لا أحد يختلف أن المصالحة الفلسطينية بات تحقيقها ضرورة حتمية، اليوم قبل الغد، في ظل الظروف الراهنة، وما تتعرض إليه فلسطين من حرب عدوانية غاشمة تستهدف قتل كل مقومات الحياة وتصفية القضية الفلسطينية بكل الوسائل والأدوات لدرجة وصلت لارتكاب إسرائيل جرائم حرب وممارسة أعمال إبادة جماعية والعمل على تقطيع الأواصل في قطاع غزة والضفة الغربية والاستمرار في أعمال تهويد المدينة المقدسة ما يعنى تغيير الواقع الزمانى والمكانى ليتحقق الهدف من وراء هذا كله هو استحالة إقامة دولة فلسطينية.
ولأنه ليس من المعقول أنه في ظل معاناة الفلسطينيين وقتلهم وتجويعهم وتشريد أطفالهم ونسائهم وتسميم أراضيهم الزراعية، أن يظلوا مختلفين ومنقسمين، فالاصطفاف والتوحد بات واجب وطنى وفرض عين الآن بعيدا عن وجهات النظر والسياسة، فالشعب يتم إبادتهم والأرضى يتم سلبها، والعدو متوحش يفعل ما يشاء ويرتكب أبشع الجرائم في ظل عالم يتواطئ معه ويمنحه غطاءا وفرصة لإبادة شعب بأكمله.
وهنا تأتى أهمية دور مصر وجهودها في إحداث تقدما كبيرا أمس بين حركتي فتح وحماس، الذى أبدتا خلال مفاوضاتهما في القاهرة مزيدا من المرونة والإيجابية تجاه إنشاء لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غز، لتغلق الباب أمام اليوم التالى للحرب الذى يتزرع بها نتنياهو ومن ورائه الولايات المتحدة.
والمقدر أن لجنة الإسناد المجتمعي تتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمن شخصيات مستقلة، وستصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتتحمل إدارة قطاع غزة.
وكلنا أمل أن تنجح هذه المفاوضات وتكتمل بتشكيل نهائي للجنة وعقد اتفاق دائم للمصالحة.
والأجمل أن رغم محاولات تشويه الدور المصرى والتقليل منه، إلا أن مصر لا تكترس بهذه الدعاية المسمومة التي تروج ضدها والتي تأتى بهدف منعها من مواصلة دعمها وجهودها.
والعجيب أن هناك من يبلع الطعم وينساق وراء هذه الشائعات ومحاولات التشكيك في مصر وينفذ رغبات العدو، ويتناسى أن الأمة العربية تبدأ بمصر وتنتهى بمصر، وأن الموقف المصرى من قضية فلسطين في أي مرحلة لا يخضع لحسابات مصالح آنية، ولم يكن أبدا ورقة لمساومات إقليمية أو دولية.
بل يتناسى أن مصر هي من قدمت خلال مراحل القضية الفلسطينية المختلفة كافة أشكال الدعم والمساندة، وكانت الجهود التي قامت بها هي العامل الرئيسي في الإعتراف الدولي بتلك القضية، وتحويلها من مجرد قضية لاجئين إلى قضية شعب ووطن
وأخيرا نقول: إن نجاح مصر في إقناع حركتى فتح وحماس، يؤكد مجدداً خطأ المزاعم التي يرددها البعض بتراجع دور مصر الإقليمي، وأن مصر كانت وستظل الدولة الأكثر تأثيراً فيما يجرى بالمنطقة.