التصعيد الجارى الآن بين إيران وإسرائيل في ليلة تصفية الحسابات من شأنه أن يُدخل المنطقة بأكملها فى حرب إقليمية لا يريدها أحد وستكون تداعياتها خطيرة على الجميع، وقبل الحديث عن هذه التداعيات وما ستؤول إليه الأمور نشير إلى أن الدولة المصرية كانت أول ما توقعت هذا، وحذرت منه مرارا وتكرارا، خاصة أن الهجوم الإيرانى والهجوم المضاد يؤدى إلى تفاقم الأوضاع واتساع دائرة الصراع، وهو ما يؤكد أن المجتمع الدولى لم يضطلع بمسئولياته كما ينبغي أن يكون، لذا، فإن التحذيرات المصرية متواصلة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وصولا إلى استهداف إسرائيل عدداً من قيادات الحرس الثوري في دمشق، وتهديد طهران بعمل انتقامى عسكرى كبير، وإعلان واشنطن أنها ستدافع عن إسرائيل.
ليكون السؤال الأخطر الآن.. ماذا لو خرج التصعيد الإيراني الإسرائيلى عن السيطرة؟
نعم، إيران وإسرائيل والولايات المتحدة يعتمدون على إدارة النزاعات بينهم على قواعد الاشتباك، وقدرتهم على تجنب المواجهات المباشرة وإبقاء المواجهات على مستويات منخفضة، لكن ما يحدث الليلة، لا يمكننا استبعاد الحرب المباشرة لاعتبارات مختلفة، لأن إيران الآن مختلفة في ظل وكلائها في 4 دول عربية تحيط بإسرائيل، ودخول اليمن المعادلة، خلاف مضاعفة إيران عدد وكلائهم المسلحين، خصوصاً في العراق، وتضخم قدرات حزب الله العسكرية، وإصرار إيران على بناء قدراتها العسكرية النووية، إضافة إلى أن إيران باتت أكثر فهماً في الاستراتيجيات وحساب المخاطر، فهى لا تريد المواجهات المباشرة ومستعدة لاستيعاب الخسائر.
أما الولايات المتحدة تستطيع خوض حرب طويلة وتدمير قدرات النظام الإيراني في ظل قدراتها العسكرية ونفوذها في المنطقة من خلال قواعدها العسكرية، لكنها لا تريد دعم إسرائيل دون دخول في حرب إقليمية لحسابات تخص أجندتها في المنطقة كقوى عظمى.
أما تل أبيب، فمن المؤكد أنها لا تريد حربا مباشرة مع إيران بقدر ردعها وردع حزب الله، لأنها تعلم أن حرب مباشرة مع طهران مكلفة وخطرة، لكنها مستعدة وترغب في خوض حرب ضد حزب الله، وذلك لرغبتها في توظيف دعم الولايات المتحدة لصالح هذا.
لذلك، فإن كل هذا التداعيات تنذر بوقوع حرب مدمرة، وأن هذا نتيجة لاستمرار حرب غزة المستمرة، لذا، على المجتمع الدولى أن يتدخل، وأن يستجيب لصوت العقل، لأنه ليس من المستبعد اتساع المواجهة نتيجة الأخطاء، أو عمداً وفق قرارات حسم الاستراتيجيات بين الدول الثلاث.
أخيرا.. نستطيع القول، إن السبيل الوحيد لكسر هذا التصعيد الخطير يكمن في ضرورة وحتمية وقف إطلاق النار في حرب غزة، والتوصل لتسوية سياسية جذرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك بإنهاء الاحتلال، وتمكّن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967.