يخوض الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، مواجهات واسعة مع القضاء بعد أقل من شهر على توليه منصبه فى البيت الأبيض، وهو ما ينذر بسنوات من المعارك القانونية، إسوة بما حدث مع سابقيه من الرؤساء الأمريكيين، والذين خاضوا معارك مماثلة بشأن حدود سلطاتهم. غير أن ترامب وكعادته جر الخلاف إلى العلن من خلال منصته الرئيسية على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر".
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن محاميى الإدارة الأمريكية تلقوا تعليمات بالدفاع عن قرار الرئيس ترامب الخاص بفرض حظر مؤقت على دخول اللاجئين من أنحاء العالم والمسافرين من 7 دول مسلمة، إلى الولايات المتحدة، حيث رفضت محكمة استئناف فى ولاية كاليفورنيا الأحد إعادة الحظر بعد أن منعته محكمة أقل درجة.
وأعلن ترامب لليوم الثانى على التوالى عن غضبه تجاه القضاء، واتهمه هذه المرة بتعريض الأمن القومى للتهديد، وكتب على حسابه على موقع تويتر مهاجما القاضى الفيدرالى جيمس روبارت، "إنه لا يصدق أن يصدر قاضى مثل هذا الحكم"، وألقى باللوم عليه فى حال تعرض أمريكا لأى حادث إرهابى فى المستقبل.
وكتب الرئيس الأمريكى فى تغريدة أخرى، أنه طالب مسئولى الأمن القومى بمعاينة من يدخلون إلى الولايات المتحدة بشكل دقيق، لافتًا إلى أن القضاء يصعب مهمة حماية الولايات المتحدة. وقالت نيويورك تايمز إن رجل الأعمال الذى يفتقر لخبرة المنصب العام، أظهر فى الأيام الأولى لحكومته أنه يفضل نهجا لا يمنح الكثير من الاعتبار لاثنين من الفروع الأخرى للحكومة. فبينما يسيطر الجمهوريون على الكونجرس، فستكون المعركة معه مؤجله، غير أن القضاء يبرز كعقبة رئيسية أمام ترامب فى الوقت الحالى.
وقال سياسيون وخبراء قانون من الحزبين الجمهورى والديمقراطى إن هجوم ترامب على القضاء من شأنه أن يلقى بظلاله على معركة ترشيح القاضى نيل جورساتش للمحكمة العليا، فضلا عن العلاقة بين الرئيس والكونجرس.
وشهدت الولايات المتحدة أزمات ومناوشات بين رؤساء آخرين مع القضاء، حيث اضطر ريتشارد نيكسون لتسليم أشرطة فضيحة ووترجيت للسلطات القضائية، فيما رفض القضاء محاولة بيل كلينتون لتأجيل دعوى التحرش الجنسى الخاصة بالمتدربة فى البيت الأبيض مونيكا لوينسكى. كما خاض كل من الرئيس جورج دبليو بوش وباراك أوباما معارك قضائية حول حدود سلطاتهم. فلقد حكم القضاء الأمريكى بأن بوش تجاوز حدوده فى تجاوز إجراءات قانونية تتعلق بالمشتبه فيهم بالإرهاب.
فيما حكم قاضى فيدرالى آخر أن أوباما استحوذ على سلطة لا يمتلكها بالسماح لملايين المهاجرين غير الشرعيين بالبقاء داخل الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن كل هذا الخلاف بين الرؤساء الأمريكيين والقضاء فى بلادهم لم يقع فى مرحلة مبكرة بولاية أي منهم، وبهذا الشكل من الاشتباك الشخصى الذى اتبعه ترامب.
وقال تشارلز فرايد، النائب العام فى عهد الرئيس الجمهورى الأسبق رونالد ريجان، إن الرئيس ترامب يحول المشهد إلى "مسلسل" من خلال هجومه المحموم على القاضى، ووصف فرايد ـ وهو أستاذ قانون بكلية الحقوق جامعة هارفارد وصوت ضد ترامب فى الانتخابات الرئاسية ـ تصرف الرئيس الحالى تجاه القاضى جيمس روبارت بأنه بلا معنى وغير لائق وغير رئاسى.
فيما دافع ألبرتو جونزاليز، النائب العام فى إدارة بوش الأب، عن ترامب، قائلا: "لو كنت فى البيت الأبيض فيهمنى أن أشعر بما هو أفضل بشأن موقفى، إذا كان قرار مثل الحظر يتعلق بهجوم فعلى أو تهديد". مضيفا أنه عندما يتعلق الأمر بأشخاص من خارج الولايات المتحدة يجب أن تتمتع السلطة التنفيذية باحترام كبير من المحاكم.
ودافع مايك بينس، نائب ترامب، عن الرئيس قائلا إنه يتمتع بحق انتقاد فرعى السلطة الآخرين. وأضاف أن تصرفات القاضى فى هذه الحالة تتعلق بقرارات السياسة الخارجية الأمريكية والأمن القومى، وهو أمر محبط جدا للرئيس والإدارة بأكملها. مشددا على أن "ملايين الأمريكيين يريدون أن يروا قضاء يعلى من شأن القانون والاعتراف بسلطة رئيس الولايات المتحدة بموجب الدستور".
غير أن جاك جولدسميث، الذى رأس مكتب المستشار القانونى لوزارة العدل فى إدارة بوش، رأى أن هجوم ترامب على القضاة والقضاء يأخذ البلاد إلى منطقة جديدة. وأضاف أن العدوانية جنبا إلى جنب مع الهجوم على القضاة، يزيدان الضغوط عليهم عند إصدار أى حكم ضد ترامب.
ولا تعد هذه هى المرة الأولى التى يشتبك فيها ترامب مع قاضى، فخلال الحملة الانتخابية الصيف الماضى، هاجم القاضى جونزالو كورييل، الذى كان يبت فى دعوى قضائية ضد "جامعة ترامب"، بسبب أصوله المكسيكية واتهمه وقتها بالانحياز ضده. وهاجم ترامب، كورييل، قاضى محكمة جزئية أمريكية فى كاليفورنيا، قائلا إنه "قضى بأحكام لا يتوقعها الناس". وأشار إلى أن كورييل، المولود فى ولاية إنديانا الأمريكية، لديه تراث مكسيكى يتضارب مع العمل فيما يتعلق بقضية جامعة ترامب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة