بحسابات القوى العظمى تستمر الولايات المتحدة في تقديم الدعم لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان إلى ما لا نهاية، نقول هذا بعد أن أقر مجلس النواب الأمريكى بأغلبية الحزبين الديمقراطى والجمهورى حزمة مساعدات أمنية بقيمة 95 مليار دولار لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان، وهى كالتالى 61 مليار دولار لأوكرانيا و26 مليار دولار لإسرائيل (مقسمة 17 مليار دولار لإسرائيل و9 مليار دولار كمساعدات إنسانية لغزة)، و8 مليارات دولار لتايوان.
ما يعنى أن الرئيس جو بايدن لديه إصرار على تنفيذ استراتيجيته القائمة على ثلاثة أبعاد التي أقرها منذ بدء حرب أوكرانيا، وهى مواصلة تسليح أوكرانيا، وفرض عقوبات على روسيا، ودعم الوجود العسكري الأمريكي في الدول المجاورة لكييف، بهدف مساعدة أوكرانيا على الصمود وصد العدوان الروسي وهزيمته في نهاية المطاف، من خلال توفير المساعدات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية.
وكان قد توقع الكثير أن تأخر الدعم الأمريكي والغربى لأوكرانيا خلال الشهور الماضية، خاصة بعد حرب غزة أن الرئيس بايدن غيّر من استراتيجيته، ما جعل الكل يرى أن الرئيس الأوكرانى قلل بالفعل من أهدافه، وبات على وشك قبوله لفِقدان بعض الأراضي، وأن مسار التفاوض بات قريبا، لكن بعد هذه الحزمة الضخمة من المساعدات لأوكرانيا، أعتقد أن حسابات الولايات المتحدة تأتى في إطار الاستراتيجية الذكية لاستتنزاف الخصم، بمعنى أن هناك إصرارا على توريط روسيا في حرب طويلة مع أوكرانيا للاستنزاف، خاصة أنها تعلمت الدرس في فيتنام، فعندما دخلت في حرب ذات مصالح إستراتيجية ضئيلة، كانت الصين والاتحاد السوفياتي سعداء بضخ الأموال والأسلحة إلى فيتنام لإضعاف الولايات المتحدة واستمرار الحرب لاستنزاف واشنطن.
لذلك، فإن موافقة مجلس النواب الأمريكي على هذه الحزمة الضخمة من المساعدات لأوكرانيا يؤكد أن الولايات المتحدة تتبع نفس الاستراتيجية في حرب أوكرانيا، فهى من قدمت عشرات المليارات من الدولارات خلال عامين منذ اندلاع الحرب، وها هي تقدم الآن 61 مليار دولار لضمان بقاء أوكرانيا في المعركة من أجل استنزاف روسيا أو طردها من الأراضى الأوكرانية.
وأيضا قدمت الولايات المتحدة 17 مليار دولار لإسرائيل، ما يعنى أن الولايات المتحدة تصمم على دعم الكيان الإسرائيلي في حربه الغاشمة على غزة، وأن حديثها عن التهدئة وخلافها مع نتنياهو أمور مشكوك فيه، وتأتى في إطار سياسة المراوغة والمخادعة لا أكثر.
ما يعنى فى النهاية .. أن إدارة بايدن بعد هذا الدعم السخى المقدم إلى أوكرانيا وتايوان وإسرائيل، أرسلت رسالة للعالم أن حسابات القوى العظمى تحمل مشاعل النار توقدها عبر استراتيجيات حتى ولو كانت على حساب الداخل أو الحلفاء، وأن حرب غزة لم تمنعها من دعم كييف و تايوان، وأن هذه الحرب لم تعكر صفو السياسة الداخلية الأمريكية، وأن استراتيجيتها في استنزاف الخصم مستمرة لتحقيق مصالحها وأهدافها وفقا لحسابات النار..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة