خطاب نتنياهو استهزاء بالولايات المتحدة ومسمار جديد فى نعش الديمقراطية الأمريكية.. كيف؟
ألقى نتنياهو رئيس حكومة الكيان المحتل خطابا مدته 55 دقيقة أمام الكونجرس الأمريكى، محاولا بشتى الطرق التغطية على جرائمه وفشله فى حربه العدوانية على غزة وفى كل الأراضي الفلسطينية، معتمدا على الكذب والمغالطات والمبالغة والمراوغة، لكن العجيب التصفيق له أكثر من مائة مرة طيلة الخطاب، ما يعنى أن هذا الخطاب بمثابة صفعة جديدة على وجه الحضارة الغربية، بل أزيد القول إن هذا الخطاب بمثابة مسمار فى نعش الديمقراطية الأمريكية والغربية.
لأن تبعات خطاب نتنياهو لم تكن فى صالح نتنياهو حتى ولو كان هناك من يرى أنه استطاع استعادة قدر كبير من مكانته الدولية التي خسرها نتيجة الحرب، كما عزز الروابط الإسرائيلية الأمريكية رغم التباين مع الرئيس جو بايدن، إلا أن هذا الرأى مردود عليه، بأن ليس معنى التصفيق أنه استرد مكانته، لأن العالم يعرف أن نتنياهو يكذب، وهو ما أكدته نانسى بيلوسى بعد الخطاب، إنه ليس مجرم حرب فقط بل كاذب، فكيف سيصدق العالم شخصا يقول: إنه لم تكن هناك نية لقتل مدنى واحد ، والعالم - حتى ولو كان متخاذلا - يرى القتل الممنهج لعشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، وأيضا المجازر التى ترتكب يوميا، وقرارات محكمة العدل الدولية وكذلك قرار المحكمة الجنائية بأنه مجرم حرب، فقولا واحدا، ما فعله نتنياهو من كذب وتضليل يؤكد حقيقة واحدة أنه ما زال يستهزأ بعقول العالم بشكل عام وبالأمريكان بشكل خاص.
ولأنه أراد أن يثبت للعالم أن إسرائيل لها اليد العليا حتى على الولايات المتحدة، بل وصل به الحال ادعاء أن إسرائيل هى من تحمى الولايات المتحدة الأمريكية، وأن العدو الأول والمشترك للبلدين هو إيران، وأن التظاهرات الطلابية من يمولها هم الايرانيون فى إشارة استهزاء واستخفاف بالأجهزة الاستخباراتية والامنية الأمريكية، بل استخفاف بالدولة العميقة بالولايات وأن إيران تخترق الأمن القومى الأمريكى..
غير حرص نتنياهو على أنه يثبت لأنصاره في الليكود بأنه لا يزال شخصية من الطراز الأول، وأنه القادر على حماية إسرائيل بل الولايات المتحدة، وهو ما يعنى استهزاء واستخفاف بالداخل الإسرائيلي وبالمعارضة الإسرائيلية.
واستكمالا لمسرحية الكذب والاستهزاء فى الكونجرس تأكيد نتنياهو أكثر من مرة وفى أكثر من سياق طيلة الخطاب على وحشية حماس بدأها باصطحاب لمجموعة من أسر المخطوفين ورهينة محررة وعدد من المقاتلين إلى قاعة الكونجرس، ثم الإسهاب في عرض دورهم خلال الحرب، ما يعنى مزيدا من الاستهزاء، وأنه يريد إطالة الحرب وأنه غير راغب فى إنهاء صفقة بايدن بشأن الرهائن، وهو ما تم تأكيده بتأجيل زيارة الوفد الإسرائيلي للأسبوع المقبل.
نهابة.. نتنياهو استطاع أن يحول جلسته بالكونجرس إلى مسرحية هزلية وعار كبير ستدفع ثمنه الولايات المتحدة بعد استضافة مجرم الحرب يرتكب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والعقوبات الجماعية والتجويع.. فالإنسانية حتى لو فقدت كرامتها زمن فلن تفقدها طول الزمن..