حازم حسين

العُرف والرؤية ورسائل السياسة.. قراءة فى دلالات استقالة الحكومة وملامح التشكيل الجديد

الأربعاء، 05 يونيو 2024 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قدّمت الحكومةُ استقالتَها وكُلِّف مدبولى بتشكيل وزارته الثانية. وإن كان التغييرُ يقع فى نطاق العُرف الإجرائى ما بعد الاستحقاقات الرئاسية؛ فإنَّ له دلالاتٍ عديدةً وتفاصيل واجبة القراءة والفحص. أهمّها ما يُؤكِّد الانتظامَ المُؤسَّسى واستقرار دولاب الدولة؛ بالنظر إلى أنها تُبدِّل سُلطتَها التنفيذية بشكلٍ شبه كامل فى سياقٍ مشحون بالامتحانات الداخلية والخارجية، وفى إطار أزمة إقليمية ترخى ظِلالَها على المجال الحيوىِّ لمصر ودوائر أمنها القومى؛ لا سيّما لجِهة الحدود الشرقية والتوتُّر الصاعد فى غزّة.. فالرسالة أننا نتعاطى مع التحدِّيات بأعلى مستويات اليقظة؛ لكنها لا تُعطِّل المرافق العمومية عن تفاعلاتها الطبيعية، ولا تُرجئ التغيُّرات المطلوبة عن أوانها، ومثلما أُدِيرَ سِباقُ الرئاسة فى مناخ الاحتدام وسُحبه الرمادية فى سماء المنطقة؛ فإنَّ جهاز الحُكم يخلعُ جلدَه القديم ويُجدِّد دورته الدموية، واثقًا فى صلابة الأُسس التى يقوم عليها، وفاعليّة بِنيته المُؤسَّسية القادرة على الاضطلاع بأدوارها على أكمل وجه؛ حتى مع التحوُّلات الحادثة فى مراكز القرار، وطقوس التسليم والتسلم بين الوزراء السابقين واللاحقين.


جاءت الحكومةُ المُستقيلة قبل ستِّ سنوات تقريبًا. وبينما لا ينصُّ الدستور القائم منذ 2014 وتعديلاته على وجوب استقالة الوزارة بعد انتخاب رئيس الجمهورية؛ فإنَّ الراحل المهندس شريف إسماعيل، ولو لأسبابٍ صحية، قد غادر بعد شهرين من رئاسيّات 2018، وهو ما يتكرَّر الآن بالصيغة نفسها تقريبًا، بعد أداء الرئيس السيسى اليمينَ لولايته الجديدة مطلع أبريل الماضى. ما يعنى تثبيت العُرف السياسى بتنحِّى قيادة الجهاز التنفيذى مع بداية كلِّ فترةٍ رئاسية، ليكتمل تجديد المشهد الإدارى مع حركة المحافظين، الذين يُعَدُّون مُستقيلين حُكمًا بانتهاء ولاية الرئيس. الفكرة هنا تتّسع للحديث عن الرُّؤى والبرامج، وعمّا يُمكن الاختلاف فيه بشأن الإنجاز والإخفاق، وحاجة السلطة إلى تنحية المُقصِّرين أو البحث عن وجوهٍ أكثر كفاءةً وأقدر على شروط المرحلة؛ لكنها فى المقام الأوَّل تخصُّ ترتيب هيكلة الأجهزة التنفيذية بحسب أعراف دستورية وإجرائية، وفى ضوء مواقيت والتزاماتٍ زمنيّة، تجعلُ من انتخاب الرئيس محطّةً لتجديد الحيوية وإنعاش عقل الدولة ومخيالها؛ إذ يصيرُ التغييرُ هنا مَوقوتًا، سواء أجادت الحكومات أو أخفقت، ويكون الناسُ على موعدٍ مع دفعة من الطاقة فى شرايين البلد ومرافقه؛ بما يُجدِّد الآمال ويُبشِّر بهندسة السياسات على وجهٍ آخر؛ إذ الأجندةُ الواحدة يُمكن أن تتّخذ أكثر من مسارٍ للتطبيق؛ اتّصالاً بهُويّة القائم عليها وخبراته ووَصفتِه فى الإدارة والمواكبة اليومية.


عمليًّا سيُشكّل مصطفى مدبولى حكومته الثانية، ونظريًّا يُمكن القول إنها الرابعة؛ إذ دخل عليها تحويران سابقان فى شتاء 2019 وصيف 2022. وتلك التركيبةُ ربما تكشفُ بعضًا من ملامح التشكيل المُرتقَب؛ فلو كان محدودًا لاكتفى الرئيسُ بتعديلٍ ثالثٍ، يشملُ بعضَ الحقائب ويستبقى الأغلبية على حالها؛ لكنَّ صيغة الاستقالة والتكليف تنُمّ عن تغييرٍ مُوسَّع قد يطال نصف الوزارات أو أكثر، ويمتدّ بالضرورة إلى فلسفة الحكومة وسياساتها، وربما يتّسع لتغيُّراتٍ أكبر فى شبكة النواب والمُعاونين، وحصص النساء والشباب، واستحداث بعض المواقع أو التخلِّى عن غيرها، مع إمكانية مُعالجة بعض المسائل الخاصة بملفَّى الاقتصاد والاستثمار، باختيار مسؤولين مُباشرين عنهما عبر إعادة تكييف هياكل الوزارات، أو من خلال نواب لرئيس الحكومة. يصعب التكهُّن طبعًا بما سيؤول إليه التشكيل؛ لكنه على الأرجح سيكون واسعًا لدرجةٍ تُقارب الهدم والبناء، وليس الترميم وإعادة التجميل.


دخل الدكتور مدبولى قائمة أطول رُؤساء الحكومات عُمرًا. فمن بين 60 سياسيًّا وخبيرًا توّلوا الموقع فى نحو قرنٍ ونصف القرن، يُوشك أن يتجاوز أحمد نظيف ليحلَّ تاليًا لكلٍّ من: نوبار باشا الذى قضى أقل من سبع سنوات، ومصطفى باشا فهمى بنحو 14 سنة وثمانية أشهر، وعاطف صدقى بأكثر قليلاً من تسع سنوات، وكلّ واحدٍ منهم شكَّل ثلاثَ حكوماتٍ، ويتأهَّب هو لحكومته الثانية. وبينما كان البقاءُ قديمًا يُعبِّر عن توازناتٍ سياسيّة بين القصر والنبلاء أوّلاً، ثمّ مع الاحتلال الإنجليزى بعدها، حتى أن حكومات الوفد المُنتخبة كلّها لم تتجاوز تسع سنواتٍ فى ربع قرن؛ فإنَّ الدلالة اليوم تتّصل بواقع الاستقرار أكثر من المُواءمة وحسابات السياسة، وتُعبِّر بالضرورة عن قدرٍ من ثقة القيادة فى وزيرها الأوَّل وأدائه، والأهمّ أنها تُشير لدرجةٍ عالية من الكيمياء بينهما، وأنَّ الرجل قادر على استيعاب رؤية الرئاسة وإنفاذها على الوجه المُلائم، ومهمّة رئيس الحكومة بالأساس أن يكون جسرًا مَتينًا بين واضع الأولويات والمُكلَّفين بتحقيقها، ولتلك الطبيعة فإنه يتعيَّن أن يكون مُستقبِلاً واعيًا ومُرسِلاً مُتقِنًا، أى أن يكون قناة توصيل فعّالةً ومُنسِّقًا قادرًا على توفيق الأفكار وتحفيز الطاقات، وتجديد الثقة فيه يُؤكِّد أنه يُحقِّق الشروطَ المطلوبةَ من الرئاسة لشاغل هذا المنصب.


لعشرٍ سنواتٍ تكشَّفت كثيرٌ من مُحدِّدات النظرة الرئاسية للعمل التنفيذى، وصار بالإمكان الحديث عن ثوابت ينطلقُ منها الرئيسُ فى اختيار مُعاونيه وتقييمهم، لعلَّ أبرزها أنه ينحازُ لحيوية الشباب، ويحترمُ التخصُّص والمعرفة الفنية والعلمية، ويُحبّ تجديد الدماء لإنعاش المُؤسَّسات والتغلُّب على الآثار السلبية لاستدامة المسؤولين فى مواقعهم. لقد عملت حكومة إبراهيم محلب نحو سنة وثلاثة أشهر فقط من ولايته الأولى، واستكمل شريف إسماعيل بقيّة السنوات الأربع. وإذا كانت حكومة مصطفى مدبولى أنهت الولاية الرئاسية الثانية بمُدَّتها الجديدة، ستِّ سنوات؛ فإنها خضعت للتعديل مرَّتين خلالها، بمعنى أن المُتوسِّط العام لم يتجاوز السنتين منذ قدوم الرئيس فى العام 2014. وهذا الإيقاعُ السريع نسبيًّا يُحفِّز التنفيذيِّين على التركيز والاجتهاد، ويضعهم فى موضع الترقُّب طوالَ الوقت، ولا يجعلُ القدومَ أو الرحيل مَحكومَين بالآجال الزمنية للاستحقاقات الرئاسية والبرلمانية؛ إنما بقدر الإلمام بالواجبات المنوطة بالوزراء، والمقدرة على التصدِّى لها بحقوقها، والوعى بأنَّ منطقَ المُساءلة حاضرٌ دائمًا على رأس الطاولة، والإجادة شرط البقاء؛ إنما الحركةُ الدائبةُ من طبائع الأمور، وعلى كلِّ تنفيذىٍّ أن يترك بصمتَه فى أسرع وقت؛ إذ ربما يُغادرُ ولا يبقى منه إلَّا سيرة المنصب وصحيفة الإنجاز.


خطابُ التكليف، بحسب بيان الرئاسة، يُحدِّد مهام الحكومة الجديدة، وقد جاءت مُرتَّبةً باعتباراتِ الأولوية والإلحاح، فبدأت بالحفاظ على مُحدِّدات الأمن القومىِّ فى ضوء التحدِّيات الإقليمية والدولية، ثم إعلاء ملف بناء الإنسان خصوصًا فى الصحة والتعليم، ومُواصلة تطوير المشاركة السياسية، وعناوين الثقافة والوعى الوطنى والاعتدال الدينى بما يُرسِّخ المُواطنةَ والسِّلم المجتمعى، واستكمال مسار الإصلاح الاقتصادى مع التركيز على جذب الاستثمارات، وأخيرًا تشجيع نموِّ القطاع الخاص بالتزامن مع ضبط التضخُّم والأسعار، وبما يُحقق السيطرة الكاملة عليهما. والصيغةُ إذ تُشيرُ لموضوعاتٍ سبقَ العمل عليها وشهدت تقدُّمًا مُتفاوتًا بحسب الأحوال؛ فإنها تتحدَّث عن قضايا أُخرى ربما كانت خارج مركز الاهتمام، أو أُغفِلت فى إطار الانشغال بمسائل غيرها، أو تعرَّضت للإزاحة وغياب التركيز بأثر الضغوط الطارئة وتداعيات التداخل بين الملفات. والحال أنَّ الحكومةَ الراحلة لم تكن محظوظةً لأسبابٍ عدّة؛ إذ ورثت مسارًا اضطراريًّا رسمته الوزارةُ السابقة عليها، وبمجرَّد أن أمسكت بزمام الأمر واستوعبت ما يُراد منها ويتعيَّن عليها الاشتباك معه؛ اصطدمت بطارئٍ دولىٍّ تمثَّل فى جائحة كورونا، ثمّ الحرب الروسية الأوكرانية وأثقالها التى أرهقت الاقتصاد العالمى، وتركت أثرًا مُشوِّهًا على سلاسل الإمداد وحركة الاستثمارات وفوائض الأموال، وقبل أن تضبطَ مُعادلةَ الإفلات من الفِخاخ وخطاطيفها؛ اندلعت الحربُ فى غزّة؛ لتُرتِّب مزيدًا من القيود على حركتها، عَطفًا على الريح الساخنة التى هبّت بين أوراق الأمن القومىّ، والتكاليف الباهظة التى تولَّدت عن الصراع؛ لا سيما موارد النقد الأجنبى من ناحية السياحة وقناة السويس.


عملت حكومة مدبولى مع برلمانين، وأشرفت على انتخاب أحدهما، ونظَّمت استفتاءً على التعديلات الدستورية وعودة مجلس الشورى بمُسمّاه الجديد «الشيوخ»، كما أشرفت على الاستحقاق الرئاسى الأخير، وشهدت انطلاق الحوار الوطنى واشتبكت معه، وفى صميم تكليفها الجديد أن تُواصل دورَها المُساند لأمانته، وعملها على تعظيم حالة التفاعل بين التيَّارات السياسية وترقية مشاركتها فى المجال العام. وهى إن كانت أنجزت التزاماتِ السنوات الستّ بقدرٍ من التفاوت فى الحظوظ والمقادير؛ فإنها على أعتاب مرحلةٍ أصعب فى تحدِّياتها، وأكثر تطلُّبًا فى أهدافها والآمال المُعلَّقة عليها، وإزاء بيئة وطنية أكثر ديناميكيّة وتجدُّدًا، وتيّارات سياسية صارت أقرب إلى الدولة وأكثر اتّصالاً برأسها، لا سيما أن «الحوار» أسَّس لتجربةٍ تفاعُليّة لم تكن معهودة، وصارت مُعاونًا ورقيبًا على التنفيذيين؛ حتى مع التسليم بأنها فعّالية غير مُؤسَّسية ولا تنوب عن المُؤسَّسات الشرعية؛ إنما قوّة الأثر المعنوى وحجّيته قد تتجاوز الأعراف والحدود المرسومة حَفرًا بنصوص الدستور؛ وقد أبدت القيادةُ رغبةً فى تفعيل الورشة الجامعة، وتعظيم أدوارها، وأن تكون فاعلاً عضويًّا فى رسم السياسات وتقييمها وتقويم مساراتها.


ما فات يُثير تساؤلاتٍ واجبةً عن التركيبة الجديدة، والتوقُّعات بشأن اختيارات مصطفى مدبولى لفريقه فى المرحلة المقبلة، وما تلقّاه من الرئيس على هامش التكليف؛ بشأن الخبرات السابقة، والمواصفات المطلوبة، والمهام الوجوبية ومداها الزمنى. وإذا كان الخطابُ يَنحو إلى تشكيلةٍ من التكنوقراط، أو بحسب التعبير المكتوب «ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة»؛ فإنَّ المسألة تحتملُ قدرًا من المُراوحة النسبية بين التخصُّص الدقيق، والمعرفة السياسية، والقدرة على مُخاطبة الجمهور وإقناعهم. ربما يُفضِّل البعضُ أن يُدار الدولابُ التنفيذىُّ بوزراء سياسيين بالكامل؛ لا سيّما مع اتّضاح أثر القصور فى التواصل مع الشارع خلال الفترة الماضية، وافتقاد كثيرين من الخبراء لحساسية التواصل العام، والقدرة على المُوازنة بين الظرف ومُقتضى الحال، وما يصح أن يُقال أو لا يُقال، وطريقة القَول نفسها، والدرجة المطلوبة دائمًا من المكاشفة والشرح والتبسيط ووضع المواطن فى صورة المشهد العام وتحدِّياته؛ انطلاقًا من كونه شريكًا، لا مُجرَّد مُنتفعٍ أو مُموّل.. يتحقَّق ذلك طوال الوقت فى مُكاشفات الرئيس، وأحاديثه فى الفعاليات والأنشطة الرسمية؛ إنما لم يكن مُتحقِّقًا على الدرجة نفسها فى كثير من وجوه الحكومة؛ حتى أن المسألة كانت محلّ ملاحظة رئاسية على هامش أحد الافتتاحات الأخيرة.


بعضُ الملفات قطعت شوطًا بعيدًا على طريق النضج والاكتمال، وبعضها ينقصُه الكثير؛ وفى الحالين فإنَّ الاعتماد على أهل الخبرة والاختصاص من أمور الضرورة لا الرفاهية، لكن يتعيَّن ألَّا تغيب السياسةُ عن رادار الحكومة، ولا أن تُفرِّط فى مزايا الاستعانة بسياسيين ذوى معرفةٍ وتأهيلٍ واقتدارٍ على اختيار الميقات والمكان المُناسبين لمُخاطبة الشارع، والاشتباك مع القوى والتيارات الفكرية المختلفة فى أروقة الدولة وعلى أطرافها، خصوصًا أنّ الحكومةَ المُقبلة ستكون فى مُعتركٍ يومىّ مع الحوار الوطنى، والمجال العام المُتحرِّك من حوله، وعليهم أن يكونوا قادرين على استيعاب حُلفائهم ومُناوئيهم، وعلى إدارة تشابكاتهم مع أجهزة الرقابة والتشريع، والأحزاب والمجتمع المدنى، والجمهور بالعموم، بآليّةٍ يتوافر فيها الذكاء الاجتماعى والاتّصالى مع الكفاءة الإدارية والتنفيذية. وإلى ذلك؛ فإنَّ بعض الملفات تتطلَّب اهتمامًا مُضاعَفًا، لا سيّما الاقتصاد والاستثمار، والتركيز على الصناعة بعيدًا عن مزاوجتها بالتجارة فى لافتةٍ واحدة؛ كأنهما مَارِدان فى قُمقمٍ ضيّق، ولو كان من الصعب إعادة هيكلة الوزارات بالإلغاء والاستحداث، فربما يكون البديل أن يُستَدعَى نُوابٌ ومُعاونون لتلك الملفات النوعية، أو تُستحدَث مواقع نيابيّة عن رئيس الحكومة لتعويض غياب الوزارات النوعية المقصودة.


ثمّة ثوابت لا يصعُب استشرافها؛ أهمّها يخصُّ فلسفةَ الدولة بشأن تمكين النساء والشباب، وعلى الأرجح سيحافظون على حصصهم الحالية فى الحكومة الجديدة، وربما تزيد بدرجةٍ واضحة؛ لا سيما فيما يخصُّ النواب والمُعاونين. ولأنه تغييرٌ لا تعديل كما ذكرت؛ فالغالب أن يُعيدَ هندسةَ البيت على نحوٍ مُفارق لما كان عليه، دون أن يعنى ذلك الانقطاع عن سيرة الحكومة بالكامل، ولا التخلُّص من بعض أعمدتها؛ بما يمزج بين حيوية التجديد وفاعلية الخبرة والتمرُّس. أتوقَّع أن يُغادر نصفُ الوزراء على الأقل، وأن يتجدَّد شباب الحكومة ومُتوسِّط أعمارها، ولن تغيب السياسة عن التركيبة المُرتقَبة بقدر غيابها عن سابقتها، وقد يكون بين المُغادرين بعض المُلتحقين بالوزارة فى تعديلى 2019 و2022، بينما يبقى بعض العاملين منذ بدايتها وما قبلها. والمسألة هنا يحدُّها اقتناعُ القيادة بالمسؤول، وقناعة الشارع أيضًا، وقدر الملاحظات الشعبية والرسمية على الملفات وحصيلتها فى السنوات الأخيرة.


لدينا اشتباكٌ مع إسرائيل فى ملف غزّة؛ وبينما تتجمَّد السياسةُ والإدارة لديهم فإننا نتجهَّز لكلِّ الاحتمالات دون أن نُوقِفَ عجلةَ الحياة.. التغييرُ الشامل اليوم إنما يُعبِّر عن ثقةٍ وثبات؛ فإذا كانت مصرُ فى مخاضٍ إقليمىٍّ تتداخل فيه أزماتُ الداخل بالخارج، وتتصاعدُ التوتُّرات وعوامل التهديد على عدَّة محاور استراتيجية، فقد ارتأت أن تُحافظ على دوران عجلتها بوتيرةٍ طبيعة، دون خشيةٍ من الظروف وتقلُّباتها المُعتادة والطارئة. إعادة بناء الحكومة تعنى بين مفرداتها أن يخرج وزراءٌ ويدخل آخرون، والجُدد يحتاجون شهورًا لاستيعاب ملفّاتهم وإتقان أدوارهم، وأن يتقرَّر إدخالهم اليوم فالمعنى أنَّ الدولة راسخةٌ وواثقة فى نفسها، ولديها مُؤسَّسات اكتملت لها عوامل الثقل والاستدامة؛ حتى أنها قادرةٌ على استقبال مسؤولين طازجين وتأهيلهم ووضعهم فى قلب المشهد؛ بينما تتلاطم الأمواج والرياح من حولهم، فى المنطقة والعالم. لا خوفَ من رحيل المُتمرِّسين، ولا هلعَ فى أن تأتى وجوهٌ خضراء وخبراتٌ غضّة. الرسالةُ للجميع أنَّ انتظامَ العمل المُؤسَّسى لا يتعطَّل لأيّة اعتباراتٍ مهما بدت قاسية، وأنَّ المعنويات فى أَوجِها، والإحساس بالصلابة والاقتدار عالٍ لدرجة ترتيب الصفوف وإحلال القيادات فى ميدان المعركة. وبعيدًا من الصيغة التى ستخرجُ بها الحكومة فى النهاية؛ فالتجديدُ فريضةٌ لا فضيلة، وتحريكُ الأرض يزيد الخصوبة، والديناميكيّةُ دليل عافيةٍ ومَنعَة، ولخدمةِ الوطن مسالك ومذاهب بتعداد مواطنيه وعقوله؛ وما علينا إلَّا أن نتمنَّى التوفيق، ثمّ نُراقب ونُشجِّع وننتقد ونُقوِّم، وفى ذلك فليتنافس المُتنافسون.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة