فى ظل التحديات الخارجية والإقليمية والأزمات الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد المصرى يتفق الجميع أن الخروج من "عنق الزجاجة" وحلحلة الأزمة الاقتصادية يتوقف على قدرة الدولة على توطين الصناعات لأنه – ببساطة - نجاح الدولة فى توطين الصناعات يعنى تقليل فاتورة الاستيراد، ويعنى تقوية الصادرات المصرية ما يزيد من توفير العملة الصعبة، ويعنى أيضا جذب الاستثمارات الأجنبية والمباشرة، وكذلك توفير فرص عمل للشباب، والمساهمة في تنمية المجتمعات المحلية الأكثر احتياجا.
إلا أن هناك ظاهرة تهدد - فى اعتقادى - مساعى توطين الصناعة وهى ظاهرة انتشار التوك توك دون ضوابط وبشكل عشوائى، لأنها تتسبب في نقص الأيدى العاملة التى تحتاجها المصانع والورش الحرفية، خلاف أن هذه الظاهرة تتسبب في إحداث عمليات تسرب طلاب من التعليم وترك المهن الفنية، وذلك لأن هناك شباب بات يُفضل الكسب السريع من خلال شراء توك توك أو العمل عليه بدلا من الذهاب للتدريب من أجل تعلم حرفة أو صنعة أو حصد وظيفة فى مصنع وهو ما يمثل عبئا على المجال الصناعى بالأخص.
لذا، علينا ونحن بصدد الحوار الاقتصادى، أن نضع ظاهرة انتشار التوك توك على طاولة المناقشات لإيجاد حلول حقيقية لمواجهتها، لأن كثيرا من الشباب لم يعودوا مُقبلين على تعلم صناعة أو حرفة فنية كما ذكرنا ويفضلون الحصول على 300 جنيه يوميا أو 200 جنيه كأجر من قيادة أو العمل على «التوك توك»، لتكون النتيجة أن هناك مصانع كثيرة تبحث عن شاب مدرب ولا تجده.
إضافة إلى أنه خلال الفترات الماضية تم اتخاذ عدة قرارات ولم يتم تنفيذها بشكل كافٍ مثل وقف منح تراخيص إجراء توسعات فى مصانع تجميع وتصنيع التوك توك، والتوجه لاستبداله بسيارات 7 راكب، والحد من تسييره فى شوارع العاصمة وعواصم المحافظات وشوارع المراكز والمدن الرئيسية، خلاف إنه كان هناك قرار أيضا بحظر التوك توك تم تم التراجع عنه والسماح بدخول مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار وفق ضوابط.
وأيا كان الأمر.. علينا التحرك وعدم الوقوف أمام مبرر أن التوك توك يوفر فرص عمل وله أهمية اقتصادية لبعض الأسر، لأنه إذا كان له أهمية اقتصادية فهو بمثابة اقتصاد موازى أولا، وأرباحه لا تراها الدولة ثانيا، خلاف أن الكل يعلم أن أغلبية سائقى التوك التوك من الصبيان والغلمان دون تراخيص، ما يتسبب فى فوضى بالشوارع، وزيادة فى التسرب من التعليم خاصة فى مرحلة الثانوية الفنية سواء ثانوى "تجارى - صناعى - زراعى " وأحيانا فى مرحلة الإعدادية، والكارثة أن انتشار الظاهرة يساهم فى عدم إقبال الشباب على الأعمال الحرفية والمصانع مفضلين الكسب السريع مع زيادة الانحراف الأخلاقى لأغلبية سائقيه، لكن إن كان الأمر لابد منه فيجب - وعلى الفور - أن يكون هناك منظومة متكاملة للتوك توك تنفذ على أرض الواقع حتى لا نحمى مستقبل شبابنا ولا نعرقل توطين الصناعة التى تنشدها الدولة، وأن لا تكون هذه الظاهرة محل خطر في المجتمع، خاصة أن التوك توك بات يستخدم كثيرا في تنفيذ جرائم مجتمعية مختلفة، لذا لابد من تقنينه على وجه السرعة إذا أردنا حقا المواجهة..