لاينكر أحد أن سياسة مصر الخارجية شهدت طفرة ونقلة نوعية منذ 2014، وباتت تواكب كافة الأحداث والتغيرات الإقليمية والدولية رغم كثرة التحديات والتهديدات الخارجية أو الداخلية، ومهما كان الموقف فالكل يشهد بنجاح الدولة المصرية فى رسم سياستها والتعبير عن موقفها وعرض رؤياها وأجندتها، وذلك باتباع وابتكار مفاهيم جديدة للدبلوماسية الرئاسية وغير الرئاسية، مثل دبلوماسية المؤتمرات، والدبلوماسية الاقتصادية والتنموية والبيئية، ودبلوماسية المناخ ودبلوماسية القمم.
ودلالات النجاح كثيرة ومتعددة منها وعلى رأسها حجم زيارات الرئيس السيسي إلى الخارج، وحجم زيارات الزعماء ورؤساء الحكومات الأجانب إلى مصر، ما مكنها من استعادة التوازن في علاقتها مع القوى الكبرى في العالم، وذلك من من خلال استمرار العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، وفى الوقت نفسه فتح آفاق للعلاقات مع روسيا، والصين، والاتحاد الأوروبي، ما جعلها بوابة للعالم لما لها من حضور كبير وتأثير فى دوائر صنع القرار وفى الرأى العالمى.
وأعتقد، أن هذه النجاحات لم تأت من فراغ ولا محل صُدفة إنما ترجع إلى أن القاهرة ارتكزت على الحفاظ على المصالح الوطنيةً وتحقيق التوازن والتنوع في علاقتها مع مختلف دول العالم شرقًا وغربا، وفتح آفاق جديدة للتعاون مع الجميع ، وهذا التنوع ساهم بقوة فى خلق حالة من التوازن والتأثير دون الدوران فى فلك واحد .
وكذلك الانطلاق من المبادئ القائمة على تعزيز السلام والاستقرار في المحيط العربي والإقليمي والدولي، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، رغم تعدد بؤر الصراع وتعدد النزاعات والصراعات فى المنطقة، رغم أن هناك محاولات لجرها إلى دائرة الصراعات.
إضافة إلى حرصها على أن تكون لها ثوابت ومحددات رغم التحديات الخارجية والإقليمية، وأهم هذه الثوابت دعم مبدأ الاحترام المتبادل وتعزيز التضامن، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واتخاذ البعد الاقتصادى لرسم العلاقات الدولية، ما عزز التأثير ومنحها ومنح القيادة السياسية مرونة فى التعامل مع كثير من الملفات والقضايا الخارجية، ونموذجا ما رأيناه فى التكامل الاقتصادي مع بعض الدول العربية والأفريقية من خلال إقامة مشروعات تنموية كبيرة مثل الربط الكهربائي مع عدد من الدول وبناء سدود فى أفريقيا ومشروعات نقل برى وبحرى مع عدد من الدول فى محيطها الإقليمية والعربى، وأيضا تبنيها قضايا تهم العالم كله خاصة للدول الغربية، منها قضايا الإرهاب والهجرة غير الشرعية واللاجئين، ما عزز من قوة مصر ودورها إقليميًا ودوليا.
لذلك، كانت الثمار كثيرة ومتعددة، أهمها - فى اعتقادى - أن مصر استعادت مكانتها ودورها المحورى وبات العالم كله والمجتمع الدولى يقدر جهودها فى تحقيق الاستقرار والتنمية والتقدم، وهو ما رأيناه فى دورها فى قضية وحرب غزة، وكيف التف العالم كله حول جهودها فى إنهاء الأزمة لدورها الكبير وجهودها المكثفة.
وظنى، أن هذه قوة الدبلوماسية المصرية ساهمت فى تحقيق عدة مكاسب، منها تحقيق أهداف الأمن القومى المصرى ودعم القدرات العسكرية والاقتصادية، والتنموية، وعودة المكانة والريادة من جديد.
وأيا كان الأمر.. فمن المؤكد أن مصر باتت لاعبا إقليميا ودوليا، ونجحت فى تحقيق المصالح الوطنية للدولة، وفى تحقيق متطلبات أمنها القومي من خلال تعزيز قدراتها وتعزيز التعاون الدولي مع جهود التنمية الشاملة التى تشهدها مصر حاليا، والأهم أنها نجحت في إزالة القيود على حركة مصر الخارجية، خاصة ملفات الحقوق والحريات، والأمن القومي.. حفظ الله مصرنا الغالية