الوحيد مصر. فبينما كانت إسرائيل تخطط لعزل سيناء عن مصر من خلال إعلان رغبة سكانها فى الانفصال وتكوين دولتهم المستقلة، وهو ما يعنى سقوط حق القاهرة فى المطالبة باستعادة الأراضى المصرية المحتلة،
كان مشايخ القبائل ينسقون سرًا مع المخابرات المصرية لاستدراج موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلى وإقناعه بقبول المشايخ للفكرة مبدئيًا. وأمام كاميرات وصحف العالم التى جمعتها إسرائيل أعلنت القبائل أمام وكالات الأنباء العالمية رفضها التدويل، وقالوا سيناء مصرية وقطعة من مصر ولا نرضى وطن بديلًا عن مصر
وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل، وأمر سيناء فى يد مصر، سيناء مصرية مائة فى المائة ولا نملك فيها شبرًا واحدًا يمكننا التفريط فيه".هكذا قالت قبائل سيناء وقت الحرب
إن البطولات التى سجلها بدو سيناء خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، والموقف الجماعى لقبائل سيناء فى مؤتمر الحسنة، جميعها تمثل صفحة نضال مجيدة يضمها كتاب كفاح هذا الشعب ضد المحتل الإسرائيلى، وتجسيدًا لصورة مشرقة يجب أن يترجمها الواقع الراهن من خلال المحافظة على ذاكرة الوطن
وعلينا توجيه التحيه والتقدير لكل اهل الفيروز وتوعية الأجيال المتعاقبة بهذه التضحيات، ولكي تمثل هذه التضحيات ومضامينها رسالة وقوة دفع حقيقية لمواجهة التحديات والمخاطر الراهنة التى تواجه أهل سيناء والدولة المصرية فحرب أكتوبر كانت بمشاركة الشعب المصري بكل قبائله وتنوعه ليتحقق النصر المبين