يعتقد البعض بالخطأ أن بر الوالدين يتوقف بعد وفاتهما، وفي حقيقة الأمر فإن بر الوالدين مستمر، حتى بعد وفاتهما، فمن حق الوالدين بعد موتهما: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
مع مشاكل الدنيا، ووتيرة الحياة التي لا تهدأ، ينشغل البعض عن بر الوالدين المتوفيين، حتى بالدعاء، وعلى الشاطئ الآخر، لا يفوت البعض لحظة لبر الوالدين والاستغفار المستمر لهما، وذكر محاسنهما، وتذكير الآخرين بفوائد بر الوالدين.
رائع جدا، أن تقرأ على السوشيال ميديا، لهؤلاء البارين بوالديهم، وهم يسطرون قصصا عظيمة عنهم، مليئة بالصبر والفخر والتضحية، وهم لا يتوقفون عن الدعاء لهم، فهم الأبناء البررة، الذين يحصدون ثمار ذلك بطاعة الأبناء لهم.
ما أقوله لك هنا ليس دربًا من الخيال، وإنما هي وقائع حقيقية يسطرها بعض الزملاء الصحفيين البارين بوالديهم، لا يتوقفون عن الكتابة عنهم، بكلمات صادقة، نابعة من قلوب صافية، تعيدنا لأخلاقنا الجميلة.
على سبيل المثال وليس الحصر، الزميل العزيز، علاء رضوان، الذي فقد والدته في حادث الكريمات الشهير، فبات لا يتوقف عن الكتابة عنها، يسطر قصصا من الصبر والفخر لهذه السيدة العظيمة، ثم شاء القدر أن يختبره مرة أخرى، ليلحق والده بشريكة حياته، فزاد الابن من جرعة الكتابة عن أب عظيم، جمع القريب والبعيد، هادئ ورزين، له باع طويل في الصلح بين الناس وحل المشاكل، "يطبطب" على القلوب، وابتسامة الرضا لا تفارق وجهه، فعشقنا هذه الشخصية من الكتابة عنه، ووقفنا على دروسا عظيمة من بر الوالدين، في حاجة ماسة أن يتعلمها الأجيال.
ليس هذا النموذج فحسب، ولكن على نفس النهج، كان زميلنا العزيز "عبد الرحمن سيد"، يطيل الكتابة عن والده الذي رحل عن عالمنا، بعد سنوات قضاها في صعيد مصر يصلح بين الناس، معمرا للمساجد، فلمست كلماته شغاف القلوب، وأعطى درسا جديدا في الوفاء بالوالدين بعد وفاتهما.
وقفنا على دروسا عظيمة في بر الوالدين بعد وفاتهما، من كتابة الكاتب الصحفي طه هاشم عن والدته، السيدة الطيبة التي كانت تعيش بسوهاج، وقد ضربت أروع الأمثال في الطيبة وحب الجيران، وعفاف اللسان، وصفاء القلب، فزاد حبنا لهذه النماذج الرائعة من كتابته عنها.
الخلاصة، الأمثلة على ذلك كثيرة، لو كلفنا القلم بسردها لتعب ومل من كثرتها، ولكنها نماذج رائعة ومضيئة، تعيد للأذهان قيمًا جميلة، ربما تناسها البعض.
اعلموا، أن طاعة الوالدين سبب في إطالة العمر وسعة في الرزق، فإن الله تعالى قسّم الحقوق وجعلها مراتب، وأعظم تلك الحقوق الحق العظيم بعد حقّ عبادة الله تعالى، الإحسان للوالدين في حياتهما ومماتهما، فاللهم ارحم آبائنا جميعًا.