د.عمرو هاشم ربيع

النظام الانتخابى.. كلاكيت عاشر مرة

الإثنين، 19 نوفمبر 2012 08:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النظام الانتخابى من الأمور الشائكة للغاية فى مصر، فهو سبب نواكب النظام السياسى المصرى، بل يمكن القول أنه لا يوجد نظام سياسى عانى من عدم استقرار مثلما عانت منه مصر فى العقود الأربعة الماضية.

والآن وبعد مرور تلك السنوات هل تعلمنا من تجاربنا ونحن على أعتاب إقرارا نظام انتخابى جديد؟ لا شك أننا بالفعل بدأنا ننطلق بشكل صحيح. فتقنين الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية على دستورية قوانين الانتخاب، هو من الأمور المهمة، بحيث تتعامل الدولة المصرية مع هذا القانون شأنه شأن قانون انتخابات الرئاسة. هنا أيضًا التخوف لا زال قائمًا من عدم دستورية البرلمانات القادمة بسبب الممارسات المتوقعة. خذ مثلا، أنه فى حالة إقرار النظام المختلط الذى تفضله جماعة الإخوان المسلمين وهو 50% للقائمة و50% للفردى على عكس ما يطلبه الحرية والعدالة من إعمال النظام الفردى بنسبة 100%، هذا الاقتراح إذا ما تم تمريره، سيواجه على الأرض بالمشكلة السابقة وهى مزاحمة المستقلين للأحزاب والعكس. هنا يطرح البعض تقنين قانون الانتخاب لتلك المزاحمة. وهو أمر بالتأكيد سيقودنا للمربع الأول، لأنه لا يمكن المساواة بين المزاحمتين، فالأحزاب أقوى بكثير من المستقلين. البعض يطرح عدم تقنين المزاحمة مقابل إقرار المرشح المستقل بعدم انضمامه لأى حزب قبل الانتخابات بعامين أو ثلاثة.

المشكلة الثانية التى يواجهها المشرعون هى أننا بحاجة إلى استقرار وزارى، ومن ثم فإن وجود أى نسبة من المستقلين فى أى نظام انتخابى ربما سيعيق تأليف تكتلات حزبية قوية فى البرلمان القادم، مما يشى بائتلافات هشة، لا سيما وأن الدستور القادم سيقر بالنظام المختلط وليس بالنظام الرئاسى.

المشكلة الثالثة هى تقسيم الدوائر الانتخابية، وهنا نشير إلى أن حالة مصر من أكثر الحالات تعقيدًا لإنجاز هذا التقسيم، حيث يتركز السكان فى 20 محافظة فقط بينما تخلو باقى المحافظات من الناخبين، ومن داخل تلك المحافظات المزدحمة هناك مناطق مأهولة ومناطق فارغة من السكان، هنا بالتأكيد من المهم إعمال التناسق فى التمثيل، بمعنى التخلى عن قاعدة المساواة بين الدوائر فى تمثيل عدد محدد من المشرعين، والانتقال إلى التناسب بمعنى أن الدائرة التى بها 100 ألف تمثل بعضوين والتى بها 200 ألف تمثل بأربعة، وهكذا دون المساس بالدوائر القائمة التى يفضلها الأمن، لأنها ربما يثير تغيرها نعرات جهوية واقتتال قبلى. لكن هنا يجب تفعيل تمثيل فئات محددة مهما كانت حجم الدائرة من حيث عدد الناخبين، والمثال الأبرز هنا مناطق النوبة وسيناء، بمعنى أن يمثل النوبيين وبدو سيناء بعدد ملائم مهما كان عدد الناخبين فى تلك المناطق.

المال الانتخابى، يثير أيضًا مسألة المساواة بين الناخبين، وينذر إهماله بوجود برلمان من المشرعين الأغنياء بعد مباراة فى الإنفاق كبيرة. كما تثير مسألة الإنفاق مسألة الرقابة على التمويل الخارجى للحملات الانتخابية. فى هذا الإطار يجب الإقرار بصعوبة الرقابة على المال المنفق، فالصرف وفق شيكات بنكية كما يفعل الغرب أمر مستحيل فى مصر، والتلكؤ بالتبرعات من قبل الغير أمر آخر يعد حجة للإفلات من الرقابة المالية، كما أنه من الصعوبة – وإن كان من غير المستحيل - أن تكلف الأجهزة الرقابية أشخاصا معينين لتقدير جزافى للإنفاق والتبرعات لكل مرشح.

الفصل فى صحة الطعون، أيضًا مشكلة وجد حلا لها بإلغاء الاستشكالات على أحكام المحاكم، والإقرار بالفصل وليس مجرد التحقيق لمحكمة النقض للفصل فى صحة العضوية، لكن الأهم والذى لم يقر حتى الآن ومن السهل إقراره، هو سن تشريع يجعل الفصل فى الخصومات الانتخابية قبل الاقتراع أمر يتحتم حسمه قبل الاقتراع بأسبوع، وهو ما يعطى لدوائر محددة الفصل فى هذه الخصومات وسرعة إنجازها. بحيث يتبقى لنا خصومات إعلان النتائج وهى محدودة مقارنة بخصومات الترشيح.

يبقى الإشراف على الانتخابات، وهنا حلت المسألة بالإشراف عبر المفوضية الوطنية، عوضًا عن الإشراف القضائى الكامل. لكن من الغريب أن يقر مشروع الدستور الإشراف للجنة العليا للانتخابات المعتادة للإشراف على الانتخابات القادمة، ويرجأ عمل المفوضية لما بعد ذلك. أما الرقابة غير الرسمية، فيتحتم تفعيل رقابة مؤسسات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية للانتخابات عوضًا عن الحديث عن الإشراف الذى يخل بالسيادة المصرية وعوضًا عن المتابعة المعمول بها، والذى يفقد الرقابة من مضمونها.

كل هذه الأمور تنهى مشكلات الانتخابات فى مصر، المهم سلامة النوايا، والذى يعتقد بتوافره الآن.. على الله فصد السبيل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة