صاحبة أول معرض داخل غزة منذ بداية الحرب.. الفنانة الفلسطينية التشكيلية رفيدة سحويل فى حوار مع "اليوم السابع": الاحتلال دمر منزلى ونجوت من الموت 5 مرات.. والمعرض صرخة وأرشيف عن حقبة الإبادة الجماعية.. صور

الثلاثاء، 07 يناير 2025 01:00 م
صاحبة أول معرض داخل غزة منذ بداية الحرب.. الفنانة الفلسطينية التشكيلية رفيدة سحويل فى حوار مع "اليوم السابع": الاحتلال دمر منزلى ونجوت من الموت 5 مرات.. والمعرض صرخة وأرشيف عن حقبة الإبادة الجماعية.. صور رفيدة سحويل الفنانة التشكيلية الفلسطينية صاحبة أول معرض داخل غزة منذ بداية الحرب
حوار / أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

** دشنت الجدار غير الأخير للتغلب على آلة القتل الإسرائيلي

** نزحت سبع مرات وفقدت شهاداتى العلمية وجزء من إنتاجى وأدواتى خلال التهجير

** المعرض صرخة بصرية وأرشيف بالصورة عن حقبة الإبادة الجماعية

** أنوى تدشين معرض ثالث بالقطاع وننسق لإقامته خارج القطاع

** رسالتى أن الفلسطيني يُعيد بناء حياته وحلمه من بين الركام رغم القهر والحصار

** أسعى للحفاظ على الذاكرة الجماعية الفلسطينية من التزييف والتوثيق للأجيال القادمة

** أتحدى الموت بالفن كسلاح مقاومة سلمي وتحويل الدمار إلى منصة للأمل

** سنبقى نرسم ونكتب ونُبدع حتى تُسمع حكاياتنا بلغة تفهمها كل القلوب

** هناك إقبال من سكان غزة على المعرض من كافة الفئات

** نجوت  من الموت المحتم خمس مرات وأقاوم الإبادة بالبقاء من خلال إنتاجي الفني

** الاحتلال يركز على محو الثقافة ونحن نثبت أن الحياة ما زالت مستمرة

** نخاطب العالم بلغة الفن لتحريك مشاعر الآخرين خارج غزة وتوصيل صوت شعبنا

 

أمام أحد جدران مستشفى شهداء الأقصى، في دير البلح وسط غزة - أكثر المناطق اكتظاظا بالنازحين حيث يهرول إليها المصابين للعلاج وتمتلئ بجثث الشهداء – نجد فنانة فلسطينية شابة أصرت على تحدى تلك المشاهد الدموية بآمال ورسائل معبرة عبر لوحاتها الفنية حرصت على عرضها في معرض تشكيلي بسيط – هو المعرض السادس لها في مشوارها الثقافي - ليمثل أرشيف بصري حول الحقبة الزمنية التي يعيشها سكان القطاع من الإبادة الجماعية، اسمه يوحى بالكثير من المعاني، ومكان إقامته بجوار واحدة من أهم مستشفيات المحافظات الوسطى رسالة للعالم بأن هذا الخراب الذي لم نشهد مثله قبل، لن يقتل صمود هذا الشعب الآبي، ومبدعيه قادرون على مواجهة آلة القتل والرصاص بالفن والرسم.

من رحم المعاناة يولد الأمل، وفي عز المحنة تظهر المنحة، هذا ما تبادر في ذهن الفنانة التشكيلية الفلسطينية رفيدة سحويل، وهي تدشن في 12 ديسمبر الماضي أول معرض تشكيلى في غزة، منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر الماضي، أطلقت عليه معرض "الجدار غير الأخير"، حيث احتوى المعرض على أكثر من 30 لوحة تعكس تفاصيل الحرب ومعاناة الغزاويين – ومن بينهم رفيدة وعائلتها النازحين وسط القطاع – أرادت من خلال ريشتها إطلاق صرخة بصرية، وذاكرة منقوشة باللون بأن سلاح الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال ليس فقط السلاح ولكن أيضا الفن والإبداع.

خلال الصور التي أمدتنا بها رفيدة سحويل، نجدها دائما تستقبل الوافدين للمعرض بابتسامات بسيطة، وبملامح يملؤها الأمل والشغف والإصرار على مواجهة هذا الإجرام الإسرائيلي بحق شعبها، لاحظت خلال حوارى معها ثلاث أشياء، الأول اختيار الشهر – ديسمبر – وهو نفس شهر ميلادها كما ذكرت عبر صفحتها الرسمية، والثاني أن هذا هو المعرض السادس لها رغم سنها الصغير الذي لم يتخط الـ37 عاما، والثالثة هو أن كل إرثها الثقافي من لوحات ورسومات وكتب دمرها الاحتلال خلال قصفه لمنزلها ورغم ذلك لن يسيطر عليها اليأس والإحباط، وصممت على أن تبدأ من جديد في توثيق هذه الجرائم بريشتها في هذا المعرض.

رفيدة سحويل
رفيدة سحويل

عانينا كثيرا خلال محاولات تواصلنا مع رفيدة سحويل، بسبب انقطاع الإنترنت بشكل متكرر في القطاع، بجانب صعوبة الاتصالات بدير البلح، ووفقا لتصريحاتها تعرضت للموت أكثر من مرة منذ بدء الحرب، لم نلاحظ على لهجتها أي خوف أو توتر من بشاعة المشاهد التي رأتها وما زالت داخل القطاع، خاصة أنها تقيم معرضها بجوار مستشفى تستقبل يوميا عشرات الشهداء والجرحى، وتشاهد وتسمع بأعينها وأذنها صرخات الجرحى وذوى الضحايا، بل كان كلامها مفعما بالأحلام والصمود ضد إرهاب جنود الاحتلال، لتؤكد أن المواطن الفلسطيني قادر على تحويل هذا الدمار الغاشم الذي يلاحق قطاعه إلى منصة للأمل.. وإلى نص الحوار ..

كيف جاءت لك فكرة تدشين معرض "الجدار غير الأخير"؟

معرض الجدار غير الأخير يعد حصيلة إنتاجي في يوميات الحرب، حيث بدأت الانتاج الفني منذ شهر نوفمبر لعام 2023 – أي بعد شهر واحد من الحرب  - وهذا من دافع التغلب على آلة الإبادة الجماعية التي نواجهها بشكل يومي، خاصة أن الحرب تقتل جوهر الإنسان ومن هو باقي على قيد الحياة المهددة ببقائه، وتحوله إلى آلة ميكانيكية في وسط متطلبات الحياة اليومية القاسية، لكن الفن يعيد الإنسان إلى جوهره الإنساني، وأنا فعليا شعرت أني باقية موجودة خلال ممارستي للإنتاج الفني.

افتتاح المعرض التشكيلي
افتتاح المعرض التشكيلي

لماذا جاء توقيت هذا المعرض الفني في ديسمبر 2024 أي بعد حوالى عام وشهرين من بداية العدوان؟

"الجدار غير الأخير" ليس مجرد معرض فني، بل صرخة بصرية، وأرشيف واقعي بالصورة عن حقبة الإبادة الجماعية التي نتعرض لها يوميا على مدار سنة وثلاثة أشهر.

ما هي الرسالة التي تسعين لإيصالها من هذا المعرض؟

الرسالة إلى العالم هي أن الفلسطيني رغم القهر والحصار يُعيد بناء حياته وحلمه من بين الركام، خاصة أن المعرض يروي حكاية الجدران التي كانت شاهدة على أحلامنا، انكساراتنا، وأصواتنا التي لا تزال تصدح برغبة في الحرية والحياة، وهذه الاعمال التي تعلق على الجدران شهادة حية من حرب الإبادة التى نعيشها ونوثقها.

ترخيص إقامة معرض صور تشكيلية بجوار مستشفى شهداء الأقصى
ترخيص إقامة معرض صور تشكيلية بجوار مستشفى شهداء الأقصى

هل هذا أول معرض تشكيلي يقام في غزة منذ بداية العدوان؟

صحيح هول أول معرض تشكيلي فردي.

جانب من المعرض
جانب من المعرض

ما هي أهدافك خلال تدشين هذا المعرض؟

الحفاظ على السردية الفلسطينية، من خلال الحفاظ على الذاكرة الجماعية الفلسطينية من التزييف أو النسيان، خاصة أن المعرض يروي حكايات الناس الذين عاشوا ويلات الحصار والحرب، ويوثق صمودهم في مواجهة محاولات الاحتلال لطمس هويتهم وتاريخهم، بجانب تحدي الموت بالفن، وتوثيق الأحداث للأجيال القادمة، لأنه من خلال المعرض، أسعى إلى توثيق اللحظة الراهنة بكل تفاصيلها للأجيال القادمة، حتى تكون شاهدة على ما عاناه الفلسطينيون وما قدموه من صمود ونضال.

كيف يتحدى المعرض الموت من خلال الفن؟

المعرض هو رسالة تحدٍ، يواجه حرب الإبادة بالألوان، ليقول إن الفن هو سلاح مقاومة سلمي، ومهما حاول الاحتلال تدمير الحلم الفلسطيني، فإن الإبداع يثبت أن الفلسطيني قادر على تحويل الدمار إلى منصة للأمل دائما .

إقبال أهل غزة على المعرض
إقبال أهل غزة على المعرض

كيف يمثل هذا المعرض نافذة للفلسطينيين إلى العالم؟

المعرض بالفعل عمل على  إيصال صوت غزة إلى العالم، لأن المعرض يحمل رسالة للعالم بأن غزة ليست فقط منطقة حرب، بل هي مكان مليء بالحياة، الإبداع، والإنسانية إنه محاولة لفتح نافذة صغيرة للعالم على المعاناة اليومية للفلسطينيين، وأيضًا على جمال إرادتهم التي لا تُقهر.

إحدى اللوحات
إحدى اللوحات

لماذا كان اختيار جدران مستشفى شهداء الأقصى موقعا للمعرض؟

اختيار المكان جاء في ظل تدمير المراكز الثقافية والقاعات الفنية من قبل قوات الاحتلال، فتم اختيار ساحة مستشفى "شهداء الأقصى" لتنظيم المعرض، لأن هذا المكان يحمل رمزية عميقة، حيث يلتقي فيه الألم والأمل، وأريد من خلال اختيار المستشفى مكانا للمعرض تحويل كل مكان في غزة إلى منبر ثقافي، كما أنه يتواجد في المكان المصابون والنازحون يتواجدون فيه، ليكون المعرض قريبًا من الناس الذين يحكي قصصهم.

رسومات رفيدة سحويل
رسومات رفيدة سحويل

لكن ألا تخشين من استهداف الاحتلال للمعرض خلال قصفه المتواصل لمدينة دير البلح؟

نحن نحاول التكيف مع الظروف الأمنية، حيث قررت تنظيم المعرض في منطقة تُعتبر نسبيًا آمنة من القصف، مثل المستشفى لضمان سلامة الحضور، بحيث يمكن للحضور رؤيته دون تعريضهم للخطر، كاعتقاد عام خاص برغم تعرض مستشفى شهداء الأقصى إلى قصف تسع مرات، ونحن شعب صامد لديه اصرار قوي وعميق على الحياة دائما .

دعوة افتتاح المعرض
دعوة افتتاح المعرض

ما هي الأدوات التي تستعينين بها خلال تدشين المعرض؟

دشنته بإمكانيات بسيطة متاحة حاولت عرض الإنتاج بطريقة تليق بحكايات وقصص من فقدناهم.

خلال افتتاح معرض الجدار غير الأخير
خلال افتتاح معرض الجدار غير الأخير

هل المعرض هو عرض واحد فقط في مستشفى شهداء الأقصى أم له عروض أخرى في دير البلح؟

المعرض كان له عرضين، حيث عرض في مستشفى شهداء الأقصى والعرض الثاني وسط مدينة دير البلح حيث مكان نزوحي وهذا من دافع تأكيد على استمرار الحياة ومقاومة الموت.

جزء من المعرض
جزء من المعرض

هل هناك إقبال من جانب أهالى غزة على المعرض؟

نعم.. الجمهور متنوع، حيث يقبل على المعرض الأصدقاء الفنانين والكتاب، والعاملين في مجال حقوق الإنسان والأطباء، والمصابين، والأطفال والنساء.

جانب من رسومات المعرض
جانب من رسومات المعرض

كيف تغلبتى على الصعوبات والتحديات خلال تدشين المعرض التشكيلي؟

نجحت في تخطي القصف والعدوان، كما هو تخطي الموت، حيث نجوت شخصيا خمس مرات من الموت المحتم وصراع الإبادة الجماعية حول البقاء ومن خلال إنتاجي الفني أقاوم الإبادة بالبقاء، والاستمرار في صنع الفن وسط ظروف الحرب والقهر في غزة ليس مجرد فعل إبداعي، بل هو عمل مقاومة وبقاء في حد ذاته.

رفيدة سحويل
رفيدة سحويل

كيف تستطيعين إقامة ستة معارض ورسم لوحات رغم انشغالك بالأسرة والأطفال؟

بصراحة هناك إرهاق في ظل ظروف كثيرة صعبة وبمكان غير مهيأ لإقامة المعارض، بجانب فقدان أدواتي وشح الخامات، حيث لا يوجد خصوصية للإنتاج ومكان متاح، ناهيك عن حرارة الصيف التي عايشتها خلال التجهيز للمعرض وكانت قاتلة، فكنت اتعذب، حيث أحب الرسم وكنت أريد بداية العمل، لكن الحرارة مرتفعة للغاية، ودائما ما أسعى لإفراغ نفسي للانتهاء من رسوماتى الخاصة بالمغرض، ورغم أنه حاليا الوقت ضيق كثيرا بسبب قصر النهار في الشتاء، وبعد المغرب لا يوجد مجال لأي إنتاج، لأنه لا يوجد كهرباء أو مصدر إنارة، بجانب الانخفاض الحاد في درجة الحرارة الآن لكن لازلت أكمل مشواري بإنتاج المزيد من الأعمال وأعمل حاليا على إنتاج فيديو أرت.

لوحات روفيدة سحويل
لوحات روفيدة سحويل

هل تخططين لإقامة معارض أخرى خلال الفترة المقبلة بأماكن جديدة داخل غزة غير دير البلح؟

نعم.. أطمح وأنسق لمعرض ثالث ربما سيكون بالقطاع، ولكن هناك تنسيق لتدشينه خارج قطاع غزة أيضا.

معرض الجدار غير الأخير
معرض الجدار غير الأخير

كيف أثر العدوان الإسرائيلي على حياتك؟

قبل العدوان كنت أحضر نفسي وأنتظر قدوم عيد ميلادى في 3 ديسمبر لافتتاح معرضي الشخصي الخامس، وفي اليوم الثاني من الحرب الثامن من أكتوبر نزحت تحت أثر القصف وسقوط الركام لمنزلي فوق رأسنا أنا وعائلتي، خاصة أننى أنتجت قبل الحرب 18 لوحة للمعرض، وكنت بصدد استكمال المزيد من الأعمال ليتسنى افتتاح معرضي الشخصي.

جانب من الإقبال على المعرض
جانب من الإقبال على المعرض

ما هو مصير الـ18 لوحة؟

فقدت أعمالي جميعها ومرسمي وأدواتي ومكتبتي، بسبب قصف منزلي ، ولكن كنت قد وثقت بعضها بالصور من أعمالي الجديدة أثناء تنفيذها، ولم يتبق شيئا سوي الحطام والذكريات وكثير من الفقد، وكذلك كانت تحتوي مكتبتي على ما يزيد من 1000 كتاب ومصادر موزعة ما بين منزلي ومنزل أهلي والذي أيضا تم استهدافه وقصفه، كان هناك الكثير من القصص، ولم يتبق شيئا.

جانب من اللوحات
جانب من اللوحات

كيف كان شعورك بعد فقدان هذا الكم من اللوحات والكتب؟

كان شعوري الحزن الشديد، فقد ذهبت تلك الأعمال الفنية ولم تعد، فمن يستطيع استرجاع الزمن وعودة ما كان ، من يستطيع تغيير الواقع، وكيف لأعمالي أن أسترجعها وأستعيد لحظات انتاجها، ومن يستطيع أن يجعلنا نمحي ما عاش فينا من ألم وواقع بشع.

جانب من المعرض
جانب من المعرض

كم عدد مرات النزوح التي خضتيها خلال الحرب؟

نزحت سبع مرات.

رفيدة سحويل مع لوحاتها
رفيدة سحويل مع لوحاتها

هل تسبب النزوح في فقدان بعض لوحاتك الفنية؟

نعم.. فقدت أثناء النزوح بعض الإنتاج الذي انتجته أثناء الحرب، وأيضا فقدت أدواتي التي تمكنت من شرائها أثناء الإبادة، بجانب الكثير من مقتنياتي وأهمها شهاداتي العلمية.

فلسطينيون يقبلون على المعرض
فلسطينيون يقبلون على المعرض

هل لديك ضحايا من عائلتك جراء هذه الحرب؟

نعم.. فقدت بعض أفراد عائلتي الممتدة، وكذلك بعض الأصدقاء، والأمر لم يكن مجرد خسارة أشخاص، بل كان فقدانا لجزء من جذوري، فالأصدقاء كانوا أصواتا تعطي دفئا وأمانا وسط الفوضى، وهؤلاء الذين ذهبوا لم يكونوا فقط قريبين بالدم، بل جزءا من ذاكرتي الجماعية، ورحيلهم فجأة وبقسوة وبهذه الطريقة، ترك داخلي فراغا لا يملأ، وكأن الحرب لم تكتف بالجدران بل امتدت لتقتلع أرواحا من قلوبنا، وفي هذه الإبادة، ما فقدته ليس مجرد أشياء أو أشخاص، بل أجزاء من هويتي، من نفسي، ومن كل ما كنت أظنه ثابتا في حياتي او مستمر.

ما هو الشعور الذي يتبادر إلى ذهنك بشكل مستمر منذ بداية العدوان؟

شعور كيف لنا أن نري وجوه الأحباء والأصدقاء الذين فقدناهم بالحرب؟ وهل سنبقي على قيد الحياة لنشهد انتهاء الحرب أم لا؟! وهل أستطيع مواصلة تقديم معارضي في ظل ما فقدته وما سأفقده في ظل ظروف نفسية صحية اجتماعية اقتصادية صعبة الترقية والتعديل؟

معرض الجدار غير الأخير
معرض الجدار غير الأخير

كيف يصبح الفن وسيلة للبقاء النفسي؟

في ظل الحرب، الفن يساعدني على التعامل مع الخوف، الصدمة، والحزن، وهو طريقة للتعبير عن مشاعري الداخلية، وترتيب الفوضى التي أعيشها داخليًا وخارجيًا، بجانب أنه وسيلة لمقاومة الموت والدمار، فبينما يركز الاحتلال على محو الحياة والثقافة، فإن استمراري في الفن يثبت أن الحياة ما زالت مستمرة، وأن الهوية الفلسطينية لن تُمحى، كما أن الإبداع وسط الخراب رسالة بأن الإنسان يستطيع تجاوز الدمار بحلمه وروحه.

هل ترين أن الفن يعد وسيلة للبناء في مواجهة آلة الدمار؟

نعم.. الفن في غزة ليس رفاهية، بل ضرورة، لأنه وسيلتنا للتعبير عن الألم، للصمود أمام القهر، ولإعادة بناء عالمنا الخاص وسط الخراب، فهو دليل على أن الحياة أكبر من الحرب، وأن روح الإنسان لا يمكن أن تُهزم، وكذلك الرسم أو التلوين خلال الحرب يوثق ما أعيشه من معاناة وقصص يومية، لتبقى شاهدة على ما حدث للأجيال القادمة لأن الفن هو أداة صادقة لنقل الواقع كما هو، دون تحريف أو تلاعب.

كيف يمكن لأعمالك في المعرض أن تستجلب تعاطف الخارج نحو حقوق الشعب الفلسطيني؟

الأعمال التي أقدمها في المعرض توصل رسالة مهمة لأنه عندما أبدع انتاجا، هنا أخاطب العالم بلغة عالمية وهي لغة الفن، وأعمالي قد تحرك مشاعر الآخرين خارج غزة، وتوصل صوت شعبي بطريقة أعمق وأكثر تأثيرًا، خاصة أن الحرب تجعل كل شيء يبدو ميكانيكيًا، مليئًا بالدمار والخوف، لكن الفن يعيدني إلى الجوهر الإنساني.، بينما الإبداع يذكرني أني لست برمجة قائمة على كوني ضحية للحرب، بل إنسانة قادرة على التعبير والتغيير.

كيف ترين دور الفنانين والمثقفين في تجسد الحالة الفلسطينية الراهنة وبث روح التفاؤل بالمستقبل؟

دور الفن والثقافة كبير للغاية، فهما الأمل والبقاء، خاصة أن  الفن هو شكل من أشكال الأمل، وعندما ابدع انتاجا، فأنا هنا أقول لنفسي وللعالم أن هناك غدًا أفضل، وأن الحياة تستحق أن تُعاش، بجانب المشاركة في المقاومة الثقافية، لأن غزة ليست فقط أرضًا للمعاناة، بل هي أيضًا مهد للثقافة والإبداع، والاستمرار في صنع الفن يجعل العالم يتذكر أن غزة مليئة بالحياة، رغم محاولات العدو لطمسها. 

ما هي رسالتك للعالم؟

نحن نقف أمام الحروف التي تحمل وجعًا أكبر من الكلام، وأمام كلماتٍ تتحدى الصمت العالمي، غزة شعبٍ يُباد أمام أعين العالم، ففي غزة، تنكسر البيوت على أهلها، وتُدفن الأحلام تحت الأنقاض، ونحن كفنانين، نحمل فرشاة الألم وألوان الحقيقة لنقول للعالم" هنا كانت غزة، هنا عاشت أحلام أُطفئت بظلمكم، لكن هنا أيضاً ولد الأمل من تحت الركام"، ورسالتنا ليست مجرد احتجاج؛ إنها دعوة للحياة، للكرامة، والإنسانية تنسى نفسها أحيانًا وسط الفوضى، وسنبقى نرسم، نكتب، ونُبدع، حتى تُسمع حكاياتنا بلغة تفهمها كل القلوب وهنا لازلنا على قيد الحياة طالما ما زلنا نفيض إبداع وعطاء.

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة