سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 مارس 1968.. أم كلثوم تقدم فى المغرب حفلتها الأخيرة أحد أجمل عشر حفلات قدمتها فى تاريخها الفني الطويل "

الثلاثاء، 12 مارس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 مارس 1968.. أم كلثوم تقدم فى المغرب حفلتها الأخيرة أحد أجمل عشر حفلات قدمتها فى تاريخها الفني الطويل " أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ترقب عشاق سيدة الغناء العربى أم كلثوم ما ستقدمه فى حفلها الثالث والأخير بالمغرب، يوم 12 مارس، مثل هذا اليوم، 1968، بعد أن استمعوا إلى روعة أدائها فى حفلتى 4 و8 مارس، حسبما يذكر الباحث كريم جمال فى كتابه «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربى».
 
كانت الحفلات الثلاث لصالح المجهود الحربى، الذى بدأته أم كلثوم بعد هزيمة 5 يونيو 1967، ويذكر «جمال» أن الكثير من كبار هواة غناء أم كلثوم يؤكدون أن حفلة 12 مارس يمكن تصنيفها كواحدة من أفضل عشر حفلات قدمتها أم كلثوم طوال تاريخها الفنى الطويل، لأنها كانت فى أفضل حالاتها الفنية، بعدما استأنست بالمغرب وأهله، وألفت الجمهور المغربى وتجاوبه وانفعاله، وربما ساعد على ذلك أيضا ما لمسته من محبة وتقدير على المستويين الشعبى والرسمى، يؤكد «جمال»: «كل تلك العوامل جعلت أم كلثوم فى قمة سلطتها الغنائية، وفى أعلى مراتب التجاوب النغمى».
 
يرى كريم جمال أن حفل 12 مارس كان له ثلاثة أبطال، أولا الصحافة المغربية التى ظلت تنشر يوميا تساؤلات حول الأغنيات التى ستقدمها أم كلثوم، خصوصا بعدما غنت لعبدالوهاب والسنباطى وبليغ، والبطل الثانى هو الجمهور المغربى الذى حول قاعة مسرح محمد الخامس إلى شعلة تفيض بالطرب والحماس، وأخيرا أم كلثوم التى دفعها ذكاؤها المعهود إلى التقاط رغبات الجماهير المغربية وخلجاتها، فكانت المفاجأة أنها غنت بعد طول انقطاع إحدى شوامخها السنباطية القديمة، وهى قصيدة رباعيات الخيام، من ترجمة أحمد رامى، ورائعة «هو صحيح الهوى غلاب» لبيرم التونسى وزكريا أحمد.
 
يذكر «جمال» أن ذلك الاختيار لم يكن ارتجاليا ولا وليد لحظة الحفل كما أشيع، ويستشهد بما ذكره الصحفى المغربى محمد حسن الرامى، الذى قابل أم كلثوم يوم 11 مارس، أنه فى أثناء انتظاره للسيدة أم كلثوم فى بهو فندق هيلتون الرباط، تناهى إلى سمعه نغمات من قصيدة «رباعيات الخيام، وهو صحيح الهوى غلاب» منبعثة من إحدى قاعات الفندق، تجرى فيها أم كلثوم بروفة مع فرقتها الموسيقية، وهو ما يؤكد استعدادها للحفلة بالأغنيتين.
 
بدأ الحفلة عندما صعد الفنان التشكيلى كمال الزبدى، وقدم لوحة فنية أسماها «الأطلال» من وحى أغنيتها، ثم بدأت الفرقة بالعزف، فعرفت الجماهير أنهم سيستمعون «رباعيات الخيام»، فهاج الحضور وعلا الصخب والتصفيق، وشدت أم كلثوم بقصيدة «رباعيات الخيام» لأول مرة فى 7 ديسمبر 1950، وحسب كريم جمال: «تحقق فى تلحينها إعجاز فنى خارق»، مؤكدا:  «رغم الأرشيف الحافل لتلك الرائعة من تفاريد وارتجالات قدمتها أم كلثوم طوال أحد عشر عاما، فإنه لا توجد حفلة تفيض بالنشوة والطرب كما يتميز التسجيل المغربى، وطالت وصلتها الأولى أكثر من 82 دقيقة، ولجأت إلى مداعبة الجماهير نغميا وكلاميا، فعند غنائها لبيت «أطفئ لظى القلب بشهد الرضاب»، بدلت كلمات البيت بكلمات معاكسة أخرى فى المعنى وقالت «أشعل هوى القلب بشهد الرضاب»، فكان هذا كافيا لملء القاعة بالهتاف والصراخ».
 
قدمت أم كلثوم فى وصلتها الثانية أغنية «هو صحيح الهوى غلاب» كلمات بيرم التونسى، وتلحين زكريا أحمد، وحسب «جمال»: «تعد بلا منازع أجمل وصلات تلك الأغنية وأطربها، فمن أول الغناء بدت أم كلثوم منتشية وممتلئة بالطرب، وشجعها التجاوب الجماهيرى الذى انبهر بأداء أم كلثوم رغم اقترابها من حاجز السبعين عاما، فأعادت المذهب والأغصان عدة مرات، ومع الغصن الثانى للأغنية بلغ الوجد مداه، فأقدمت على واحدة من أطول ارتجالاتها النغمية على الإطلاق، إذ مكثت أكثر من 45 دقيقة من أصل 74 دقيقة ترتجل فى مقطع «نظرة وكنت أحسبها سلام».
 
يضيف «جمال»: «تعمدت أم كلثوم التلوين والتلاعب بألفاظ المقطع، فوقفت عند لفظ «نظرة» الذى كان لفظا مفصليا فى الارتجال، إذ لجأت إلى إظهار «غنة» عجيبة فى ذلك اللفظ، وفى علوم التجويد تعرف «الغنة» بأنها صوت رخيم يخرج من الأنف، ولها فى التلاوة زمن محدد، لكن الغناء قد يطيلها المطرب أو يقصرها دون قاعدة محددة، فكان الأداء الكلثومى لتلك الوصلة أداء مشايخ بامتياز».
 
يؤكد «جمال» أنه رغم توافر تسعة عشرة تسجيلا لهذه الأغنية منذ تقديمها لأول مرة فى الأول من ديسمبر 1960، وتميز كل تسجيل منها، فإن تسجيل المغرب يظل قمة أدائها، إلى درجة أن الجماهير وقفت تصفق وتزغرد دقائق عدة، وربما فى أطول مقاطعة بالتصفيق عرفتها تسجيلات أم كلثوم التى وصلت إلينا، ومن فرط الإعجاب ظلت الجماهير تردد فى شكل جماعى زفة العرائس فى المغرب، ويقول مطلعها «صلاة وسلام على رسول الله.. لا جاه إلا جاه سيدنا محمد.. الله مع البناء العالى.. اللهم صلى عليك يا رسول الله..يا جاه النبى العظيم.. الجنة للصابرين.. الله ينصر علم النبى»، وهو ما أبهر أم كلثوم، فضحكت على هذا المشهد النجيب.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة