كراهية الفن لا تموت أبدا.. خالد الجندى لا يغرد وحيدا.. فنان إخوانى السبب فى منع تدريس الموديل العارى فى كليات الفنون 1976.. والمفتى فى 2016 يدعو التشكيلين لرسم الأزهار والأشجار

السبت، 04 نوفمبر 2017 07:27 م
كراهية الفن لا تموت أبدا.. خالد الجندى لا يغرد وحيدا.. فنان إخوانى السبب فى منع تدريس الموديل العارى فى كليات الفنون 1976..  والمفتى فى 2016 يدعو التشكيلين لرسم الأزهار والأشجار الشيخ خالد الجندى وخالد منتصر
كتبت بسنت جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التربص بالفن والدعوى لكراهيته ليست جديدة، فهى سلسلة طويلة ممتدة عبر تاريخ الفكر العربى والإسلامى وليس رأى الشيخ خالد الجندى فى تمثال "اغتصاب بروزربينا" للنحات الإيطالى جيان لورينزو برنينى هو أول ما يصدمنا من كلام غريب حول الفن، لكن للأسف فإن هذه الأفكار منتشرة فى كل مكان حولنا، ويكفى أن نعرف أن هذا الفكر المتطرف تسبب فى سنة 1976 فى منع تدريس الموديل العارى فى كليات الفنون الجميلة.

ولمن لا يعلم فإن فكرة الاستعانة بـ «الموديل العارى» فى تدريس التصوير والنحت فى كليات الفنون، أمر يعده الفنانون من أهم العوامل المساعدة على إتقان عمل الفنانين، ودراسة تشريح الجسد البشرى، ومعرفة أشكال أجزاء الأجسام وأحجامها وكيفية تشكيلها.

ومنذ بدايات الحضارات الإنسانية عامة والمصرية خاصة انتشر رسم الشخوص عارية، وليس أدل على هذا من تواجد تماثيل لملكات إخناتون وبناته عاريات، وأيضا تمثال للملكة نفرتيتى فى تل العمارنة، وتمثال آخر لأخت توت عنخ آمون فى متحف ملوى بمحافظة المنيا، حيث جسد النحاتون القدامى هذه التماثيل بشكل مميز وبارع دون خجل، لذلك فكانت فكرة رسم الموديل العارى موجودة من أيام القدماء المصريين للعديد من الشخصيات الفرعونية البارزة، حيث كان رسم الموديل العارى موجودا فى الحضارات العربية والغربية أيضا.

الفنان العالمى ليوناردو دا فينشى كان من أبرز الفنانين العلماء الذين درسوا تفاصيل تشريح الجسد البشرى فى الفترة ما بين عامى 1489-1513، حيث كان دائما يلقى اعتراضات من الكنيسة التى رفضت بشكل قاطع نبش القبور من أجل التشريح، ولكن «دا فينشى» أمضى فى طريقه وخالف أوامر الكنيسة، وتمكن من تشريح كلا الجنسين من مختلف الأعمار ليتعرف على ما بداخل الجسد البشرى من قلب وعضلات وعمود فقرى وغيرها من التفاصيل، وبفضل قدرته الاستثنائية المميزة التى مكنته من تسجيل العديد من الملاحظات، ورسمها بتفاصيل توضيحية مبهرة، وغير عادية، شاملة بعضا من التعريفات، والتى جعلته من رواد التشريح الطب الشرعى والمرضى أيضا.

وكانت دراسة الموديل العارى وسيلة تعليمية لا غنى عنها مع بداية تأسيس المدرسة، حيث كان أول موديل عار، معروف فى كلية الفنون الجميلة، هما الأخوان عبد العزيز وعبد الوهاب هيكل، وهما اللذان شاركا فى أعمال إنشاء مبانى الكلية وذلك من أجل زيادة دخلهما، بينما كانت ابنة عبد الوهاب هيكل هى أول موديل عار فى الكلية، لذلك كان ابنه وبنته يمارسان مهنة الموديل العارى، دون خجل، وكانت هذه مهنة يحصلون منها على مقابل مادى.

ومن بعدها توالى على الكلية العديد من الموديلات العاريات، منهم رضا وجليلة ونعمات وأيضا فتيات أرستقراطيات، ومنهن شاهيناز التى كانت تعمل دون الحصول على مبلغ مالى، لكنها كانت تأتى إلى الكلية رغبة فى الفن.

وظلت دراسة الموديل العارى داخل كليات الفنون الجميلة شيئا أساسيا فى دراسة كلية الفنون الجميلة فى الستينيات، حتى ظهرت قوى سياسية وهى جماعة الإخوان المسلمين التى بدأت تفرض أفكارها فى المجتمع بشكل ملحوظ لتحرم رسم الموديل العارى فى كليات الفنون الجميلة باعتباره يثير الشهوات والغرائز لدى الطلاب فى منتصف السبعينيات، وبالفعل تم إلغاؤه، ولكن ليس بقرار حكومى أو إدارى.

وقبل اختفاء رسم الموديل العارى، قدم شيخ النحاتين المصـريين الفنان الماهر عبد البديع عبد الحى أعمالا عديدة عن جسد المرأة بطريقة مميزة حيث طغى الموديل العارى الجرىء، على أغلب أعماله الفنية، هذا بالإضافة إلى أنه اتخذ زوجته موديلا له فى معظم أعماله النحتية عن الموديل العارى.

ومن أهم أعمال الفنان عبد البديع عبدالحى، تمثاله الذى يسمى «الفجر»، وهو عبارة عن تمثال لمرأة تخلع ثيابها، فهذا التمثال يمثل جسدا عاريا مليئا بالأنوثة والحيوية المختلفة عن باقى أعماله الأخرى.

ولم نستطع أن نغفل عن الفنان الكبير محمود سعيد، فيعد من رواد المدرسة المصرية الحديثة فى الفنون التشكيلية، وهو الذى قدم أعمالا فنية مختلفة ومنوعة عن النساء، وهن عاريات تماماً، ويعتبر أول من صور المرأة بهذا الشكل، مما تسبب فى صدمة كبيرة للمجتمع، حيث إنه جردهن من ملابسهن، ومن بين هذه اللوحات التى تناولت جسد المرأة العارى، هى لوحة «الخضراء» التى استطاع أن يبرز فيها أنوثة المرأة الطاغية والراقية بحس فنى مميز يتذوقه كل المشاهدين.

وأول من نادى بعدم تواجد الموديل العارى فى الكليات الفنية، هو رائد الفن التشكيلى الفنان أحمد ماهر رائف، حيث إنه حرم تدريس الموديل العارى فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية فى منتصف السبعينيات.

والفنان ماهر رائف، كما ذكر الفنان محمد طلعت، كان ينتمى إلى جماعة الإخوان، واستطاع أن يأخذ موافقة من الرئاسة عام 1976 بعدم تدريس الموديل العارى لطلاب داخل الكليات باعتباره مخالفا للشرع وللديانة الإسلامية.

وفى شهر سبتمبر من عام 2016 أجاب الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية عن سؤال ما الحكم عن الشرعى في الموديل العارى الذى تستخدمه كليات الفنون الجميلة وهو رسم أو عمل تمثال للشخص العارى، سواء كان ذلك الموديل رجلا أو امرأة متخليًا أو متخلية عن كل ما يستر العورة، أو نصف عارٍ بحجة دراسته للنسب الإنسانية أو الإحساس ببروزاته؟ وهل يباح اتخاذ هذا الموديل الإنساني العاري لهذا الغرض أو يحرم؟

 وقال إن ذلك لا يجوز وللرسام أن يلجأ إلى رسم الأزهار والأشجار وغيرها مما أباح الله لعباده، وفيها من الجمال ما لا يقارن به بدن الإنسان عاريًا، بل إن الله قد امتن على آدم وحواء بستر جسديهما حين خلقهما، وحذرهما من الأكل من الشجرة وعاتبهما على مخالفته وأكلهما منها حتى بدت سوءاتهما، ولعل فى لفظ السوأة ما يشعر بقبح النظر إلى ما أوجب الله ستره عن الأنظار؛ لما كان ذلك فإنه لا يحل شرعًا تجريد الأنثى من ثيابها، ولا تجريد الذكر مما يستر ما بين سرته وركبته إلا لضرورة العلاج والتداوى فقط، وإنه لحق على أولياء الأمور -  ونحن نبني بلدنا على الخلق القويم في نطاق العلم والإيمان- أن نرقى الذوق، ونبرز عظمة خلق الله فيما أباحه الله لا فيما حرمه، وليذكر الجميع قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مما رواه النسائي وابن حبان في الصحيح عن أنس أنه قال: «إِنَّ الله تَعَالَى سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ: أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ».

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة