ديوان "ويجرحنى الناى" للشاعر الأردنى عمر أبوالهيجاء.. فلسطين رمز كل مفقود فى الحياة

الخميس، 04 أغسطس 2016 11:00 م
ديوان "ويجرحنى الناى" للشاعر الأردنى عمر أبوالهيجاء.. فلسطين رمز كل مفقود فى الحياة غلاف ديوان ويجرحنى الناى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الكاتب أحمد الخطيب أن الشاعر الفلسطينى الأردنى عمر أبو الهيجاء يذهب فى مجموعته الشعرية الـ10 إلى إقامة جملة من التشابكات المرئية الواقعة بين ما هو سردى وما هو شعرى، حيث يتسلل الإيقاع إلى فضاء الشعر من خلال الضغط الذى تمارسه غواية الموسيقى على بنية النص، بينما تتجه الأفكار وحقولها فى مادة القول إلى السرد عبر ما تمارسه من تطلعات إلى إنجاز مسيرتها دون الالتفات إلى ضغط الإيقاع، وهو ما يجعل النص يقف حائراً بين ديمومة أن يكون نصاً موزوناً، أو نصا يضارع مساحة النثر بعيدا عن تبعية هذا الوزن، والالتفات إلى جسارة النثر.

وكذلك بين فضاءات الذات، على الصعيدين الفردى والجمعي، وبين مفردات الراهن العربى المعيش، يحلّق الشاعر عمر أبو الهيجاء فى هذا العمل الشعرى الذى زاوج به بين القصيدة الموزونة وقصيدة النثر، ضمن رؤى فلسفية تستقرىء المعطى اليومى وتقف على التفاصيل وشؤون الحياة وما آلت إليه الأمور فى الواقع المأزوم.

فى مجموعته الجديدة «ويجرحنى الناى» الصادرة حديثاً عن الأهلية للنشر والتوزيع، والواقعة فى 176 صفحة من القطع الوسط، ينظر أبو الهيجاء إلى آفاق جديدة فى تجربته باحثاً عن معالم أخرى لهويته الشعرية، حيث الاتكاء على الأمكنة، والتفاصيل الدقيقة لعلاقته بما حوله، والخروج من سلة الاتجاه الواحد للمعاني، وفيها أيضاً ينزع إلى النص القصير، والنص الهامش المتوارى خلف الذكريات، والنص الذى تتسع شهيته للامتداد رغم وقوفه على حافته
تتصل العتبات الرئيسة التى تأسست عليها المجموعة بفضاء كلى محجوب عن سريانه فى جسد النص، من مثل: ثلاثية القلب، ليل وحيد، غيوم الحرف، عطش البحر، وغيرها،، فيما تأتى العتبات الفرعية التى اتخذها كإطار نافذ للوصول إلى الفكرة معبأة بالوضوح، من مثل: كأس المحبة، ظل خائن، أيها السالك مسلك القصيدة، كن ما تكون، الذئب، وغيرها، هذا الوقوف على التقسيم الرئيسى والفرعى أتاح للنصوص إمكانية التشابك والتداخل.


يرى الشاعر شوقى بزيع أن الشاعر الفلسطينى عمر أبو الهيجاء يجانب الوقوع فى فخ الايدولوجيا والتحريض السياسى الإنشائى الذى وقع فيه كثير من الشعراء الفلسطينيين والعرب، ففلسطين هنا لا تحضر بالأصالة عن نفسها فحسب، بل نيابة عن الأشياء المفقودة أيضا، كما بوصفها رمزا للأماكن والأزمنة التى تمت خسارتها.
وبحسب بزيع الشعراء هم مشاؤو العالم الدائمون، وفق أبوالهيجاء، بوصلتهم الوحيدة هى مجازاتهم نفسها، حيث الطرقات "تغفو فى أحذية المارة"، وتزدحم "بالضحك المستعار".

ويشير بزيع فى كلمته التى جاءت على الغلاف الأخير للمجموعة بأن نصف المجموعة رثاء للعالم، ونصفه احتفال بالصداقة والمرأة والسفر والحب، نصفه للكشف ونصفه للغناء على طريق الفقدان، وحيث الشاعر فى الأزمنة الصعبة لا يملك الكثير لكى يفعله، فإن الجملة الاسمية تطغى على ما عداها، وتتحول إلى تعريفات موجزة للظواهر والأشياء شبيهة بالحكم والتوقيعات والأمثال السائرة .
ومن أجواء المجموعة نقرأ من قصيدة "نثر الحياة" يقول فبها:

(1)
لا.. لم أرَ
غيرَ زحامِ الطرقِ
انكماشَ عشبِ الجسدِ فى مِفرقِ الترابِ
كنتُ أنصتُ طويلا
لرنّاتِ القلبِ
حينَ يَتملّكُهُ الحنينُ
أستعيدُ كلَّ الدروبِ الكسلى
الدروبِ التى مرّت بى
كسحابِ الدمعِ الهطول
وأُطلقُنى
فى غناءٍ
حبيسٍ
فى حقائبَ مريضةٍ بالرحيلِ
كنتُ أحدِّثُ دهشةَ الطفلِ فيَّ
عن أرصفةِ المخيمِ
وضحكاتِ الظلامِ
على مصاطبِ الليل.

(2)
لم أقرأ
حوارَ عُصفورينِ
على شجرِ الفؤادِ
وأنا أوّلُ الموسيقى
آخرُ تقاسيمِ المطرِ
على خدِّ الطين
لا..لم أرَ
سوى.. شبابيك
جدرانٍ..سناسل ترابٍ
مصيدة للقانصين
لا أعرفُ غيرَ الموتى
وشواهد المدافنِ
وأتساءلُ: أى سماءٍ تركناها
تنامُ فى خاطرِ الحلمِ؟
والعصافيرُ تتكاثرُ
فى شوارعٍ مضاءةٍ بالنزفِ
كلُّ المدنِ خائنةٌ
أرملةٌ دونَ بلادي.

(3)
قلتُ: أنا أوّلُ الموسيقى
أسندُ روحى
على صبحٍ محتشدٍ
بجمرِ الذاهبينَ
لمبتدأ النهارِ
وأشمُّ الترابْ.

(4)
أى نارٍ
انتبهتْ فى عروقِ البدنِ
كى تمشطَ صباحاتِ أندلسٍ أخرى
نارٌ تعوى فى ضلوعِ الليل
والليلُ أوغلَ
"ذاتَ اليمينِ"
و"ذاتَ الشمالِ"
الخيامُ تنفخُ الرياحَ فى ضِيقها
الوجوهُ المتجعدةُ يعلوها صوتُ المؤذنِ
والأرضُ أناشيدٌ تفرّ
من فمٍ مبللٍ بالحلمِ.
(5)
كلُّ الشوارعِ
تَركتُها تهرولُ خلفي..
أنا ترجمانُ اللغةِ
حبرٌ نابتٌ فى سقفِ الخليقةِ
أتلو على جثةِ الليل
ترانيمَ المنفيينَ
وأصعدُ..أصعدُ
من شهقةِ المسيحِ
نثرَ الحياةْ.

وأبو الهيجاء أصدر عددا من المجموعات الشعرية، وهي: «خيول الدم»، دار ابن رشد، عمّان، 1989. «أصابع التراب»، قدسيّة للنشر والتوزيع، إربد، 1992. «معاقل الضوء»، دار الينابيع، عمّان، 1995. «أقل مما أقول»، دار الينابيع، عمّان، 1997. «قنص متواصل»، دار الكرمل، عمّان، 2000. «يدك المعنى ويداى السؤال»، دار الينابيع، عمّان، 2001. «شجر اصطفاه الطير»، أمانة عمّان الكبرى، عمّان، 2004. «أمشى ويتبعنى الكلام»، أمانة عمّان الكبرى، عمّان، 2007. «على مهلك أيها الليل»، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2009. «بلاغة الضحى»، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.


موضوعات متعلقة..


"قصور الثقافة" تصدر"لا هى تشتهيك ولا هم يعرفونك"









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة