فى خضم الأزمة السياسية الكبرى فى إسبانيا بعد الإجراءات الصارمة التى اتخذتها الحكومة الإسبانية لاستعادة السيطرة على إقليم كتالونيا الذى يهدد بالإنفصال، فإن هناك العديد من التساؤلات خاصة بعد تصريحات رئيس حكومة مدريد ماريانو راخوى بأنه لن يتم وقف الحكم الذاتى للاقليم.
ورغم الانقسام العميق فى أوساط الكتالونيين بشأن الانفصال عن إسبانيا، تبقى مسألة الحكم الذاتى قضية حساسة في المنطقة التى تحتوى 7.5 ملايين نسمة وتدافع بشراسة عن لغتها وثقافتها وتتولى إدارة جهاز شرطتها وقطاعى التعليم والصحة.
ماذا حدث مع كتالونيا ؟ إلغاء للحكم الذاتى.. أم مجرد حل لحكومة الإقليم ؟
وفقا لتصريحات راخوى الأخيرة حول الوضع فى كتالونيا، فإنه لم يتم إلغاء الحكم الذاتى للإقليم ، ولكن تطبيق المادة 155 من الدستور الإسبانى هدفه حل الحكومة الحالية التى خرجت عن إطار القانون وتحدت قرار المحكمة الدستورية بإلغاء استفتاء استقلال الإقليم، ولذلك فإن الحكومة الإسبانية قررت تنحية رئيس حكومة الإقليم ونائبه ومستشاريهما، وهذا القرار فى انتظار موافقة مجلس الشيوخ.
رئيس إقليم كتالونيا وسط الجماهير
هل سيعود الحكم الذاتى لكتالونيا بعد إجراء انتخابات جديدة ووصول حكومة آخرى ؟
تعهد رئيس الحكومة الإسبانى راخوى إنه سيتم استعادة الإقليم للحكم الذاتى بعد إيقاف الحكومة الحالية التى خرجت عن القانون والدستور الإسبانى ، وذلك بناء على الشرعية القانونية والتعايش مع جميع مواطنى كتالونيا، وليس فقط الإنفصاليين، وذلك لتعود الأجواء فى إسبانيا لطبيعتها من جديد ، وإنهاء أى مساعى لإنفصال كتالونيا.
هل يفقد رئيس حكومة كتالونيا سلطاته ؟
وقالت نائبة رئيس وزراء إسبانيا سوريا ساينز دى سانتاماريا إن بوديجمونت سيفقد كل سلطاته ولن يتلقى راتبا بمجرد أن يقر مجلس الشيوخ تفعيل المادة 155، كما أن مدريد ستعين ممثلا بشكل مؤقت لإدارة الإقليم بعد أن يقر مجلس الشيوخ الحكم المباشر.
هل يتم اللجوء إلى الانتخابات المبكرة ؟
ويرى البعض أن حل الأزمة القائمة هى الدعوة ودعت لانتخابات مبكرة، قبل سريان قرار الحكم المباشر من مدريد، ولكن استطلاعا للرأى نشرته صحيفة "البيريوديكو" أظهر أن إجراء انتخابات مبكرة سيسفر على الأرجح عن نتائج مشابهة لآخر تصويت فى عام 2015، عندما شكل ائتلاف مؤيد للاستقلال حكومة أقلية.
لماذا تمت الموافقة على المضى قدما فى تطبيق المادة 155 ؟
لجأت الحكومة الإسبانية إلى اتخاذ مجموعة من التدابير من أجل الرد على الأعمال الخطيرة التى يقوم بها حكام إقليم كتالونيا، وستكون هذه التدابير متناسبة مع الإجراءات التى يتخذونها فى إطار "العملية الانفصالية"، وستكون مؤقتة، تقتصر على إطار زمنى محدد، كما أنها ستكون تدريجية،ولذلك فإن هذه التدابير تهدف إلى ضمان أن يعمل الحكم الذاتى وفقا للمبادئ والقواعد المكلف باحترامها، والمنصوص عليها فى الدستور الإسبانى وفى نظام الحكم الذاتى فى كتالونيا – كعناصر أساسية يقوم عليها الحكم الذاتى فى كتالونيا، والحفاظ على نظام الحكم فى الإقليم هو فى الواقع من أجل حماية الحكم الذاتى فى كتالونيا.
وتحديدا تهدف هذه التدابير إلى تأكيد الحقوق وليس تقييد الحريات، إنها تسعى فى كل الحالات إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية: استعادة الشرعية الدستورية والقانونية، وتأكيد الحياد المؤسسى، والحفاظ على إستمرارية تقديم الخدمات العامة والنمو الاقتصادى، وأخيرا ضمان حقوق وحريات جميع سكان كتالونيا
هل جميع القوى السياسية فى إسبانيا موافقة على تطبيق المادة 155 على إقليم كتالونيا؟
لم تبدى جميع القوى السياسية موافقتها على تطبيق المادة 155 من الدستور الإسبانى على الإقليم الكتالونى، حيث إن زعيم حزب بوديموس الإسبانى بابلو إيجليسياس انتقد القرار بشدة حيث يرى أنها خطوة تثبت عجز الحكومة عن إيجاد حلول بديلة"، مضيفا أن قرار الحكومة ضربة للديمقراطية ، ليس فقط فى كتالونيا ، بل فى إسبانيا ، والحزب الشعبى يفكر فى مصلحته الحزبية وليس فى المصلحة العامة".
كما انتقد الحزب الأوروبى الديمقراطى الكتالونى بشدة تطبيق راخوى المادة 155 من دستور البلاد،ونقلت صحيفة "الموندو" عن جوزيب لويس كليريس، ممثل الحزب فى مجلس الشيوخ الإسبانى، إن خطاب راخوى حول تطبيق المادة 155 يترك الانطباع أن البلد عاد إلى عصر الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو الذى حكم البلاد منذ الحرب الأهلية الإسبانية فى ثلاثينيات القرن الماضي، وحتى وفاته 1975.
جانب من الاحتجاجات فى أسبانيا
وقال كليريس "لقد عدنا إلى العام 1975، ونرى اليوم أن الانتقال إلى النظام الديمقراطى لم ينفع، وقد تذكرنا ونحن نستمع إلى تصريحات راخوى، أسود لحظات حكم فرانكو، إنهم يريدون أن يفرضوا علينا حكومة وأفكارها".
فيما اعتبرت مارتا باسكال، المنسقة العامة للحزب، أن إقدام السلطات الإسبانية على تطبيق المادة 155 فى حق الإقليم الذاتى الحكم هو "أسوأ هجوم" على كتالونيا على مدار قرون، وكتبت باسكال على صفحتها فى موقع تويتر: "كانوا يقولون إنهم لا يريدون الاستقلال، لكنهم هم الذين جعلوا الشعب الكتالونى مستقلا".
ما الإجراءات التى يتم اتخاذها بعد وقف مهام الحكومة الكتالونية؟
من أهم الإجراءات التى يتم اتخاذها لوقف مهام الحكومة الكتالونية ، هو أن رئيس البرلمان الكتالونى لا يمكن اقتراح مرشح لمنصب رئيس الحكومة الكتالونية، كما أن البرلمان لا يمكن أن يعقد نقاشا أو تصويتا على تنصيب رئيس للإقليم، والصلاحيات الرقابية تؤول إلى المؤسسة أو السلطة التى يحددها مجلس الشيوخ، كما أن البرلمان لا يمكن أن يأخذ مبادرات تتعارض مع الدستور الإسبانى والنظام الأساسى للحكم الذاتى، وبعد 30 يوما يمكن للحكومة ممارسة حقها فى النقض".
كيف كان رد فعل حكومة كتالونيا ؟
كان ممثل كتالونيا فى مدريد فيران ماسكاريل قد ذكر فى وقت سابق أن الإقليم سوف يرى فى استخدام المادة 155 من الدستور الإسبانى "شكلا من أشكال الانقلاب على سلطاته من جانب الحكومة المركزية".، وبحسب ماسكاريل، فإن قرار مدريد "فى جميع الأحوال لن يكون إيجابيا فى تسوية النزاع".
أما رئيس حكومة الإقليم كارليس بوديجيمونت، فقد سبق أن هدد بأن الإقليم سيعلن عن استقلاله فورا فى حال إلغاء حكمه الذاتى.
وأضاف بوديجمونت " لن يقبل الإجراءات "غير القانونية" التى اتخذتها الحكومة الإسبانية بوضع الإقليم تحت الحكم المباشر لمدريد، ودعا برلمان الإقليم إلى القيام بتحرك ضدها، مشيرا إلى أن قرار راخوى بعزل حكومة الإقليم وفرض إجراءا انتخابات جديدة يمثل "أسوأ تعد على مؤسسات كتالونيا وشعبها منذ الحكم العسكرى الاستبدادى لفرانسيسكو فرانكو".
وأضاف: "أطلب من البرلمان عقد جلسة عامة نتمكن خلالها نحن ممثلو سيادة المواطنين من اتخاذ قرار بشأن محاولة تصفية حكومتنا وديمقراطيتنا، والتصرف طبقا لذلك".
أما راؤول روميفا، المتحدث باسم الشؤون الخارجية فى كتالونيا، فقال إن الاتحاد الأوروبى سيفقد مصداقيته إذا سمح لمدريد بفرض الحكم المباشر على الإقليم، وإن الشعب الكتالونى فقط له حق تغيير مؤسساته الإقليمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة