تلك التي كانت تُرى في الأستوديوهات وكأنها جزء من نبض الشاشة، تطل بابتسامة دافئة وقلب مشبع بالحب للآخرين، صفاء حجازي، الإعلامية التي اختارت أن يكون صوتها نافذة من النقاء، ويدها الحانية على كل فكرة إنسانية، هي التي أضاءت بريق الإعلام المصري في لحظات التحدي، وركضت خلف الحقيقة بثبات، رغم العواصف.
مَسيرة صفاء حجازي لم تكن مجرد رحلة إعلامية، بل كانت قصة إنسانية بامتياز، في زمن يزدحم فيه الإعلام بالمعلومات والأنباء السريعة، كانت "حجازي" تُعطي لكل حرف ولغة وزنًا ومعنى، تتقن فن الحديث من دون بهرجة، وتنقش على الشاشة كلمات عميقة تتغلغل في القلوب.
لم تكن كلمة "مهنية" سوى بداية للوصف، بل كانت أكثر من ذلك، كانت تلك المذيعة التي لا ترى في الكاميرا مجرد عدسة، بل روحًا تعكس ضوء الحقيقة، وأداة لتمرير مشاعر صادقة لمتابعيها.
إذ تُسبر أغوار الأزمات والمواقف الصعبة، تظل "حجازي" لا تحمل في قلبها سوى الأمل والتفاؤل، في لحظات من الحزن، كانت تحمل في عينيها عزيمة لا تلين، وفي أوقات الفرح، كانت تبتسم لنا وكأن الفرح لا يتسع إلا بوجودها، قدرتها على التنقل بين المواضيع من الجاد إلى الفكاهي، ومن المأساوي إلى المُلهم، جعلت منها نموذجًا إعلاميًا يبتعد عن التكرار ويسعى دائمًا للابتكار.
صفاء حجازي، بعيدًا عن الأضواء والكاميرات، كانت إنسانة قبل كل شيء، قبل أن تكون مذيعة، كانت صديقة، وأمًّا، ورفيقة درب، تسعى دائمًا لمساعدة الآخرين بكل ما تملك من حب ورحمة، هي التي كانت تضع الإنسان في قلب كل برنامج، وتحرص على أن يكون لكل قضية صوت وعنوان.
لم تكن تقتصر على تقديم الأخبار، بل كانت تقدم رسائل حياة، وأحيانًا رسائل أمل لشعبٍ مكسور، بكت وعاشت معه الآلام، ولكنها كانت دائمًا تقوده إلى النور.
صفاء حجازي، هي التي علمتنا أن الإعلام ليس فقط في نقل الخبر، بل في جعل القلب يصدق ما يراه العين، كانت تجسد بكل حرف تُنطقه، وبكل لمسة على الشاشة، حقيقة أن الإعلام يمكن أن يكون أكثر من مجرد مهنة؛ بل يمكن أن يكون رسالة إنسانية، ورسالة حياة.