تحول حلم تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر إلى حقيقة بإرادة حقيقية من الدولة المصرية فى تسهيل ملف تصوير الأعمال العالمية على أرض مصر، وهو الأمر الذى نادى به كثير من السينمائيين وصناع السينما، لما له من أهمية كبيرة على أكثر من مستوى.
«اليوم السابع» فتح ملف تصوير الأعمال الأجنبية فى مصر، بندوة صحفية فى مقر الجريدة شارك فيها مسؤولو تصوير الأفلام العالمية فى مصر، هانى أبوالحسن مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى للتعاون الدولى وأحمد سامى بدوى مدير عام لجنة مصر للأفلام، بحضور الكاتبة الصحفية علا الشافعى وعدد من نقاد السينما وهم صفاء الليثى وزين خيرى شلبى ورامى المتولى ومحمد نبيل والزملاء بقسم الفن مصطفى القصبى ولميس محمد وأسر أحمد.
البداية كانت مع علا الشافعى رئيس تحرير «اليوم السابع» والتى قالت إن الهدف من الندوة هو إلقاء الضور على ملف تصوير الأعمال الأجنبية فى مصر، وترى أنها هرمت من أجل هذه اللحظة لأنه منذ بداية عملها فى مجال الصحافة والسينما وهى تنتظر هذه اللحظة وكان هناك الكثير من المطالبات بتسهيل إجراءات التصوير فى مصر، وأشارت علا الشافعى، إلى أنه مؤخرا حدث حراك كبير وخطوات جادة لاستقبال تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر، وهو أمر هام، خاصة أن هناك بعض الدول سبقتنا فى نفس الملف بخطوات كبيرة، فى الوقت الذى تستحق فيه مصر بثرائها الجغرافى وأماكن التصوير المفتوحة فيها وإمكانياتها أن تتواجد على خريطة تصوير الأعمال الأجنبية.
ومن جانبه قال الدكتور هانى أبو الحسن سلام، مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى للتعاون الدولى إن هناك إرادة من الدولة المصرية لتسهيل تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر، وأنه تم اتخاذ خطوات جادة فى هذا الملف، وأصبح هناك جهة واحدة هى المسؤولة عن التصاريح هى لجنة مصر للأفلام، والمسؤولة عن تسهيل أى عقبات أمام التصوير، وهو أمر له أكثر من بعد، ليس فقط عائدا اقتصاديا، وإنما هو مؤشر حول سمعة الدولة المصرية والتنمية المستدامة بها والتأكيد على أن مصر آمنة ومستقرة ولديها كل الإمكانيات ويستطيع صناع السنيما الأجنبية التواجد والتصوير فيها بكل حرية دون قيود، وأشار سلام إلى بعد آخر هو فكرة حرية الرأى والتعبير فى الأفلام العالمية وهو يعكس وجهة نظر إيجابية تجاه الدولة المصرية، لأنه لا يوجد قيود على محتوى الأعمال الأجنبية وإنما نقاشات حول السيناريو وتنتهى بالموافقة والتصريح بتصوير العمل، لأنه من البداية لا يتم الحكم على الأعمال العالمية بالمعايير المحلية.
ويأتى ذلك وفقا لقرار رئيس الوزراء بأن تتلقى مدينة الإنتاج الإعلامى وتفحص وتصدر التصاريح من كل الأجهزة والهيئات ومنها وزارة السياحة والأثار لأنها الأكثر طلبا للتصوير بالأعمال الأجنبية، ورغم أن الأهرامات ظهرت كثيرا فى أعمال عالمية لكن الكثيرين ما زالوا حريصين على التصوير عند سفح الهرم لأنه مميز ولم يظهر بشكل حقيقى من قبل، وتتلقى لجنة مصر للأفلام كثيرا من الطلبات حول تصوير الهرم بأفكار جديدة ورؤى مختلفة.
وأكمل هانى أبوالحسن، أن التحضير لتلك الخطوة شهد العديد من التحضير، والمقابلات على مدار سنوات لنعرف كيف يفكر العالم وما يحتاجه صناع الأفلام الأجنبية لتوفيره فى مصر، مشيرا إلى أنه كان يسافر من مصر وفد رسمى كامل يجوب العالم لنقول إننا الدولة وأننا نسهل كل الإجراءات ونقدم عرضا حقيقيا للتصوير فى مصر بلا قيود بل وبتسهيلات غير موجودة فى دول حولنا، مؤكدا أن البداية كانت فى 2020 بفيلم تسجيلى فى منطقة الأهرامات، ولكن جاءت جائحة كورونا فعطلت الأمر قليلا.
من جانبها تساءلت الناقدة السينمائية صفاء الليثى عن الصلاحيات المخولة للجنة مصر للأفلام وهل تتعارض مع اللوائح الموجودة للتصوير المحلي؟، وفى هذا السياق قال الدكتور هانى أبو الحسن، إن هناك إرادة قوية من الدولة بتسهيل كل الإجراءات وما نتحدث عنه هو أننا نتعامل بمعاير عالمية مع تصوير الأعمال الأجنبية فى مصر وبالتالى لا يجوز تطبيق اللوائح المحلية والمعايير المحلية عليها.
وبدوره قال أحمد سامى بدوى مدير عام لجنة مصر للأفلام، خلال الندوة، إن عدد الأعمال الأجنبية التى تم تصويرها فى مصر وصل إلى أكثر من 60 عمل وفى عام 2024 تم تصوير 20 فيلما، ومن أكبر هذه الأفلام، فيلم النجمة العالمية ناتالى بورتمان والنجم العالمى جون كراسينسكى فى Fountain of Youth للمخرج جاى ريتشى، واستغرق التصوير 10 أيام بسفح الهرم، وهو من إنتاج شركة Skydance التى قدمت أغلب أعمال النجم العالمى توم كروز، وتم تصوير المشاهد داخل الهرم وخارجه وتم الاستعانة بطائرتين هليكوبتر من القوات الجوية واحدة كبيرة وظهرت على الشاشة فى الفيلم الذى سيعرض العام المقبل وطائرة أخرى كانت تصور المشهد، وضمت المشاهد القوات الخاصة والأمن المركزى بملابسهم، وتضمنت المشاهد تبادل إطلاق نار أمام هرم منقرع والتصوير تم بعدد من الكاميرات الدرون وهو إنجاز كبير لأنه قبل ذلك لم يكن متاح التصوير عند الأهرامات فما بالك بالتصوير فى وجود هليكوبتر واشتباكات وتبادل لإطلاق النار، وأكمل سامى، أن فيلم نيل بيرجر Inheritance صور أيضا فى مصر وكانت تجربته مهمة وصور فى الأهرامات والحسين وأستطيع أن أقول إن اللجنة حلت أكثر من 90 بالمائة من المشاكل التى واجهته.
وتساءل الناقد السينمائى زين خيرى، حول ما يقدمه الجانب الأجنبى للحصول على تصريح التصوير فى مصر، ورد هانى أبو الحسن مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى للتعاون الدولى، بأنه يقدم سيناريو كاملا وتتم المناقشة عليه وفى النهاية يتم الموافقة على تصوير العمل، ونحصل له على كل التصاريح وفى أغلب الأحيان يتم الموافقة على كل الأعمال فيما عدا ما تحمل أجندة خاصة، وتم تصوير 60 عملا بسلاسة ودون مشكلات.
فيما قال الناقد السينمائى رامى المتولى، إن ما قدم هو قفزة كبيرة فى ملف تصوير السينما العالمية والأعمال الأجنبية فى مصر، ولكن هل اللجنة تتواصل مع جهات أخرى لعمل توعية لكيفية التعامل مع فريق التصوير فى الشوارع مثلا؟، ورد الدكتور هانى أبو الحسن بأن هذا الأمر ليس دور اللجنة وأن هناك جهات أخرى هى المسؤولة عن عمل تلك التوعية وهو أمر نحن فى حاجة إليه لأن الأعمال الأجنبية التى يتم تصويرها فى مصر لها طبيعة خاصة وقيود مختلفة عن تصوير الأعمال المحلية ويتم تصويرها فى سرية تامة طبقا لقواعد الجهة المنتجة للعمل.
وعن سؤال للناقد السينمائى زين خيرى شلبى حول تعاون جهات الإنتاج العالمية مع الشركات المصرية؟، قال أحمد سامى بدوى مدير عام لجنة مصر للأفلام، إنه تم التعاون مع شركة أفلام مصر العالمية وشركة شريف عرفة لتنفيذ التصوير وتسهيل عملية الإنتاج على الأرض، مؤكدا أن الفرق التى تحضر لمصر هى الصفوف الأولى من فريق الإنتاج والباقى يتم توفيره من مصر من خلال عناصر مميزة من مصورين ومساعدين ومديرين تصوير وغيرها وهو ما يمنح الفرق المساعدة خبرات كبيرة تنقل لغيرهم، مؤكدا أن التصوير مفتوح فى كل مكان وأغلب الطلبات تأتى للتصوير فى البحر الأحمر والمتوسط ونهر النيل والأماكن الأثرية، وبأسعار أفضل مما تقدمه الدول المنافسة من حولنا.
وتساءل الناقد السينمائى محمد نبيل، حول تقديم دول فى الجوار ميزة الـcash back، بمعنى رد مبلغ من المال المدفوع فى عملية التصوير وبالتالى يكون نوع من التشجيع على العودة مرة أخرى، وفى هذا الصدد رد أحمد سامى بدوى مدير عام لجنة مصر للأفلام بأن خدمة الـcash back، تقدم للجهة الإنتاجية التى تصور داخل مدينة الإنتاج الإعلامى وتصل إلى 30 بالمائة، عند وصول التكلفة الإنتاجية لمبلغ معين وبالمناسبة ليس رقم كبير، أما تقديم ميزة الكاش باك للعمليات الإنتاجية التى تقدم خارج المدينة فهو أمر قيد الدراسة.
وفى هذا الشأن قال هانى أبو الحسن مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى للتعاون الدولي، إن الأردن تقدم ميزة الكاش باك بالفعل ولكنها بدأت تصوير الأعمال الأجنبية الكبيرة على أرضها منذ عام 2005 أى قبل حوالى 20 عاما، وهو ما سيطبق لدينا ولكن بعد أن تصبح لمصر حصة من التصوير العالمى وقتها نستطيع التفاوض على قيمة الكاش باك ولكن بعد أن تدور عجلة إنتاج الأعمال الأجنبية فى مصر بشكل كبير، وأكمل هانى أبو الحسن، أن ملف تصوير السنيما الأجنبية فى مصر بعيدا عن أى قيود أو لوائح محلية لأن القيود التى توضع على المصريين لا تتناسب مع الأجانب والدولة لديها إرادة أن ينجح الملف ولا بد من التسهيل والابتعاد عن التعقيدات لأن المنافسين ستسبقونا.
وعن المرونة فى تغيير أماكن التصوير أو طلب الجهات المنتجة التصوير فى مكان مختلف عن المكان المصرح بالتصوير فيه، قال أحمد سامى بدوى مدير عام لجنة مصر للأفلام، إن اللجنة تقدم المعلومات الكاملة للجهة المنتجة حول أماكن التصوير، عن أقرب مستشفى، أو أقرب طريق ممهد للمنطقة التى سيتم التصوير فيها وأيضا أقرب فندق يمكن الإقامة فيه وقت التصوير وندرس كل التجهيزات ويتتم الموافقة على السيناريو خلال 3 أيام وننهى كل التصاريح فى 14 يوما.
واستطرد بدوى: حدث وأن تراجع المخرج نيل بيرجر عن التصوير فى أحد الأماكن على النيل وقام بعمل جولة واختار مكانا مختلفا والتصريح تم إنجازه فى ساعات قليلة وصور فى المكان الذى اختاره، وأشار بدوى إلى أن هناك اهتماما كبيرا بالتصوير فى الأماكن الأثرية وتحديدا الأهرامات بشكلها الحقيقى والصحراء باختلاف طبيعتها والواحات والشواطئ حيث تم التصوير فى شرم الشيخ والغردقة بالإضافة لسيناء، وهو ما يتم بالتنسيق مع كل الجهات ومنها وزارة الداخلية والمرور، وأغلق ميدان الخليفة على سبيل المثال، 18 مرة لتصوير مشاهد أكشن واشتباكات مسلحة لفيلم هندى كبير وهو ما يدل على أننا وصلنا لمرحلة ممتازة من التسهيلات للتصوير فى مصر.
وأوضح بدوى: فى التحضير لفيلم المخرج جاى ريتشى، وصل لمصر 250 شخصا من فريق الإنتاج بمعداتهم وأنهوا إجراءاتهم وخرجوا من مطار القاهرة فى 40 دقيقة وهناك معدات تم شحنها عبارة عن أسلحة مزيفة داخل كونتينر كامل من بريطانيا من خلال شركة متخصصة وتم التصريح بدخوله فى يومين فقط، هذا هو حجم الإنجاز الذى تم.
وفى نهاية الندوة تساءل الناقد زين خيرى شلبى حول عدم الإفصاح عن حجم المجهود فى السنوات الماضية، ليرد هانى أبو الحسن مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى للتعاون الدولى، إنه لا يوجد تقصير فى الدعاية وكان الهدف خلال السنوات الماضية هو استهداف الرأى العام العالمى فى عالم صناعة السينما، وليس مصر ولم نعلن عما تم إنجازه فى مصر إلا فى الوقت المناسب وهو الوقت الحالى بعدما تحقق الحلم وأصبحنا على أرضية ثابتة بالتالى نستطيع التحدث، وتابع أبو الحسن: وعندما نعلن عن تصوير 60 عملا أجنبيا سيكون الوضع مختلفا عن عمل أو عملين وبالتالى ما تم إنجازه كان نتيجة دراسة ومذاكرة لكل التفاصيل وكان يجب الحديث وفتح الكلام فى الملف بعدما تم تصوير مشاهد ضخمة بمدرعات وطائرات وأكشن حتى يثق فينا الرأى العام.