أكد وزير الخارجية سامح شكرى، على أن مدينة القدس بمكانتها الضاربة فى عمق التاريخ الإنسانى، وخصوصيتها القومية والدينية، ومأساة الاحتلال التى تعيشها من عام 1967، لا تمثل فقط همًا فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا، ولكنها، وبدون أى مبالغة، تجسد الأزمة المصيرية التى يواجهها المجتمع الدولى والشرعية الدولية، مضيفا "هل نهدر القانون الدولى والمبادئ الحاكمة للنظام الدولى، ونقر إغتصاب الحقوق القانونية والأخلاقية والإنسانية بالقوة؟"
كلمة العاهل الأردنى
وقال وزير الخارجية المصرى، فى كلمة مصر أمام القمة الإسلامية الطارئة حول القدس – نيابة عن الرئيس السيسى- اليوم الأربعاء، إن أى تغيير لوضعية القدس، هو مكافأة للاحتلال وإزهاق لحق تاريخى وقانونى للشعب الفلسطينى يجعل من كل حديث عن السلام، أو عن نظام دولى يلتزم بالكرامة وحقوق الإنسان، لا طائل من ورائه.
وأوضح سامح شكرى، أن قضية القدس هى قضية الحق والعدل فى مواجهة سياسات القوة وإقرار الأمر الواقع ومكافأة المحتل، مشيرًا إلى الاصطفاف العربى والإسلامى والدولى غير المسبوق، رفضًا لأى محاولة للمساس بوضعية هذه المدينة العزيزة علينا جميعًا، أو بحق الشعب الفلسطينى الأصيل، وغير القابل للتصرف، فى أن يقرر مصيره ويحقق الاستقلال فى دولته وعاصمتها القدس الشرقية.
قمة التعاون الخليجى فى تركيا
وشدد وزير الخارجية سامح شكرى، على أن واجبنا الوقوف وقفةً حازمةً وواضحةً، نعلن فيها أننا نرفض أن يتحول العالم إلى غابة ينتصر فيها المحتل على الشعب الأعزل الذى لا يملك سوى الحق والقانون والعدل، مؤكدًا على أن مصر تستنكر القرار الأمريكى الأحادى المخالف للشرعية الدولية، ولا تعتبره منشئًا لأية آثار قانونية أو سياسية.
وأشار الوزير سامح شكرى، إلى أن القدس أرض تحت الاحتلال، وهى جزء لا يتجزأ من الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967. هذه حقيقة تاريخية وقانونية، تدعمها قرارات صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يمكن أن تتغير هذه الحقيقة إلا بإنهاء واقع الاحتلال وليس من حق أى طرف، محذرًا من القفز على القانون الدولى والحقوق التاريخية، لإضفاء الشرعية على اغتصاب الأرض والحق، لافتًا إلى مرور سبعة عقود على الشعب الفلسطينى، وهو يرزح تحت وطأة احتلال ينتهك كل مقدس، ويستخف بكل قانون، وكأنه كتب على الشعب الفلسطينى أن يكون استثناءً من نظام دولى يتشدق بالقانون وحقوق الإنسان فى كل مكان إلا عندما يتعلق الأمر بالحقوق الفلسطينية.
قمة التعاون الإسلامى بشأن القدس
وأضاف شكرى، أن الفلسطينيين قبلوا التسوية التاريخية للصراع على أساس قرارات مجلس الأمن ومقررات الشرعية الدولية، فيما أعلن العرب كلهم، وبدون استثناء، تبنى السلام خيارًا استراتيجيًا على أساس حل الدولتين، مؤكدًا على أن جوهر حل الدولتين هو الاعتراف بحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته على الأراضى المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وبالتالى، فإن كل مساس بوضعية القدس يعنى تهديدًا صريحًا لحل الدولتين، ويفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات وخيمة.
وأكد وزير الخارجية، على أن استقرار المنطقة والعالم لا يحتمل أى تحرك غير محسوب العواقب تجاه القدس، ولا يمكن أن يتحقق فى ظل عدم المبالاة بمشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين فى جميع أنحاء العالم، موضحًا أن السلام لا يمكن أن يتأسس على استمرار الظلم التاريخى الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى، مشيرًا إلى أن مصر لا تقبل أن يكون التعامل مع القدس خارج نطاق الشرعية الدولية، ولن يتسامح الشعب المصرى مع أى تفريط فى حقوق الشعب الفلسطينى، وأى إجراءات تزعزع استقرار المنطقة وتوفر الذرائع للمتطرفين والإرهابيين وأعداء السلام والاستقرار.
قمة التعاون الإسلامى
واستطرد وزير الخارجية: "فأى مصداقية يمكن أن تكون لعملية السلام وحل الدولتين أن لم ينتفض المجتمع الدولى لرفض أى محاولة للاستيلاء على القدس، وتثبيت واقع إحتلالها؟ وكيف يمكن تنفيذ الرؤية التى أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى لإقامة السلام الشامل والعادل وإنهاء 7 عقود ضائعة من عمر المنطقة والعالم، بينما المحتل يمضى فى ترسيخ أمر واقع، يحسب واهمًا، أن شعوب المنطقة والعالم لا يمكن أن تتسامح معه وتقبل به".
وشدد الوزير شكرى، على أنه لا يمكن أن تتحقق أى تسوية شاملة وعادلة ونهائية للصراع الفلسطينى الإسرائيلى إلا على أساس حل الدولتين، على أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية القدس الشرقية، مؤكدًا أنه لا يمكن أن تتم هذه التسوية إلا بمفاوضات سياسية، يرعاها المجتمع الدولى بنزاهة وأمانة، بكل ما يعنيه ذلك من ضرورة الالتزام الصارم بمقررات الشرعية الدولية، والرفض القاطع لأى محاولة للالتفاف عليها وإقرار الأمر الواقع بالقوة.
وأوضح وزير الخارجية، أن مصر التى التزمت منذ عام 1948، بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى، وبذلت فى سبيل ذلك كل غال ونفيس، ستستمر فى الدفاع عن هذه الحقوق بكل صلابة وقوة. وستكون فى طليعة كل تحرك عربى أو إقليمى أو دولى لدعم وتثبيت هذه الحقوق، وإبطال أى محاولة للالتفاف عليها.
قمة التعاون الإسلامى بتركيا
وأكد شكرى، على أن رفض وإبطال أى محاولة لإضفاء الشرعية على واقع احتلال القدس، ليس فقط استعادة لحقوق تاريخية وقانونية ثابتة للشعب الفلسطينى، وإنما هو انتصار للحق فى مواجهة القوة، وإنقاذ لمصداقية المجتمع الدولى وتمسك بإبقاء باب الأمل مفتوحًا أمام أجيال جديدة من أبناء الشعب الفلسطينى والمنطقة، موضحا أن الخيار هو بين العدل الذى لا يستقر نظام دولى بدونه، وبين مكافأة الإحتلال وإزكاء نيران الدم والفوضى فى المنطقة، داعيا لتحمل المسئولية التاريخية والأخلاقية، واتخاذ الموقف الذى يرضى ضمائرنا ويرتقى لتطلعات شعوبنا.
الرئيس الفلسطينى محمود عباس
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة