سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مارس 1949.. موكب الضباط والجنود المحاصرين فى الفالوجة يشق شوارع القاهرة وسط هتافات الناس والملك فاروق يحتضن قائدهم السيد بك طه

الأحد، 10 مارس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مارس 1949.. موكب الضباط والجنود المحاصرين فى الفالوجة يشق شوارع القاهرة وسط هتافات الناس والملك فاروق يحتضن قائدهم السيد بك طه الملك فاروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة التاسعة والنصف صباح 10 مارس، مثل هذا اليوم، 1949، حينما سارت فى شوارع القاهرة قوات الجيش المصرى العائدة من حصار الفالوجة فى فلسطين، وزحام الناس يغطى كل شىء، ويتردد على لسانهم: «لقد انتصرنا»، حسبما تذكر مجلة آخر ساعة فى تغطيتها لهذا الحدث فى عددها 751، الصادر فى 16 مارس 1949.
 
كان حصار الفالوجة أحد الفصول التى وقعت أثناء حرب النكبة، ودارت على أرض فلسطين عام 1948 بين العصابات الصهيونية والجيوش العربية، وكان الجيش المصرى أحد هذه الجيوش، كما كان جمال عبدالناصر أحد الضباط فى هذا الحصار.
 
يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثالث من كتابه «فى أعقاب الثورة المصرية.. ثورة 1919»، أنه تبين من الحقائق التى تكشفت بعد انتهاء هذه الحرب أن هذه الجيوش لم تكن على تمام الأهبة والاستعداد، وتبين أن الجيش المصرى بالذات وقع عليه العبء الأكبر فى هذه الحرب، ولم يكن مستعدا الاستعداد الكافى للقتال، وبالرغم من ذلك فإن ضباط وجنود الجيش المصرى أدوا واجبهم كاملا، وأظهروا بطولتهم فى ميدان القتال، رغم الفوضى التى كانت تسيطر على قيادته والنقص فى سلاحه وذخيرته ومؤونته وخططه الحربية، وأبدى المتطوعون من المصريين شجاعة فى القتال.
 
يضيف «الرافعى» أنه فى شهر أكتوبر 1948، وبالرغم من الهدنة الرسمية التى قررها مجلس الأمن، فإن العصابات الصهيونية هاجمت القوات المصرية غدرا، بغرض ضرب الجيش المصرى على غرة ضربة قاصمة، وعظمت الخسائر من الجانبين، ووقفت جيوش الدول العربية الأخرى جامدة لا تحرك ساكنا، ولا تمد الجيش المصرى المساعدة والمعاونة.
 
 حاصرت العصابات الصهيونية الفالوجة، ويذكر «الرافعى»، أنها قرية تقع على بعد 40 كيلومترا من غزة و75 كيلومترا من القدس، وكان يرابط بها فى شهر أكتوبر سنة 1948 اللواء الرابع بقيادة الأميرالى السيد طه «الملقب بالضبع الأسود»، وبدأ حصارها فى 16 أكتوبر، واستمر 130 يوما كاملة، والقوة المصرية صامدة أمام هذا الحصار لا تذعن ولا تستسلم، واحتمل أفرادها عناء القتال والحصار بثبات وشجاعة وصبر، جعل منهم مفخرة من مفاخر الجيش المصرى.
 
يؤكد «الرافعى»، أن روح القوة المصرية المحاصرة ظلت قوية وعالية إلى أن تم توقيع الهدنة الدائمة فى جزيرة رودس، وكان من شروطها أن تبارح القوات المصرية الفالوجة بأسلحتها ومعداتها وعتادها ابتداء من 26 فبراير سنة 1949، واستقبل الشعب أبطال الفالوجة، واحتفلت العاصمة بعودتهم يوم 10 مارس سنة 1949 احتفالا قوميا رائعا.
 
تصف «آخر ساعة» مشاهد الاحتفالات بعودة الأبطال، قائلة: «لقد انتصرنا.. كانت هذه الكلمة تتردد على أكثر من لسان يوم احتفال الشعب بأبطال الفالوجة»، وتضيف: «كان من المقرر أن يكون الاحتفال رسميا، واتخذت قوات البوليس وقوات الجيش أماكنها منذ الصباح الباكر، ولكن الشعب سبقها، واتخذ أماكنه فى كل عمارة، وكأنه على باب مسرح الأوبرا، وفى منتصف الساعة التاسعة بدأ سير القوات يتقدمها قائد الفالوجة السيد بك طه، وارتفع فوق أحد دبابات الفالوجة، ولم يستطع الشعب أن يكبت شعوره، وكأنما ألهبته ألحان الموسيقى التى كانت تتقدم الفرق، واندفعت الجماهير نحو القائد، واختلط الشعب بالجيش، ولم يعد الاحتفال رسميا، ولكنه احتفال الشعب بجيشه، وكانت الهتافات المدوية تطغى على ألحان الموسيقى: «عاش بطل الفالوجة، وشق الموكب طريقه بين الكتل البشرية المتراصة بعضها فوق بعض، وفى كل خطوة تزداد الحماسة وتلتهب المشاعر».
 
تضيف «آخر ساعة»: «ترتفع الأبصار إلى أعلى لتشاهد بنت البلد وقد رفعت برقعها من فوق وجهها لتطلق زغرودة، وتجاوبت الزغاريد على طول الطريق، وامتزجت الزغاريد بالتصفيق مع هتافات الجماهير المجنونة بأشبال الفالوجة، ووقف قائد الفالوجة حائرا، لا يدرى كيف يرد التحيات إلى اليمين وإلى اليسار من فوق ومن تحت، هذا يناديه باسمه، وآخر يهتف له، وتساقطت الورود حوله من كل مكان، وألقى الكثير من نوافذ البيوت قطع الشوكولاتة والحلوى والورود فوق البطل والجنود».
 
تذكر «آخر ساعة»: «كان ضباط الجيش وجنوده يقفون مع الشعب يحييون أبطال الفالوجة، وكنت تسمع الجنود ينادون زملاءهم فى الاستعراض: حمدا لله على السلامة يا عبدالرحيم، أهلا بك يا مرجان يا بطل الفالوجة، عاش أبطال الفالوجة، وعندما احتضن جلالة الملك فاروق قائد الفالوجة السيد بك طه، قفز الجنود من أماكنهم يهتفون ويصفقون».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة