سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 5 يوليو 1934.. وفاة أحمد زكى باشا «شيخ العروبة» الذى أنفق ماله على «إحياء التراث العربى» وأدخل علامات الترقيم على الكتابة العربية

الجمعة، 05 يوليو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 5 يوليو 1934.. وفاة أحمد زكى باشا «شيخ العروبة» الذى أنفق ماله على «إحياء التراث العربى» وأدخل علامات الترقيم على الكتابة العربية أحمد زكى باشا
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عاد أحمد زكى باشا «شيخ العروبة» إلى منزله من جولة وقد غمره العرق يوم 2 يوليو 1934، وبينما هو يخلع ملابسه ناداه مناد فى حديقة الدار، فخرج إلى الشرفة قبل أن يجفف عرقه فأصيب بالتهاب رئوى، أدى إلى وفاته فجر، 5 يوليو، مثل هذا اليوم، 1934، حسبما يذكر أنور الجندى فى كتابه «أحمد زكى الملقب بشيخ العروبة».


فاجأه الموت، وكان يعمل فى معجمه الكبير، وأعد جانبا كبيرا منه، إلى جانب مؤلفاته المتعددة التى كان يعلن عنها ولم يتمها ومنها «قاموس الأعلام الأندلسية» و«ملحق الأغانى» ويشمل على ما فات من صاحب الأغانى وما جاء بعده، و«مدن الفن فى الأندلس»، ويؤكد «الجندى» أنه حاول التعرف إلى هذه المؤلفات والأبحاث التى كانت فى مكتبه ولم تستكمل أو شىء من مذكراته ورسائله ورسائل أصدقائه إليه التى تركها فى داره لكن الذين وصلت إليهم هذه الآثار حالوا دون ذلك.


ولد بالإسكندرية عام 1867، وأحرز شهادة الحقوق من مدرسة الإدارة عام 1887، ويذكر «الجندى»: «أصيب بالصمم منذ عام 1900، فأثر ذلك فى نفسه كثيرا، ولم ينجب، وتجمعت فيه عناصر الوراثة من مغربية وفلسطينية ومصرية، حيث قدم أهله من المغرب، وأقاموا فى يافا «بيت النجار»، ثم انتقل والده إلى مصر فتزوج فيها والدته، ونشأ فى بيت فقير نوعا، وبعد وفاة والده رباه وكفله شقيقه محمود رشاد، وبدت عليه علامات النبوغ المبكر فى الترجمة من الفرنسية إلى العربية، بالإضافة إلى تمكنه من اللغة العربية، فأتيحت له فرصة العمل فى القصور ومع الأمراء والخديويين والنظار، وكانت قدرته وذكاؤه عاملين من عوامل حاجتهم إليه، فقلما كان منهم من يعرف العربية أو يجيدها حديثا أو كتابة».


عين سكرتيرا أول لمجلس النظار فى 5 مارس 1911 براتب ألف جنيه فى العام، ويؤكد الجندى أنه كان أول مصرى فى هذا المنصب بعد أن استأثر به الأرمن طويلا، ويضيف: «اشترك فى مشروع إنشاء الجامعة المصرية، وأتيح له بحكم عمله سكرتيرا عاما لمجلس النظار ولكفايته العلمية أن يتولى منصب السكرتير العام للجامعة، وأستاذ الحضارة الإسلامية فيها، ولم يستمر هذا أكثر من عام واحد».


يذكر «الجندى»، أن أحمد زكى بذل اهتمامه وماله وكل ما يملك على مشروع «إحياء التراث»، وحصل على المخطوطات العربية من روائع التراث العربى المفقود برحلاته لعواصم أوروبا، وأنفق ماله للحصول على نوادر التراث العربى، واستطاع بعد الانقلاب العثمانى عام 1909 أن يسافر إلى الآستانة، وبنفوذ صديقه حسن حلمى باشا الصدر الأعظم دخل قصر أندرون، حيث توجد أنفس خزانة للكتب وكان محظورا على أفراد الشعب أن يدخلوها، ولم يدخلها سوى الخليفة، وأقام فيها أحمد زكى أربعة شهور متوالية ومعه جيش من المصورين الفوتوغراف من أتراك وآرامنة وأروام.


بعد ذلك قدم مشروع إحياء الآداب العربية إلى وزير المعارف أحمد حشمت باشا، وقدم كشفا بأسماء كتب نواة للمشروع، واستطاع أن يعتمد من مجلس النظار 9392 جنيها فى 15 سبتمبر 1910، لإحراز واستنساخ وطبع 27 كتابا من المخطوطات العربية، وبرز المشروع وتوالت أسفاره من أجله، وطبع المشروع 55 مؤلفا ثم توقف، لكن أحمد زكى باشا مضى يعمل من أجله فنقل بضعة عشر ألفا من الكتب بالتصوير الشمسى.


أولى «زكى» اهتمامه بتحسين المطبعة العربية، ويذكر «الجندى»: «أدخل أنماطا جديدة من الحروف والعلامات عليها، وتمثل جهده فى عمل تاريخى ما زال باقيا إلى اليوم، فحروف المطبعة العربية التى كانت تمثل 905 أشكال استطاع أن يختصرها إلى 132 شكلا شاملة قواعدها فى الرقعة والثلث و46 علامة».


يضيف الجندى: «كانت لأحمد زكى جولة أخرى هى إدخال علامات الترقيم على الكتابة العربية، وفق النسق المستعمل فى كتابة اللغة الأوربية، وكان القارئ قبل استعمال هذه العلامات يعتمد دائما على فى حركات القراءة والوقوف على الذهن والقريحة، وليست أمامه إشارات أو علامات ترشده إلى ذلك، وقد يترتب على ذلك أن يعيد القارئ بعض الجمل حتى تستقيم القراءة، ومن أجل هذا فكر زكى فى إدخال هذه العلامات، فبدأ فى مراجعة الكتب العربية التى وضعها النابغون من السلف الصالح فى الوقف والامتداد، ورجع إلى ما تواضع عليه الإفرنج فى هذا وما كتبه العلامة «ده ساس» فوجد أن الطريقة العربية التى أشار إليها السرنجاوى والشاطبى لا تختلف عن الطريقة الغربية إلا فى جزئيات طفيفة، واصطلح على تسمية هذا العمل بالترقيم، لأن هذه المادة تدل على العلامات والإشارات والنقوش التى توضع فى الكتابة، وأضاف اصطلاحات فى كيفية رسم بعض الحروف، ووضع الحركات واختزال بعض الكلمات والجمل الدعائية الشائعة التى يحذف فيها حرف الألف «إله - إلاه» وأولئك - أولائك»، «هذا- هاذا»، «هؤلاء- هاؤلاء»، «لكن، لاكن»، «اللهم، اللاهم».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة