يعتبر المتحف المصرى الكبير، الحدث الأبرز فى عالم الآثار المصرية فى السنوات الأخيرة، خاصة أنه تفصلنا شهور عن الافتتاح الجزئى له، إذ يضم 50 ألف قطعة للعرض، وهو محط اهتمام كبير من الدولة، ولهذا يتم العمل على قدم وساق للانتهاء من المشروع حتى يكتمل افتتاحه فى 2020، ومن المأمول أن يعيد هذا الصرح الكبير مصر إلى صدارة الإقبال السياحى.. ولهذا أجرى "اليوم السابع" حوارًا مع المشرف العام على المتحف المصرى الكبير الدكتور طارق توفيق وإلى نص الحوار..
ــ كيف يتم اختيار القطع الأثرية المقرر عرضها بالمتحف الكبير؟
منذ أن بدأ التفكير فى هذا المشروع القومى الضخم وهو المتحف المصرى الكبير، كان التركيز فى القطع التى سيتم عرضها، واختيرت لجان علمية على مدى سنوات منذ عام 2002 لاختيار القطع الأثرية التى سيتم عرضها بالمتحف، لكن منذ عام 2014 وقت تشرفى بتولى الإشراف على المشروع، بدأ المشروع تتضح له خطة زمنية، وأصبح من الهام البحث فيما يطلق عليه النقاط الناقصة فى المجموعات المختارة، بمعنى أن المتحف سيعرض الآثار مصر من قبل التاريخ، وحتى العصر اليونانى والرومانى بمصر، إلى جانب المجهود الكبير الذى بذل من قبل فى اختيار القطع، فهناك بعض الفترات الزمنية التى كان بها نقص لبعض الشىء، فهناك بعض الأفكار والموضوعات التى كان يفتقر إليها المتحف الكبير خاصة بعد أن تم تأكيد هوية المتحف.
ــ ما هوية المتحف المصرى الكبير؟
هويته تعكس هيبة الدولة المصرية القديمة وتتحدث عن فكرة الملكية والأبدية بمصر القديمة، وبالتالى لخدمة هذه الهوية كان لابد من استكمال الاختيارات من خلال لجنة علمية رفيعة، والتى قاربت على الانتهاء من أعمالها نظرا لاقترابنا من الافتتاح الجزئى من المتحف.
ــ وماذا عن الإعداد للافتتاح الجزئى المقرر فى 2018؟
تمت الاختيارات، نظرا لأن الافتتاح الجزئى سيكون مبنيا على مقتنيات الملك الذهبى توت عنخ آمون، وتم حصرها بالكامل، حتى يتم عرضها لأول مرة وعددها يزيد عن 5000 أثر.
ــ ما التصور لسيناريو العرض المتحفى داخل المتحف المصرى الكبير؟
سيناريو العرض المتحفى يمر بأكثر من مرحلة، المرحلة الأولى كانت مبكرة جدا فى المشروع وتم الالتزام بها، بمعنى أن قاعات العرض مقسمة إلى قاعتين رئيسيتين للملك توت عنخ آمون، ثم قاعات تاريخية متتالية تعكس تاريخ مصر من قبل التاريخ وحتى العصر اليونانى والرومانى، وهذا السيناريو المبدئى العام لم يتم تغييره، ثم المرحلة الثانية وهى الأفكار العامة للسيناريو الجديد، وهنا طرحت عدة أفكار خلال المؤتمر الدولى الأول عن الملك توت عنخ آمون، ولقيت استحسانا كبيرا عام 2015.
ــ ما هذه الأفكار التى طرحتها بالمؤتمر؟
أن تكون القاعتان المخصصتان للملك توت عنخ آمون مقسمتين إلى 4 مناطق، تعكس الحجرات الأربعة فى مقبرة توت عنخ آمون، وبالتالى هى فكرة يسهل للزائر أن يتخيلها ولأول مرة تعرض القطع فى إطارها الأصلى، وسيتم معرفة مكان اكتشاف كل قطعة، وبالنسبة للقاعات التاريخية كانت فكرتى عدم التركيز فقط على القطعة الأثرية، وهو ما يتميز به متحف التحرير لكن التركيز على عرض المجموعات بأكملها، وبالتالى يصبح من الأسهل أن يحيط الزائر بأجواء المشهد، أما المستوى الثالث فهو وجود متخصص أو شركة متخصصة فى العرض المتحفى تقوم بوضع التصور الحديث والمشوق لعملية العرض، مع مراعاة الإضاءة وأسلوب وضع الآثار وحمايتها وتأمينها واستخدام التقنيات الحديثة فى عملية المواد المصاحبة لشرح هذه القطع، وجميع المراحل يتم عرضها على لجان متخصصة للموافقة عليها قبل تنفيذها.
ــ كم عدد القطع الأثرية التى سيتم عرضها بالمتحف المصرى الكبير؟
يتم العرض داخل المتحف 50 ألف قطعة و50 ألف أخرى داخل المخازن، لذا يكون داخل المتحف المصرى الكبير 100 ألف قطعة.
ــ كم تبلغ المساحة المخصصة لعرض مقتنيات الملك الذهبى؟
تبلغ مساحة عرض مقتنيات الملك الفرعونى توت عنخ آمون 7000 متر مربع.
ــ كيف نستطيع عرض 50 ألف قطعة بحيث يخرج الزائر بأكبر قدر من هذه القطع؟
إن عرض مجموعات متكاملة يتيح لها الحصول على مشاهد كاملة، فأكثر من قطعة تشكل مشهدا واحدا، فبدلا من أن يخرج الزائر من رؤية 400 قطعة يخرج برؤية 4000 قطعة، لأنه رأى مشاهد متكاملة، فهذا هو الأسلوب العام فى العرض المتحفى.
ــ كم يحتاج زائر المتحف الكبير من الوقت حتى يستطيع مشاهدة جميع المقتنيات التى ستعرض؟
نسعى أن يصبح المتحف نقطة التقاء اجتماعية فى مصر، بمعنى أنه عندما يأتى السائح إلى المتحف الكبير ستكون نقطة الجذب الأساسية هى مقتنيات الملك توت عنخ آمون، لكن المتحف موجه أيضا لأبناء الشعب المصرى، حيث سيتم تخصيص مساحة مجاورة بجانب الـ 7000 متر المخصصة لتوت عنخ آمون للتربية المتحفية، والذى يستكمل فيها الشاب أو الطفل المصرى بمختلف الأعمار المعلومات الكافية، حتى يصبح دور المتحف تكامليا مع المدرسة أو الجامعة، وهناك دور كبير لزيادة الوعى الأثرى للمواطن المصرى، وتعريفه بالجذور التاريخية المتفردة، وبالتالى سيتم تعريفه أيضا من خلال برامج متنوعة وممتعة تعرف بالصناعة والكتابة والفكر السياسى والدينى بمصر القديمة، فسيصبح المتحف محور التقاء مجتمعى بجانب كونه مزارا سياحيا، والهدف تشجيع الزائر المصرى والأجنبى لزيارة المكان وزيارة واحدة لا تكفى، وسيكون هناك لوحات إرشادية بمعلومات عامة، بجانب برامج تطبيقات المحمول لإعطاء معلومات أكثر، فكل من يزور المتحف سيتبحر فى مصر القديمة، ووقت افتتاح المتحف بالكامل لن يكفى الزائر أسبوع حتى يشاهد جميع المعروضات.
ــ من المقرر افتتاح جزئى للمتحف فى 2018 فما هى القطع المختارة لهذا الحدث؟
سيتم عرض 100 تمثال على الدرج العظيم، وهو المخصص للملوك فى مصر القديمة، الذى يشمل 20 ملكا من ملوك مصر القديمة، يقفون على مساحة متقاربة، إذ يقف ملوك من بداية الحضارة المصرية القديمة وحتى عصر اليونانى والرومانى، وتكتشف أن الزى الملكى والشارات الملكية لم تختلف كثيرا على مدى 5 آلاف عام، مما يؤكد ثبات وتأثير الفكر المصرى القديم، ثم آثار الملك توت عنخ آمون بالكامل.
ــ هل ترى أن افتتاح المتحف الكبير من المحتمل أن يؤثر على نسبة زيارات المتحف المصرى؟
وضعنا هذا فى الاعتبار، ومنها بقاء القطع الأساسية التى يتميز بها المتحف المصرى وموجودة فى الكتالوج الخاص بالمتحف والتى تبلغ 250 قطعة، تظل به ما عدا مقتنيات توت عنخ آمون، وبالتالى من يريد أن يشاهد روائع النحت عند المصرى القديم يجب أن يذهب لمتحف المصرى بالتحرير، ومن جهة أخرى قام الدكتور خالد العنانى بتنفيذ فكرة فتح المتحف للزيارة ليلا وبالتالى ستكون هناك فرصة أمام السائح الموجود بالأهرامات والمتحف الكبير أن يزور المتحف المصرى بالتحرير.
ــ كيف تتم عملية التخزين داخل مخازن المتحف المصرى الكبير؟
يجب أن نفرق بين شيئين، فهناك مركز ترميم وصيانة الآثار، والمخازن الخاصة بهذا المركز، وهى ليست المخازن الرئيسية للمتحف ويتم تخزين الآثار بشكل دقيق وأرقام دقيقة وتوضع القطع بالشكل المعد للعرض المتحفى، وسيكون للمتحف مخازن حديثة جميع معلوماتها موجودة على الكمبيوتر تضم 50 ألف قطعة يمكن الوصول لها بسهولة لأى باحث أو دارس، فخلال دقائق محدود يتم العثور على القطعة المراد دراستها، ليتم وضعها داخل قاعة مخصصة للدراسة والأبحاث، لم يتم تسليم أى قطعة للمتحف إلا إذا كانت مسجلة وموثقة.
ــ وماذا عن تمويل المشروع؟
بصراحة شديدة اليابان تعاونت معنا بشكل طيب وكان هناك قرض أول بقيمة 300 مليون دولار وبعد مفاوضات تم توقيع قرض ثان بقيمة 450 مليون دولار وبهذا تم تأمين تمويل مشروع المتحف المصرى الكبير لاستكماله على خير.
ــ هناك اهتمام كبير بالمتحف الكبير من قبل الدولة ولهذا تابع المهندس إبراهيم محلب المشروع.. ما توجهاته بالنسبة للمشروع؟
المهندس إبراهيم محلب نظرا لخلفيته وخبرته فى مجال المقاولات والمعمار فيحيط بكل تفاصيل المشروع، ويعطى توجيهات مفيدة فيما يتعلق بسرعة الانتهاء من المشروع، إلى جانب عرض جميع الأفكار فيما يتعلق بنقل الآثار والتغطية الإعلامية ودائما توجيهاته تهتم بالإفادة فى عملية النقل والدعاية لهذا المشروع، وتهتم أيضا بأن يكون للمشروع تواجده فى الإعلام المحلى والعالمى، ودائما يتابع باستمرار خطوة بخطوة سير الأعمال داخل المتحف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة