"السبَت الخوص".. حرفة يدوية تراثية تخطى عمرها 100 عام بالدقهلية.. فن توارثته الأجيال لكسب الرزق الحلال داخل قرية "القباب الصغرى".. العمل يبدأ بجمع الغاب الأخضر وتمر بمراحل مختلفة

الأربعاء، 15 يناير 2025 03:00 ص
"السبَت الخوص".. حرفة يدوية تراثية تخطى عمرها 100 عام بالدقهلية.. فن توارثته الأجيال لكسب الرزق الحلال داخل قرية "القباب الصغرى".. العمل يبدأ بجمع الغاب الأخضر وتمر بمراحل مختلفة صناعة الأسبته داخل شوارع القرية
الدقهلية -محمد الحبشى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قرية كاملة فى شمال محافظة الدقهلية، تشتهر بحرفة يدوية قليلة الإنتشار، وتكاد تندثر لولا إستمرار عمل أبناء هذه القرية بها، حيث تخطى عمر هذه الحرفة وصناعتها المائة عام داخل القرية، وتعد إرثا لأبناء القرية عن أجدادهم وأباءهم الذين تعلموها عن طريق الجوالة، لتستمر المهنة التى يعتمد عليها الكثير من أهل القرية حتى الآن وتصبح مهنه وراثية تراثية داخل القرية

ويستعرض "اليوم السابع" خلال هذا التقرير تفاصيل وصول الحرفة الى القرية وخطوات التصنيع من البداية للنهاية، لواحدة من أقدم الحرف اليدوية وهى صناعة "السبت الخوص" داخل قرية "القباب الصغري" بالدقهلية.

صناعة الأسبته داخل شوارع القرية


قرية "القباب الصغري" التابعة لمركز ومدينة دكرنس فى شمال محافظة الدقهلية، والتى يعتمد أغلب الأسر بها على صناعة الأسبتة بأحجامها المختلفة، لتكون مركز رئيسى لتوزيع الأسبته الخوص فى مختلف محافظات الجمهورية، حيث يأتى اليهم الأشخاص لشراء منتجهم الذى يتمتع بدقة وكفاءة عالية بسبب خبرتهم التى توارثوها فى هذه المهنة.

وعند تجولك فى شوارع قرية القباب سواء الشوارع الداخلية أو الرئيسية، تجد الجميع يعمل فى صناعة الأسبته فى الشوارع، وتجد أسر كاملة تعتمد على هذه المهنة، وتجد البساطة والقناعة والإبتسامة التى تعبر عن الحب لمهنتهم تملئ وجوه الجميع أثناء العمل، ويشعر كل شخص منهم بالفخر والعزة أثناء الحديث عن هذه المهنة فهى مهنة تعتمد على الحرفين من الدرجة الأولى ولا يستطيع أى شخص عادى العمل بها.

الجوالة وبداية دخول الحرفة للقرية منذ أكثر من 100 عام

بدأت قرية القباب الصغرى تتحسس الطريق فى حرفة صناعة السبت الخوص منذ أكثر من 100 عام، وذلك عن طريق الأشخاص المتجولين والذى يطلق عليهم "الجوالة"، حيث أنهم يتجولون فى كل محافظات الجمهورية، ويقومون بصناعات مختلفة، ومن بين صناعاتهم هى "الأسبته الخوص" وكانوا يأتون الى قرية "القباب الصغري" على فترات متباعدة، وينتظرهم أبناء القرية، وقام أبناء القرية بمجاورة الأشخاص الجواله ومتابعة طرق تصنيعهم للسبت الخوص، وبدأوا فى تعلم المهنة خطوة بخطوة، ليبدأ مشوار صناعة الثبت الخوص داخل قرية القباب الصغرى منذ أكثر من 100عام، وتتوارثها الأجيال جيلا تلو الآخر .


وانتشرت الحرفة فى أروقة القرية كاملة، حيث يعمل بها العديد من الأشخاص داخل القرية، ويعلمها الآباء لأبناءهم لكى تستمر هذه المهنة التراثية بالنسبة للقرية الأشهر فى صناعتها داخل محافظة الدقهلية، والتى تقوم بتصديرها الى أغلب محافظات الجمهورية، كونها مهنة قليلة فى تواجدها وأيضا فى الأشخاص الحرفيين العاملين بها، لذلك تعد هذه القرية من أكثر الأماكن حفاظا على حرفة صناعة السبت الخوص على مستوى الجمهورية حتى وقتنا هذا.

الغاب الأخضر الأنسب فى التصنيع


حرفة "صناعة الأسبتة"، هى حرفة ليست ببسيطة، وتحولت الى مهنة للعاملين بها، وتحمل تفاصيل عديدة، حيث تعتمد كليا على "الغاب البلدي"، وخبرة صانعيها فى اختيار الغاب المناسب للعمل، حيث يعتمدون على خبرتهم ورؤيتهم أثناء عملية حصاد أو جمع الغاب البلدى من الأراضى الزراعية.
وتتواجد كميات الغاب البلدى على جانبى الترع الموجودة فى الأراضى الزراعية والتى يستخدمها المزارعون فى رى الأراضي، وفى محيط الأراضى الزراعية، ويعتمد صانعى الأسبته على البحث عن ما يسمى "الغاب الأخضر"، وهو غاب بلدى ذات مواصفات خاصة، حيث يتميز الغاب الأخضر بالليونه التى تساعد الصناع على تشكيله والتفافه بطريقة كاملة بسهولة أثناء التصنيع.

إرث المهنة من أجداد الأجداد


ويقول محمد الغريب وهو أحد صانعى الأسبته الخوص، إن المهنة تنشر فى القرية منذ سنوات بعيدة، وورثتها عن أجداد أجدادي، وتعلمتها فى سن صغير، حيث كنت فى الحادية عشر من عمري، حين تمكنت من العمل بها، والوقوف بجوار والدى أثناء العمل، وعندما تعلمت مهنة أخري، عدت مرة أخرى لصناعة السبت الخوص، حيث عملت فى مهنة النجارة لفترة، ولكن عدت مرة أخرى الى مهنتنا وحرفتنا الأساسية داخل القرية وهى صناعة الأسبته الخوص واعتمد عليها كليا الآن.
وأضاف: أجهز الغاب منذ المساء لأكون جاهزا فى كل صباح لبداية يوما جديد من العمل، والجميع فى القرية كذلك، فالمهنة ليست كما يعتقد البعض أنها سهلة، وتقوم بالتصنيع وبدء العمل المباشر، بالعكس تماما هناك خطوات يتم تنفيذها قبل مرحلة التجميع والتقفيل النهائية التى يشاهدها الأشخاص.

وعن المراحل التى تتم فى هذة الحرفة، قال محمد: البداية بتجميع الغاب البلدى ووضع الكميات فى مكان محدد، وبعدها نقوم بحمل كميات بسيطة نبدأ فى تنظيفها جيدا، ثم نتوجه الى أقرب مجرى مائى فى القرية، ونقوم بوضع الغاب بعد تنظيفه جيدا داخل المياه، وذلك تعد الخطوة الأهم فى التصنيع.
وأضاف: نترك الغاب فى المياه لمدة 24 ساعة حتى يلين تماما بعدها يتم استخراجه من المياه، ونقوم بفلق الغابه وشقها بالطول كاملا، مستخدمين فى ذلك "الشقرف الفلاحي"، حيث يساعدنا فى الشق بسهولة، ومايسهل علينا من البداية للنهاية هو وضع الغاب فى المياه، فذلك يجعل الغاب قابلا للشق وأيضا للإلتواء خلال عملية تصنيع السبت الخوص.

ويقوم صانع الأسبته الخوص بعد تجهيز الغاب ببداية العمل فى السبت، حيث يبدأ العمل بداية من الأسفل الى الأعلي، وتكون البداية من البادية، وهى قاع السبت من الأسفل، وأصعب جزء فى المهنه، حيث يقف الصانع ثم ينحنى ويكون الغاب أسفل قدمى الصانع أو الحرفي، ثم يبدء العمل بالدوران الكامل 360 درجة للعمل والإنتهاء من تكوين "البادية".


وتأتى المرحلة الثانية وهى مرحلة البرواز وهو الصفوف التى تعلو البادية مباشرة، وتأخذ المنحنى والدوران المتصل بالبادية، ثم بعد ذلك يقوم الصانع بلف الغاب حول الأعمدة المقامة بالطول ليكون حولها جسم السبت والذى يعرف بإسم "الملوه"، وتأتى أخر مرحلة وهى مرحلة اليد الخارجية للسبت الخوض والتى تعرف أيضا لدى الحرفيين بإسم "التكفية"، ليكتمل بذلك صناعة السبت الخوص بجميع مراحله.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة