"النار تشعل أحلامنا ودواعى قلقنا، وهى تخاطبنا بلغة أساسية بدرجة أكبر من الفكر، وتستجيب غرائزنا لوميض اللهب وتذبذبات ألوان قطع الفحم وهدير الحريق" هكذا يبدأ جاك كيلى كتابه "البارود تاريخ المادة المتفجرة التى غيرت العالم" والذى صدرت ترجمته عن المركز القومى للترجمة، وقام بها صلاح عويس.
يتناول الكتاب حكاية البارود، الذى نتج عن المزج الميكانيكى للمكونات الموجودة بشكل طبيعى، وخلال الجزء الأخير من عام 1800 ألغيت هذه المادة القديمة بواسطة أنواع من الوقود الدافع والمتفجرات الاصطناعية المستخرجة فى المختبر الكيميائى.
فى هذا الكتاب جاك كيلى ينسج عملاً متقناً ومشوقاً مزج فيه بين التاريخ والعلوم السياسية وفنون الحرب، وكشف فيه عن أسرار البدايات الأولى لاكتشاف المواد المكونه لذلك المسحوق الأسود الخطير، وما رافقه من خرافات واأوهام، بدءاً من الصين مروراً بدول آسيا ثم أوروبا والشرق الأوسط منذ العصور الوسطى واكتشاف أمريكا وما أعقب ذلك من أحداث حتى العصر الحديث.
أما الجانب الأكثر تشويقاً فيتمثل فى السنوات الأولى المبكرة لاكتشاف المسحوق الأسود، كما كان يسمى قديماً، التى استغلها السحرة والحواة فى تقديم عروض نارية أثارت تعجب عصور ما قبل الميلاد وفزعه، وكانت البذور الأولى لما نعرفه اليوم باسم "الألعاب النارية".
الكتاب يبدى اهتماما كبيرا بتطور الأسلحة على مر العصور منذ ما قبل الميلاد حتى العصر الحديث، الأمر الذي يؤكد سعى الإنسان منذ القدم إلى الحصول على أسلحة أقوى وأضخم، ويؤكد حقيقة تاريخية هى أنه ما من جماعة أو قبيلة أو دولة متحضرة قديمة أو معاصرة، استولت على جماعة أو قبيلة أو دولة أخرى عن طريق آخر غير السلاح.
يؤكد الكتاب أن البارود الأصلى أصبح معروفا باسم "المسحوق الأسود" لتمييزه عن أبناء عمومته العصريين، البارود عديم الدخان، والكوردايت "وهى مادة متفجرة أخرى عديمة الدخان) والديناميت ومادة تى. إن. تى. وكان يشار إلى المادة ببساطة بكلمة "المسحوق" عبر معظم فترات تاريخها.
يرى المؤلف أن الوظيفة التى انتهى إليها البارود هى نفس الوظيفة التى بدأ بها، وقبل قاذفات اللهب والقنابل والمدافع، التى ملأت العالم بما تحتويه من رعب، كان البارود أداة البهجة وباعث الروعة.
البداية كانت فى الصين فهناك فى جبال الصين الغربية كانت الغيلان الأسطورية شبيهة البشر والمسماة "شان" تجوس خلال مخلفات نيران مخيمات المسافرين، وعندما يبتعد الرجال تنسل تلك المخلوقات العارية خفية، وتصبح على مسافة قريبة لكى تسرق الملح وتشوى الضفادع وسرطان البحر فوق اللهب، وكانت أفضل وسيلة أفضل وسيلة لطرد الغيلان هى رمى نبات البامبو فى النار" ثم تحول الأمر بعد ذلك ليحمل معنى طرد الأرواح الشريرة فى الثقافة الصينية.
والنهاية كانت يوم 16 يوليو عام 1948 ظهر مقال قصير فى صحيفة "البوكيرك تريبيون" جاء فيه أن "مستودع ذخيرة يحتوى على متفجرات فائقة وصواريخ نارية انفجرت فى وقت مبكر اليوم فى منطقة نائية من أرض محجوزة لقاعدة آلاموجوردو الجوية، وأطلق الانفجار اندفاعا هوائيا قيل إنه رؤى على بعد كبير عند مدينة جالوب التى تبعد مسافة 230 ميلا إلى الشمال الغربى" لكن تبين بعد ذلك أن الموضوع كان أكبر من ذلك لقد كانت "القنبلة النووية" وبدأ عصر جديد من الحرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة