لاشك أن دعوة الرئيس السيسى للمشاركة في قمة مجموعة العشرين G20 بالبرازيل تأتى في إطار ثقل مصر السياسى والاستراتيجى ليس في الإقليم بل في العالم في ظل احتدام التنافس الدولى والسعى الجاد نحو التحول إلى عالم متعدد الأقطاب، ويأتي أيضا في إطار نجاح الدولة المصرية ونزاهة سياستها الخارجية فى تحقيق توازنات استراتيجية كبيرة ومتعددة في كثير من القضايا والأزمات الإقليمية خاصة أن قدر مصر أن تحاك بكثير من الأخطار وأن تعيش وسط حزام من نار في ظل إقليم مشتعل الكل يبحث عن مخرج، غير أنها بوابة أفريقيا التي تشهد حالة كبيرة من تنافس القوى العظمى عل مقدراتها ومواردها، وأيضا في ظل قدرها أن تكون السند الأول والداعم الأكبر لوطنها العربى وصوت الحق والمدافع الأول عن قضايا قاراتها وحقوقها في التنمية والسلام.
لذا، فمن المؤكد أن مشاركة مصر في قمة المجموعة الاقتصادية التي تمثل 80% من إجمالي الإنتاج العالمى، وحصتها من حجم التجارة العالمية 75%، يعود بالنفع والثمارة العديدة وأول هذه الثمار – في اعتقادنا - تعزيز العلاقات مع الاقتصادات الكبرى فى العالم، ما يعود بجذب الاستثمارات الأجنبية، وفتح آفاق تعاون جديد مع الدول الأعضاء فى تلك المجموعات لتبادل الخبرات فى كافة المجالات الاقتصادية والصناعية على الأخص في ظل حرص مصر على توطين الصناعة، خلاف أن هذا يؤدى - قطعا - إلى زيادة فرص التبادل التجارى بين مصر وأعضاء تلك التكتلات الكبرى.
غير أن من المهم أن ندرك أن وجود مصر فى حضرة دول ذات اقتصاديات كبرى من شأنه توسعة قاعدة الصادرات وتصدير المنتجات المصرية، وتعزيز موارد العملة الصعبة، فضلاً عن الحصول على امتيازات، مثل استيراد منتجات بتكلفة منخفضة، والحصول على تمويلات لمشروعات مجتمعية أو تنموية، وكذلك تمكين مصر من الحصول على دعم وتعاون مع المؤسسات المالية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في برامج تنموية لتعزيز اقتصادها ومواجهة التحديات الاقتصادية.
إضافة إلى أن وجود مصر ومشاركتها يدعم القارة الأفريقية على كل المستويات خاصة في تقديم المساندة الفعالة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فضلاً عن تمكنها من الدفاع عن حق القارة بشأن التزام الدول المتقدمة بتعهداتها فى إطار الاتفاقيات والآليات الدولية لمواجهة التغيرات المناخية.
والأهم أن هذا كله يأتي في ظل رغبة مصرية في التحالف مع التكتلات الاقتصادية الكبرى، الأمر الذى يُزيد من ثقلها السياسى والاستراتيجى ودورها في القارة والإقليم، ما يعود بالنفع على دورها في شئونها الإقليمية والدولية ويمنح مرونة لصانعى القرار التحرك في كافة الملفات التي تخص الدولة المصرية سياسيا واقتصاديا وما أكثر في ظل تعدد بؤر الصراعات والنزاعات وكثرة المتغيرات والتهديدات.
وأخيرا.. فمن المؤكد أن مصر خلال السنوات القليلة الماضية كان لها تجارب نجاح وتجارب تنموية وحققت الإعجاز في ملفات وقضايا ملحة للقارة وللدول النامية كقضية الأمن الغذائي، وقضية الطاقة المتجددة وأزمة التغيرات المناخية، ما جعلها قوة إقليمية مرحب بها لما تمتله من قدرات وحكمة ورشد ومستقبلا واعدا..