مؤكد أن القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولى لدعم مشروع القرار الأمريكي الذى يهدف إلى التوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وما تضمنه من تبادل للأسرى والمحتجزين، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وعودة الفلسطينيين النازحين بشكل آمن إلى منازلهم في المناطق المختلفة بالقطاع، فضلاً عن ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل بمثابة شعاع ضوء جديد لإنهاء هذه الحرب البشعة والعدوانية على حقوق شعب أعزل في ظل عجز تام للمجتمع الدولى.
ليكون السؤال.. هل سينجح مجلس الأمن هذه المرة في وقف إطلاق النار؟
أعتقد أن الأمر بات مرهونا بعدة أمور.. الأمر الأول مرهون بامتثال إسرائيل لأحكام القانون الدولي، وبالمضى قدما بوقف الحرب التي تشنها ضد قطاع غزة، خاصة أن حماس رحبت بخطاب بايدن ومقترحه واليوم ترحب بقرار مجلس الأمن الدولى، والعالم كله يأمل في إنهاء هذه المأساة وهو ما تكشفه بيانات الدول حول العالم وتصويت أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ومناشدات التكتلات الدولية كالاتحاد الأوروبى ومجموعة السبع، وما حكمت المحاكم الدولية، إضافة إلى ترحيب الجميع بالخطة الأمريكية والتي تنص – وفقا لإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن - على ثلاث مراحل لإنهاء الحرب، الأولى تستمر 6 أسابيع، وتشمل وقف إطلاق النار على نحو كامل وشامل، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالقطاع وإطلاق سراح عدد من الرهائن من النساء وكبار السن والجرحى في مقابل إطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين، وكذلك عودة الفلسطينيين إلى منازلهم في كافة أنحاء غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى 600 شاحنة يومياً.
وأمر آخر مرهون بتخلى واشنطن عن مقاربتها المضلّلة التي تعزز تأكيد وجودها العسكري في الإقليم من خلال حرب غزة الجارية، باتباع سياسة المراوغة خاصة أنها باتت تعلم أن دول بالمنطقة غير راغبة في استبدال الدور الأمريكي على الأقل في هذا التوقيت، وذلك لعدد من الاعتبارات؛ بعضها تاريخي وبعضها الآخر مرتبط بحجم المصالح المتشابكة بين الأطراف، لذاك تقوم بتوظيف هذه المقاربة المضلّلة، التي تواصل من خلالها إشعال مصدر الصراع ودعمه - أي عدوان إسرائيل على غزة - فيما تحاول إخماد صراعات في أماكن أخرى من المنطقة بالقوة العسكرية.
وأمر ثالث مهم مرهون بقدرة مجلس الأمن هذه المرة على إنهاء هذا العدوان خاصة أنه الولايات المتحدة حليفة الكيان المحتل استخدمت حق النقض (الفيتو) غير مرّة لإسقاط مشاريع قرار تدعو لوقف إطلاق النار، معتبرة أن ذلك سيصبّ في صالح الحركة الفلسطينية، غير أن - أصلا - مجلس الأمن فشل أكثر من مرة فى تنفيذ قرارات له بشأن التدابير اللازمة لإدخال مساعدات إنسانية للقطاع وفشل فى إجبار إسرائيل على تنفيذ قراراته.
لذا، نتطلع أن يستعيد مجلس الأمن الدولى سمعته بإجبار إسرائيل على الامتثال والتحرك بإيجابية مع الوسطاء لتنفيذ الخطة دون عرقلة أو مراوغة أو تعنت، خاصة أن الكل يعلم أن كلّما استمرّت إسرائيل بسلوكها الحالي واستكمال أعمال الإبادة الجماعية للفلسطينيين، وكلّما تصاعد الغضب والتوتر في الإقليم، ينذر بنشوب حرب إقليمية، وأن الوسيلة الوحيدة لتفادي هذه الحرب في المدى المنظور والحدّ من تداعياتها المستقبلية، هي وضع حدّ للإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل في غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية، والكف عن الاستثمار في الصراعات وأزمات المنطقة..