يوسف شهاب يكتب: حكاوى من ألمانيا (2 ) .. هتلر والثورة الصناعية

السبت، 17 ديسمبر 2016 08:02 ص
يوسف شهاب يكتب: حكاوى من ألمانيا (2 ) .. هتلر والثورة الصناعية هتلر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الحكاية السابقة كتبت عن منظومة التأمين الصحى ونظام المعاشات الذى بدأ عام 1883 على يد بيسمارك وفى هذه المقدمة اكتب جزئية بسيطة حتى يعرف القارئ جزءا مهم جداً عن تاريخ ألمانيا الحديث، كذلك نبذة بسيطة أيضاً عن استيلاء هتلر على الحكم حتى نصل فى الحكاية القادمة إلى الصناعات الثقيلة التى كانت نعمة ونقمة فى نفس الوقت على الشعب الألمانى والازدهار الكبير فى منطقة الرور الصناعية.
 
بالرغم من أن هتلر كان زعيم ألمانيا النازية، إلا أنه وُلد فى النمسا، لكنه تأثر بأفكار القومية الألمانية وكان دائم التعبير عن ولائه لألمانيا فقط وليس للإمبراطورية النمساوية التى ينتمى إليها، وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى كان هتلر فى ميونخ فى ذلك الوقت، وتطوع كجندى نمساوى فى الجيش الألمانى خلال الحرب وحصل على وسام الصليب الحديدى.
 
نشبت الحرب العالمية الأولى بين القوى الأوروبية فى 28 يوليو 1914 وانتهت فى 11 نوفمبر من عام 1918 بهزيمة ألمانيا أمام الدول الأوروبية التى أجبرت ألمانيا على توقيع وثيقة فرساى وكانت تحمل شروطا شديدة الإجحاف لألمانيا، حيث تضمنت إجباراً لألمانيا على الاعتراف بمسئوليتها عن اندلاع الحرب، وخسرت ألمانيا بموجبها أراضى من مساحتها ومن إنتاجها الزراعى ومن صناعتها ونصت على ألا يزيد الجيش الألمانى على مئة ألف جندى، وألزمتها بدفع تعويضات كبيرة مالياً، كانت هذه المعاهدة تحديداً هى الدافع الرئيسى لكل ما فعله هتلر فى السنوات اللاحقة، بما فى ذلك إشعاله للحرب العالمية الثانية.
 
سعى هتلر للاستيلاء على الحكم بانقلاب عسكرى فاشل فى عام 1923، وحكم عليه بالسجن بعدها 5 سنوات لم يقض منها أكثر من خمسة شهور، ألف فيها كتابه "كفاحى" وبعد ذلك قرر أن يتخذ الطريق السياسى للوصول للسلطة واستولى عليها 1933 بعد انتخابات برلمانية وتحالف مع القوى السياسية ، حيث لم يحصل حزبه النازى على أغلبية المقاعد إلى أن انفرد بها بعد أن استطاع إحكام سيطرته على السلطة السياسية بشكل كامل، اتجه لإصلاح البلاد داخلياً، حيث أشرف على واحدة من أكبر التوسعات فى مجال الإنتاج الصناعى والتطويرات المدنية فى تاريخ ألمانيا، والتى أوصلت البلاد لنسبة بطالة 0% وبدأ بعد ذلك برنامج إعادة تسلح سرى – خارقاً بذلك معاهدة فرساى- حتى استطاع فرض قبضته تماماً على كل المؤسسات الألمانية.
إن طفرة التصنيع الثقيل قبل الحرب العالمية الثانية لم تأت من فراغ، بل أتت على أسس ثابتة ومتينة منذ نهاية القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، أى منذ بداية الثورة الصناعية فى أوروبا وأمريكا، نهضة علمية شاملة فتنوعت الأبحاث والتجارب لتشمل مختلف فروع العلم ولتؤدى إلى اختراعات واكتشافات مهمة كانت السبب المباشر فى قيام الثورة الصناعية خلال القرن التاسع عشر.
 
بدأت آنذاك الجامعات الألمانية فى تكثيف التعليم الهندسى، لأنهم أدركوا أنه لا تقدم صناعى دون أن تكون هناك أجيال مهيأة تتفاعل مع التقدم التكنولوجى فى العالم، وأبدعوا وتطوروا فى ذلك إلى أن وصلوا إلى ما هم فيه اليوم.
 
فى الحكاية القادمة سوف نتحدث عن آثار الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على المجتمع بصفة عامة وعلى النفسية الألمانية بصفة خاصة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة