تحدثنا في مقال سابق أن الولايات المتحدة كان لها مخطط ومشروع عملت على تحقيقه بعد 2011 ولم تستطع تنفيذه بشكل كامل في ظل يقظة دول، وتنافس دولى وقوى عالمية أخرى لها في المنطقة، مما أدى إلى تراجع نفوذها وجرأة شركاء وحلفاء لها، والرغبة الكبيرة نحو التحول إلى نظام متعدد الأقطاب وهو ما أقلقها وبشدة.
وهنا كان النظر إلى إسرائيل باعتبارها أداة وظيفية لترسيخ النظام العالمى بقيادتها، فتلاقت الأهداف بين رغبة نتنياهو وحكومته المتطرفة في تحقيق أهدافها سواء كانت عقائدية أو سياسية، مع أهداف الولايات المتحدة فى إحياء مشروعها للسيطرة والمواجهة، للسيطرة من جديد على مقدرات المنطقة والتحكم فيها لخدمة نظامها العالمى التي تقوده، ومواجهة القوى الدولية الأخرى التي بات لها طموح، لتفرض كل هذه التطوُّرات دعم إسرائيل عسكريا واستخباراتيا وسياسيا واقتصاديا فى عدوانها على فلسطين، وفى نفس الوقت تعقد شراكات استراتيجية مع حلفائها لإعادة الثقة من جديد، ولا متصاص غضبهم من خلال خطاب سياسى وإعلامى مرن يدعو للاحتواء والتهدئة.
وتفرض أيضا التطورات على الولايات المتحدة ضرورة تعزيز أُصولها العسكرية ومراجعة انتشارها في الشرق الأوسط وهو ما تحدثت عنه إدارة بايدن خلال الـ 24 ساعة الماضية، وذلك باعتبار أن هذه ضرورة لأن واشنطن تخوض المواجهة على جبهات متعدِّدة، حيث يجتمع أكثر من طرف على هدف إخراج القوّات الأمريكية من الشرق الأوسط.
وأعتقد أن كل هذا يجعل الولايات المتحدة تواصل من دعمها لإسرائيل خلال الفترة المقبلة، خاصة أن سمعتها ورسالتها الخاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية اهتزت كثيرا، وأن نتنياهو يخرج كثيرا عن سياقها وطوعها، والسيطرة عليه باتت صعبة بعض الشئ.
وبالتالى أصبحت الولايات المتحدة أمام خيار لا مفر منه وهو الاستمرار فى دعم إسرائيل فى عدوانها على غزة ولبنان، خاصة أن محور المقاومة رغم الضربات التي توجه إليه ما زال يقوم بعمليات مُمنهَجة تتِم إدارتها بنجاح، ويتِم فيها استغلال نقاط الضعف الأمريكية لشن هجمات أكثر حدَّة من أيّ وقتٍ مضى، وفي الوقت نفسه الاستفادة من المشاعر المعادية للولايات المتحدة.
ليظل التخوف الأكبر، أن ينجح نتنياهو فى استغلال هذا الوضع والحالة الأمريكية وإدخالها فى مواجهة مباشرة فى حرب إقليمية مفتوحة وهو ما ستسفر عنه الأيام المقبلة ونسعى إلى كشف ملامح ما سيحدث من خلال رؤية تحليلية فى مقال آخر..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة