إذا لم ترد الزوجة على تسع رنات....
رن رشدى على موبايلها للمرة التاسعة. عند وصوله إلى الرنة رقم "9" تحركت فى أعماقه خيالات فاحشة بشأن ما تفعله زوجته الآن.
فى حوالى الرابعة صباحًا كان قد اتخذ قرارًا مباغتًا وركب البيجو الأجرة قادمًا من الزقازيق. يعرفها! الكلبة لا تنام إلا بعد الفجر! كانت الخيالات الفاحشة تعاوده وتختفى طول الطريق، إلى أن سيطرت عليه.
كان آخر أزواجها، مع ذلك لا يعرف أن زوجته مشهورة فى المهندسين والعجوزة وعلى الفيسبوك بأربعة أسماء على الأقل.
كهل فى الخمسين من عمره، ملامحه غليظة أكثر مما يجب، وله صلعة كبيرة آخر لمعان. محمر العينين طول الوقت من كثرة شرب الحشيش والبانجو، ورائحة فمه مثل بالوعة مهجورة.
تعود أن يقضى طول الأسبوع عند أم عياله فى الزقازيق ولا يأتى إلا مساء الخميس، يقضى معها يومين ثم يعود مساء السبت. لكن مهلبية تُفهم الجميع أنها مطلقة وأحيانا تكتب: "الوضع معقد".
رشدى طبعًا يخمن منذ زمن أن زوجته تلعب بذيلها، لكنه يفضل أن يستثمر شكوكه فيها.
قرر أن يزورها فجر الأربعاء، رغم انقطاع الكهرباء وكثرة الكمائن الأمنية على الطريق السريع والانشغال بالانتخابات التى ستجرى اليوم.
كان مثل الشيخ فواز، زوجها السابق، يسقطها من حسابه نهائيًا خمسة أيام ثم يظهر فجأة ليلة أو ليلتين ويمضي. لا يفكر مرة واحدة طول أيام الأسبوع أن يرسل لها رسالة ولو بالخطأ ويقول لها: "وحشتيني".
تأتيها رسائل من السعودية والكويت والعراق والسويد وإمبابة وعين شمس، من ناس على كل شكل ولون يقولون لها: "وحشتيني" لكن الرجل الذى تزوجته لا يقدر على كتابة هذه الحروف السبعة! أى مرأة معذورة فى ارتكاب الحماقات، إذا لم تحظ بهذه الحروف السبعة.
ليس شرطًا أن تكون زيارته الأسبوعية لممارسة الجنس، فهو تجاوز الولع بهذه المسألة، وإن كان جيب الصديرى تحت جلبابه لا يخلو من قطعة حشيش. تعودا على الاسترخاء وتدخينها معًا. وفوق البيعة تمتعه برقصها. ليس هو وحده من يقر ببراعتها فى الرقص، فكل من تزوجتهم أو لم تتزوجهم، يشهدون لها بذلك. وكانت أمنيتها فى الحياة إرسال فيديو رقص لها على أغنية "الست لما" إلى قناة "التت" لولا خوفها أن يقطّعها أخواها حية.
كان رشدى يحمل نسخة من مفتاح الشقة رغم اعتراضها بأنه لا يحتاج إليه طالما هى موجودة فى البيت 24 ساعة. وحينما لم ترد على الرنة التاسعة، فتح باب الشقة بحذر، ثم سار على أطراف أصابعه، بما يتناسب مع هواجسه وخيالاته الفاحشة. ثم انقض فجأة على باب غرفتها المغلق بالمفتاح من الداخل، وهو يصيح ويسبها بأقذر الألفاظ.
فى الداخل، كانت مهلبية خلعت قميص نومها الذى يشبه ملابس الجوارى فى الأفلام القديمة واستلقت بدلع فى الفراش. تركت الموبايل صامتًا على "الهزاز" بجوار اللاب توب. حتى هذه اللحظة تجمع على شاشته 33 مسدكول.. تسعة من زوجها، وأربعة من صديقتها "الأستاذة" وعشرة من أصدقاء تعرفهم والبقية من آخرين لا تعرفهم.
رغم الإضاءة الرومانسية الخافتة، عكست مرآة الدولاب مؤخرة "زيزو" الهزيلة وهو نائم فوقها. ثمة شعر خشن ملتف يغطى وركيه، كان لا يروق لها كثيرًا.. انتبهت إلى محاولة رشدى لفتح الباب قبل أن يركله ويصيح ويسبها. بطبعه لا يبالى بأبيها العاجز فى الغرفة المجاورة ولا بالجيران. سبق لها أن ذاقت قبضات يده التى ورمت خدها وشفتيها على أمور تافهة جدًا. إذا كان مزاجه سيئًا يأتى من الزقازيق خصيصًا كى يذيقها علقة ساخنة ثم يمضي!
سحب زيزو مذعورًا التى شيرت النبيذى من تحت كعبها والبنطلون الجينز من على الكرسى المكسو بالقطيفة. دفع بقدمه باب بلكونة الدور الثانى منزلقًا على ماسورة الصرف الصحي. انتبه إلى فأر يجرى أمامه ولم يتذكر أنه نسى كوتشى البوما الأسود إلا بعدما أكمل ارتداء ملابسه وسط الشارع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة