أكرم القصاص - علا الشافعي

علا الشافعى

"السينما بتأكل ولادها".. فيروز معجزة تعرى مجتمعاً كاملاً

الإثنين، 01 فبراير 2016 05:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«هل السينما بتأكل ولادها»؟.. هذا السؤال يفرض نفسه بقوة بعد رحيل «فيروز»، الطفلة المعجزة.. «فيروز» تلك الفتاة الصغيرة التى يصعب أن تتكرر موهبتها.. هى اختارت الابتعاد عن الفن، وعاشت حياة عائلية بسيطة مع الرجل الذى اختاره قلبها.. «فيروز» التى أثرت السينما المصرية بالعديد من الأفلام المصرية الاستعراضية، اكتشفها إلياس مؤدب، والتقطتها عين الخبير السينمائى أنور وجدى بجرد أن التقطت عيناهما فى الأوبرج.. لم يصدق أنور وجدى أن يجد أمامه عينين بكل هذا الذكاء، تشعان موهبة وبراءة، وهما العينان اللتان ظلت «فيروز» محتفظة بلمعتهما حتى لحظة وفاتها.
«فيروز» التى ابتعدت وصارت لكل السينمائيين ومحبى الفن نجمة فى منطقة خاصة جدًا، وطفلة نادرًا ما تتكرر موهبتها، ترقص كل أنواع الرقص باقتدار، وكأنها محترفة سواء فى الرقص البلدى، أو الشعبى، أو الفلامنكو، وغيرها، تغنى باحتراف، تقلد الفنانين، تؤدى مشاهدها التمثيلية بشجاعة وثقة تحسد عليهما «راجع مثلًا مشهدها وهى تقف أمام أنور وجدى، أو مشهدها الذى لا ينسى مع الموهبة المتفردة الأخرى زينات صدقى فى فيلم «دهب» عندما تشاجرا معًا، ومشهدها مع سراج منير».. «فيروز» التى ستظل ظاهرة فريدة فى تاريخ السينما المصرية، تعكس شيئًا واحدًا، أننا أمام سينما تأكل أبناءها، لا تعرف كيف تحافظ عليهم أو تخلدهم، مثلًا فى السينما العالمية ستجد أن «شارلى تمبل» تحولت إلى أيقونة، وتعكس أيضًا مدى تراجع المجتمع المصرى فى طريقة تفكيره ووعيه السياسى والثقافى والاجتماعى، وكيف أن الصناعة المصرية التى كانت تحمل ملامح هوليوودية فى طريقة تصنيع النجوم وتقديمهم، وهى الطريقة التى انقرضت على مدى السنوات.
أنور وجدى كان يعرف كيف يكتشف المواهب ويقدمها، ويحكى أنه بعد أن شاهد «فيروز» وقام بتوقيع عقد احتكار مع والدها لمدة 3 سنوات، بدأ العمل على صقل موهبتها، ووفر لها كل الإمكانيات التى تضعها فى الصدارة، حيث استعان بمدرب الرقص الشهير وقتها إيزاك ديكسون الذى عمل فى عدة أفلام فى السينما المصرية لتدريب تلك الموهبة المتفردة لعدة أسابيع، استعدادًا لأول بطولة سينمائية، وقتها لم يستوعب الفنان والموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب كيف يجازف بأمواله، ويشارك مع أنور وجدى فى إنتاج فيلم لطفلة، لذلك انسحب موسيقار الأجيال من إنتاج فيلم «ياسمين»، ولم يشأ أن يضع أمواله فى فيلم تقوم ببطولته طفلة لا تتقن سوى غناء المونولوج، وخاض أنور وجدى المغامرة وحده.
وفى صباح يوم العرض، ظهر إعلان فى الصحف المصرية يدعو كل أطفال مصر إلى حضور حفل عند العاشرة صباحًا وقت عرض الفيلم، وستقوم البطلة الصغيرة فيه بتوزيع هدايا على الأطفال، وبالفعل تم وضع مئات الهدايا فى سينما «الكورسال»، وتعليق مئات البالونات فى دار العرض، وامتلأت الصالة عن آخرها بالأطفال وعائلاتهم، ولم تتوقف الصحافة عن الحديث عن تلك الحالة التى صنعتها تلك المعجزة، وأنور وجدى داعمها الذى أطلقها كنجمة يحتفى بها.. كان أنور يملك هذا الوعى، وكانت موهبة مثل «فيروز» تجد من يقف وراءها، ذهبت «فيروز» وراح أنور وجدى وغيرهما كثيرون وكثيرات، وبقى إبداعهم يعلّم أجيالًا وأجيالًا، لكنه أيضًا يكشف جهل وغياب وعى تام من الدولة بأهمية وكيفية استغلال ما تملكه من أيقونات أو درر فى تاريخها، و«فيروز» المعجزة واحدة من هذه اللآلئ أو الدرر التى تعرى مجتمعًا كاملًا، وصناعة تأكل أبناءها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد منتصر المحامى

أيه رأيك تجيبى الفنان الملهم الحساس صديقك أحمد مالك بلالين لتقدمية للناس كمعجزة فنية !

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة