مع اقتراب دخول المدارس، اخترت لكم نموذجا من تراث العلماء والمربيين، الذين قدموا منهجا مهما فى آداب التعامل بين المعلم وطلابه، هو قاضى القضاة بدر الدين ابن جماعة.
حد مشاهير العلماء فى العصر المملوكى، مثل علماء عصره كالعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد وكان قاضي القضاة طيلة أربعين سنة في دولة المماليك. كما كان خطيبا لبيت المفدس، والمسجد الأموي والأزهر الشريف، وبدر الدين بن جماعة الذى ولد عام 1241م وتوفى عام1333م) أي أنه عاش قرنا من الزمان. بعد عصر صلاح الدين الأيوبي و قبل وفاة السلطان محمد بن قلاوون.
وابن جماعة هو صاحب كتاب المسالك في علم المناسك، نشأ فى بيت صوفي النزعة، فوالده وعمه كانا من كبار الصوفية و من كبار رجال الطريقة البيانية المعتدلين.
تتركز الصوفية عند ابن جماعة كما يقول الدكتور عبد الجواد خلف فى أنها كانت منهجا وسلوكا يعتمد على أن لله عبادا وقفوا أنفسهم على طاعته، وتقديم العمل، وترك الأمل، فهى ليست إهمالا للنفس والحياة، أو صوفية مظاهر و طقوس.
انتمى ابن جماعة إلى الذهب الأشعري نسبة إلى أبي الحسن الأشعري، فلم يعتقد بمذهب للحلول أو الاتحاد بين الخالق والمخلوق كما جاء فى كتابات ابن عربي، وابن الفارض، بل اتخذ طريقا وسطيا يجمع بين العقل والنفس، والعلم والروح، وصفاء القلب و الإخلاص وتطهير النفس والقلب من الأدران و الشوائب. فالتصوف عنده ليس لبس الصوف والجلوس فى التكايا، بل الزهد والورع والعلم و إعمال العقلى.
يقوم منهج ابن جماعة فى علم الكلام و العقائد على التصدى للمعتزلة، والرد على المشبهة فى قوله تعالى الرحمن على العرش استوى، وهو معكم أينما كنتم. فالله عنده يخاطبنا بما نفهم من إدراك المسموعات والمبصرات والمعلومات، مع تنزيهه من التشبيه بالمخلوقين.
كان ابن جماعة من المربين الذين تنبهوا إلى فضل المعلم، وأدب المتعلم مع نفسه ومع معلمه ومع الناس، وآداب التعامل مع الكتب و كيفية تعامل المعلم مع جيران المدرسة، من السلام و تحية الجميع إلى طريقة مشى المعلم، وطريقة ملابسه، وصوته الهادىء وقارا و إجلالا للعلم، فيقول ابن جماعة .. فائدة من علم بغير أدب، وأن على من يريد أن يكون عالما أن يتهيأ له بحسن الأدب.
وضع القاضي ابن جماعة دليلا يصلح مدونة سلوك ومنهجا لكل عصر فى التربية والتعليم للمعلم و الطالب معا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة