أيمن محسب

عام جديد من الدعم المصرى للقضية الفلسطينية

الإثنين، 07 أكتوبر 2024 10:28 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تُعد عملية طوفان الأقصى التي نفذها مقاتلو المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس عبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام، ضد المستوطنات الإسرائيلية الواقعة في غلاف غزة، نقطة تحول في تاريخ الشرق الأوسط وتاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، حيث اتخذت دولة الاحتلال من العملية ذريعة لها لشن عدوان لا إنساني على قطاع غزة، فعلى مدار عام كامل ارتكبت إسرائيل المئات من المجازر ضد المدنيين الفلسطينيين بالإضافة إلى تدمير  شبه كامل للبنية التحتية للقطاع، انتهت باحتلال قطاع غزة والسيطرة على كافة معابره، وفرض حصار على أهل القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية، الأمر الذي انتهى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية داخل القطاع بشكل غير مسبوق في ظل صمت عالمي غير مسبوق ، إلا أنه في ظل هذا الصمت كان هناك صوت وحيد حمل على عاتقه الهم الفلسطيني وطاف به العالم لفضح الجرائم الإسرائيلية والرد على المزاعم التي روج لها اللوبي الصهيوني في العالم لتبرير جرائمهم، فكانت الدولة المصرية حاضرة ورقم فاعل في تعريف العالم بالقضية الفلسطينية، والتأكيد على أن طوفان الأقصى ليس البداية وإنما هو رد فعل على انتهاكات إسرائيلية مستمرة ضد الفلسطينيين ليس فقط في قطاع غزة وإنما أيضا في الضفة الغربية، وهو ما حقق صدي خارجي غير مسبوق فانتفضت شعوب العالم ضد الجرائم الإسرائيلية والكثير منها نجح في إحداث تغيير حقيقي في موقف حكوماتها من القضية الفلسطينية، وصلت إلى حد اعتراف عدد من الدول الأوربية بالدولة الفلسطينية المستقلة.

مركزية القضية الفلسطينية

منذ اليوم الأول من اندلاع الحرب الغاشمة على أهالي قطاع غزة، أعلنت الدولة المصرية أن القضية الفلسطينية كانت وما زالت القضية المركزية للأمة العربية، الأمر الذي يعكس إدراك القيادة السياسية لمحورية القضية، وأن مصر عليها مسئولية تاريخية وقومية وإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، ومهما بلغت التحديات التي تواجه الدولة المصرية داخليا وخارجيا تظل القضية الفلسطينية في قلب أولويات الدولة المصرية، وذلك في إطار إيمان مصري راسخ أنه لا سبيل لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم كله، دون التوصل إلى حل جذري عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

الدولة المصرية تتحرك في مسارات متوازية دعما للقضية الفلسطينية

وأخذت الدولة المصرية على عاتقها منذ اليوم الأول للحرب التحرك في مسارات متوازية، دعما للقضية الفلسطينية، سواء من خلال استثمار المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين العُزل لإعادة القضية الفلسطينية للصدارة مرة أخري، وفرضها على الأجندة الدولية والإقليمية، مع فضح سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء المصرية وتصفية القضية الفلسطينية وهو السيناريو الذي عملت إسرائيل على تنفيذه منذ اليوم الأول للحرب، لكن صلابة الموقف المصري حالت دون أن تحقق إسرائيل أهدافها بتحويل قطاع غزة إلى أرض بلا شعب ومن ثم تتمكن من السيطرة عليها.
وفي ظل النشاط الدبلوماسي المصري، لم تتوقف التحذيرات المصرية من خطورة  التصعيد الاستمرار في هذه الحرب التي قد تجر المنطقة إلى الهاوية من خلال توسيع دائرة الصراع الإقليمي، في حال انزلاق قوى إقليمية ودولية في هذه الحرب، وهو ما حدث بالفعل والتي كان أخرها الرد الإيراني بإطلاق مئات الصواريخ البلاستيه  التي وصلت إلى كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي جاءت ردا على سلسلة الاغتيالات التي نفذتها دولة الاحتلال وطالت عدد من قيادات حركة حماس وحزب الله اللبناني.

الحقيقة أن عملية طوفان الأقصى أظهرت بجلاء صدق وصحة الرؤية المصرية، بضرورة دعم التهدئة في المنطقة، فخاضت جولات عديدة من المفاوضات  من أجل الوصول إلى التهدئة، وقد نجحت في بعض جولاتها من إعلان التهدئة لأربع  أيام تم تجديدها، مع إتمام صفقة لتبادل الأسرى والرهائن، ولكنها فشلت في جولات آخري بسبب التعنت الإسرائيلي وإصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استمرار هذه الحرب من أجل تحقيق مكاسب وهمية أمام الداخل الإسرائيلي، وتعطيل محاكمته في قضايا الفساد الداخلي.

مصر تدين بوضوح استهداف المدنيين وتستنكر ازدواجية معايير  المجتمع الدولى

ولم تتوقف القيادة المصرية والمسئولين المصريين عن مخاطبة الأطراف الفاعلة على المستوى الدولي، والمنخرطة في دعم جهود استئناف عملية السلام، إلى التدخل الفوري لوقف هذا التصعيد، وحث إسرائيل على وقف الانتهاكات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني بشأن مسؤوليات دولة الاحتلال، وهى الدعوات التي تُوجت بعقد مؤتمر القاهرة للسلام لبحث تطورات القضية الفلسطينية، في 21 أكتوبر، بمشاركة عدد كبير من الملوك والرؤساء، والمنظمات الدولية، وخلال القمة أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام العالم ، " ما يحدث في قطاع غزة يمتحن إنسانيتنا، قبل مصالحنا، يختبر عمق إيماننا بقيمة الإنسان، وحقه في الحياة وتضع المبادئ، التي ندّعي أننا نعتنقها، في موضع التساؤل والفحص"، مدينا  استهداف، أو قتل، أو ترويع المدنيين، معبرا عن دهشته من أن يقف العالم مُتفرجا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، في قطاع غزة يُفرض عليهم عقاب جماعي، وحصار، وتجويــع وضــغوطٌ عنيفــة للتهجير القسري في ممارسات نبذها العالم المتحضر الذي أبرم الاتفاقيات، وأسس القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، لتجريمها، ومنع تكرارها.

وفي موقف مصري شديد القوة والوضوح وضع الرئيس السيسي العالم أمام مسئولياته وذلك عندما استنكر في كلمته المعايير المزدوجة، وغياب المساواة بين البشر، مؤكدًا  أن حل القضية الفلسطينية، ليس في التهجير، وليس بدفع شعب بأكمله إلى مناطق أخرى؛ بل إن الحل الوحيد لها هو العدل، وذلك بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في تقرير مصيرهم، والعيش بكرامة وأمان على أرضهم، في دولة مستقلة مثلهم، مثل باقي شعوب العالم.

كانت كلمة الرئيس السيسي التاريخية، هي ملخص للرؤية المصرية في التعامل مع القضية الفلسطينية، وهو الموقف الذي أكد عليه الرئيس مرة أخرى في القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التي عُقِدَت في العاصمة السعودية الرياض في 11 نوفمبر 2023، وكذا في مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته غير العادية، المنعقدة في 11 أكتوبر 2023.

الجهود الإنسانية والإغاثية لم تتوقف يوما

لم تقتصر الجهود المصرية على الجانب السياسي والدبلوماسي، فقد خاضت مصر ومؤسساتها وشعبها ملحمة إنسانية لا مثيل لها، من أجل تقديم المساعدات الإغاثية إلى أهالينا في قطاع غزة، لتخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشونها بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل والحصار المفروض عليهم، وذلك على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الاقتصاد المصري، بسبب تداعيات الأزمة الدولية المتلاحقة بداية من جائحة كورونا وصولا إلى الحرب الروسية – الأوكرانية، لكن وضعت مصر ملف المساعدات في قلب أولوياتها حيث على تأمين التدفق المستدام والآمن للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، أعلنت أمام العالم تخصيص مطار العريش لاستقبال المساعدات الإنسانية، والتي انتهت إلى أن نجاح مصر في تقديم 80% من حجم المساعدات التي وصلت للقطاع وحدها، فيما قدمت دول العالم مجتمعية ما يُقدر بـ 20% فقط، فضلا عن تنظيم قوافل الإغاثة والقوافل الشعبية ودفعها في اتجاه المعبر لدعم الأشقاء، والضغط على الجانب الإسرائيلي للحد من التضييقات المفروضة على دخول المساعدات، والسماح بإنفاذها بما يسمح بسد احتياجات أهالي القطاع، كذلك تقديم الدعم الطبي والموافقة على استقبال المئات من أهالي القطاع للعلاج في المستشفيات المصرية، وتسهيل عبور الفلسطينيين والرعايا الأجانب، ومزدوجي الجنسية، والمصريين العالقين بالقطاع.

وأخيرا .. فإنه على مدار عام كامل كانت القضية الفلسطينية في قلب الأولويات المصرية، رغم ما تواجهه مصر من تحديات بسبب الاضطرابات، والصراعات، والتوترات، والنزاعات، التي تحاصرها حدوديا لكن تظل فلسطين في موقع الصدارة، لتصبح مصر هي الداعم الأول والأبرز للقضية الفلسطينية منذ بداية الصراع عام 1948 وحتى الآن، تحمل على أكتافها عبء حشد العالم من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وإقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، باعتباره الحل الوحيد الدائم لتسوية الصراع عبر مسار سياسي سلمي يُجنب المنطقة الصراعات والحروب الى يدفع الجميع ضريبتها.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة