دفعت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والجوع المنتشر فى غزة الصيادين إلى ممارسات تعتبرها مؤسسات بيئية دولية انتهاكات خطيرة ضد الحياة البحرية.
وبحسب تقرير نشرته "القاهرة الإخبارية"، فقد تفاقمت أزمة الجوع فى قطاع غزة، ما جعل سكانها يبحثون عن بدائل غذائية لمواجهة ندرة الطعام، من أبرز هذه البدائل صيد الكائنات البحرية المحمية مثل الدلافين وأسماك القرش، رغم الانتقادات الواسعة من جهات دولية.
وفى مشهد غير مألوف على سواحل قطاع غزة، تمكّن صياد فلسطينى من اصطياد دولفين على شاطئ بحر خان يونس، جنوب القطاع، بحسب معلومات تداولها.
الفلسطينى محمد الغفارى
ونشر الفلسطينى "محمد الغفارى" على موقع التواصل الاجتماعى "إنستجرام" صورة لصيد الدولفين داخل القطاع، إذ أثارت الصورة اهتمام رواد شبكات التواصل، خصوصًا فى ظل التحديات التى تواجه الصيادين بسبب الحصار وأوضاع الحرب.
وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، يكافح الصيادون يوميًا لجلب صيد ولو متواضع لإطعام أسرهم، فى وقت يُشكل صيد الأسماك جزءًا مهمًا من الحياة اليومية فى قطاع غزة قبل الحرب، إذ كان يساعد الناس على كسب لقمة عيشهم عن طريق بيع ما يصطادونه يوميًا فى السوق وتوفير نوع من الطعام للسكان.
وأعدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية تقريرًا انتقدت فيه ممارسات بعض الصيادين الفلسطينيين من قطاع غزة فى صيد الأسماك المحمية، واصفة صورة الصياد الفلسطينى بأنه "ينشر صورة صيده للأسماك المحمية دون خجل"، ولم يتطرق التقرير العبرى إلى حالة الجوع الشديد الذى يصل درجة الموت ويتعرض له سكان القطاع المحاصر منذ أكثر من عام.
وذكرت الصحيفة العبرية أن رام نيرى من جمعية أسماك القرش فى إسرائيل، يتابع الصيد فى غزة منذ أربع سنوات وسجل كميات الصيد الكبيرة، بين عامى 2020 و2023، تم تسجيل واصطياد 1.556 سمكة قرش فى غزة، تنتمى هذه الأسماك إلى 8 أنواع مختلفة، ينتمى ثلثها تقريبًا إلى الأنواع المهددة بالانقراض، وفق مزاعمها.
وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعى صورًا نشرها نشطاء فلسطينيون مثل محمود زكى العمودي، يظهر فيها يحمل سمكة قرش صغيرة أكد أنه لاحقًا قام بطهيها.
وذكرت الصحيفة العبرية أن تلك الصور أثارت غضبًا واسعًا على الإنترنت، إذ رأى البعض أن هذه الممارسات تفاقم من تهديد الأنواع البحرية المهددة، فى المقابل، دافع العمودى عن الصيادين، قائلًا: "إن الظروف القاهرة التى يعيشها سكان غزة تجعل كل الموارد الغذائية متاحة للاستخدام، بما فى ذلك الكائنات المحمية".
ووصفت جمعية أسماك القرش فى دولة الاحتلال، بشدة ممارسات الصيد فى غزة، ووصفتها بأنها كارثة تهدد التنوع البيئى البحرى فى البحر الأبيض المتوسط.
الحصار الإسرائيلى المشدد والقصف المتواصل على قطاع غزة أديا إلى نقص حاد فى الإمدادات الغذائية، وفقًا لبيانات برنامج الأغذية العالمي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة تتجاوز 1000%. كما أن عدد شاحنات الإمدادات التى تدخل القطاع تقلص إلى 76 شاحنة يوميًا، ديسمبر الماضي، وهو أقل من سدس الرقم اليومى قبل الحرب.
ونتيجة لذلك، اضطرت منظمات الإغاثة إلى إعطاء الأولوية لتوفير الغذاء على حساب مواد الإيواء، ما جعل الأسر تواجه ظروفًا معيشية قاسية مع اقتراب فصل الشتاء.
على الرغم من الانتقادات الواسعة، يواجه سكان غزة ظروفًا إنسانية كارثية، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 95% من سكان القطاع نزحوا، بينما يعيش مئات الآلاف بلا مأوى أو طعام كافٍ. وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن العدوان الإسرائيلى أسفر عن 45.436 شهيدًا، بينهم أطفال ونساء.
وأغلقت العديد من منظمات الإغاثة الدولية، مثل منظمة المطبخ المركزى العالمي، عملياتها فى القطاع بسبب استهداف موظفيها، ما فاقم من معاناة السكان.
والظروف التى يعيشها سكان غزة تجعل الخيارات الأخلاقية صعبة، وفى ظل انتشار الجوع وفقدان الأمل، يصبح صيد الحيوانات المحمية خيارًا لا مفر منه للبعض، ومع ذلك فإن هذه الممارسات تسلط الضوء على الحاجة إلى تدخل دولى لإنهاء الحصار وتحقيق العدالة الإنسانية والبيئية.