يبدو أن المجلس القومى للمرأة يعمل بطريقة «موسم أكل عيش.. وكل سنة وأنت طيب يا بيه».. فكما يحل شهر رمضان ضيفا كريما على باعة العرق سوس والتمر الهندى والكنافة والقطايف، تروج فيه تجارتهم ويحققون فيه ربحا معقولا من تلك «السبوبة» الموسمية.. فإنه أيضاً يعطى من نفحاته الكريمة مجالا وفرصة لا بأس بها لأعضاء المجلس، بما يحمله لهم من مسلسلات تتناول بطبيعة الحال، المرأة المصرية، أو كما يدعون «صورة المرأة المصرية»، وهو أكلشيه ثابت وراسخ ومتكرر منذ خلق الله المسلسلات الرمضانية.. فتستنفر عضوات وهوانم المجلس حواسهم، ويشحذون طاقاتهن الكلامية و«البيانية» ويشرعون فى نقد وتقطيع الدراما، وبما أنهم لا يجيدون فعل أى شىء مع حمار الواقع، فإنهم فى الأغلب يتشطرون على بردعة الخيال الفنى.
خرجت علينا الدكتورة عزة هيكل بتصريحات نارية، ضد دراما رمضان، وتحديدا فيما يتعلق بصورة المرأة فى الأعمال المتنافسة هذا العام، فهناك القاتلة والمتسلطة والمستبدة، والجارية وضحية الرجل والمجتمع، والتى تملك طموحا مدمرا، وتوظف كل شىء حتى نفسها من أجل تحقيق ذلك.
ويبدو أن المنظمات النسوية والحقوقية العاملة فى مجال الدفاع عن قضايا المرأة ودورها فى المجتمع، قد قررت أن تفتح النار على تلك النوعية من الأعمال، حيث يرون أنها تحمل إساءات بالغة للمرأة المصرية، واعتبرت الدكتورة عزة هيكل أن الدراما المصرية سبب مباشر فى زيادة معدلات التحرش خلال الآونة الأخيرة، حيث إنها تجسّد دور المرأة وكأنها عاهرة وسلعة سهلة المنال، وتناست أن دور المرأة الريادى لا يجوز أن يقابل بهذا النكران، مؤكدة أن المجلس القومى سيتخذ إجراءات صارمة وحاسمة برفع دعاوى قضائية ضد صُنّاع الأعمال الدرامية التى تعمدت تشويه المرأة المصرية بكل الطرق، لافتة إلى أن المجلس لن يقبل أى مبررات من شأنها التغاضى عن رفع الدعاوى، متسائلة: «هو مفيش نموذج ناجح نتكلم عنه، كل النماذج اللى فى مجتمعنا فاسدة؟».
وأود أن أسأل السيدات الفضليات، فى المجلس القومى للمرأة، هل الدراما المصرية تختلق مثل هذه النماذج؟ هل يقرأن الفضليات صفحات الحوادث فى الجرائد المصرية؟ هل سمعن عن الفقر ومعدلات البطالة، ماذا عن المرأة المعيلة؟ ماذا عن التحرش والذى تضطر الكثير من النساء حتى فى المراكز العليا والوظائف المرموقة والتى تتحمل الكثير من أجل عملها ومسؤولياتها؟ فهل من المفترض أن تغض الدراما بصرها عن مثل هذه الأعمال؟ وهل على كتاب الدراما أن يقوموا فقط بإظهار الجانب الوردى فى الحياة؟ نعم أنا مع إظهار نماذج لسيدات مكافحات فى طبقات مختلفة، ولكن ضد تجاهل مثل هذه النماذج، والتى تعرى وتكشف حال المجتمع المصرى؟
والسؤال الأهم هل دور المجلس القومى للمرأة يتمثل فى كيفية معالجة واقع أليم تعيشه المرأة المصرية، وأيضاً العمل على تغيير ثقافة ذلك المجتمع الذكورى، ودعم المرأة بكل الطرق، أم فقط تجلس عضواته ويمصمصن الشفاه، مكتفين برفض الصور السيئة للمرأة فى الدراما، وبعضهن يجرين على رئاسة مجلس الوزراء ليستنجدن برئيس الوزراء، ليعطى تعليماته بمنع الأعمال «الوحشة» والرديئة فى السينما والتليفزيون؟
مع كل تقديرى واحترامى لأعضاء المجلس القومى للمرأة والمنظمات الحقوقية، اعملوا على الأرض، وحاولوا تغيير الواقع، ثم تحدثوا بعد ذلك عن الدراما وما تقدمه من نماذج، ويبدو أن كتاب الدراما أصبحوا هم الشماعة التى يعلق عليها فشل منظمات كاملة فى المجتمع لا تستطيع القيام بدورها؟ وعليهم أيضاً أن يستعدوا للعمل وفق الكتالوجات الفنية التى ستوزع عليهم، سواء من قبل المنظمات النسوية أو أى جهات أخرى فى الدولة، وذلك بغض النظر عن أن الدراما دائماً تتعامل مع ما هو غير مألوف.
وعلى كتاب الدراما أن يقلقوا ويخافوا من الفترة المقبلة، حيث هناك تهديد واضح بملاحقتهم بالدعاوى القضائية، خصوصا أن الدكتورة عزة قالت لا أستثنى أحداً، فالمرأة فى جميع المسلسلات ظهرت إما مريضة أو قاتلة أو منحرفة أخلاقياً، مؤكداً أن هذه الأعمال تعد أكبر انتهاك لحرمة المرأة، حيث جسّدتها وكأنها امرأة مُباحة للجميع: «الدراما كانت وما زالت سبباً فى تفشى التحرش والظلم الذى يقع على المرأة».. اخص عليكوا يا بتوع الدراما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة