عقدت اجتماعات عديدة ومسودات كثيرة، اقتراحات بمشروع قانون متعثر جاوز عمر الكلام حوله الثلاث سنوات، إلى أن قررت وزارة العدل مخاطبة الطوائف المسيحية الثلاث الكبرى (الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية) يناير الماضى لإنجاز مشروع القانون، ودخلت الكنائس فى مناقشات فيما بينها لتقريب وجهات النظر رغم اختلاف شرائع كل كنيسة، كل ذلك يجرى بمعزل عن طوائف أخرى أصغر عددًا، ولكنها مسجلة لدى الدولة رسميًا كطوائف مسيحية منذ القرن التاسع عشر ولا يمكن الخروج بقانون موحد للأقباط دون تضمينهم فيه.
المادة الأولى من مشروع قانون الأحوال الشخصية المرتقب تنص على "تسرى أحكام هذا القانون على مسائل الأسرة المسيحية فى مصر الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون رقم 442 لسنة 1955 وتلغى كافة الأحكام المخالفة لهذا القانون".
ويؤكد بيتر النجار المحامى المتخصص فى قضايا الأحوال الشخصية للأقباط، أن مشروع القانون يلغى كافة اللوائح الخاصة بالطوائف المسيحية الأخرى مثل الروم الأرثوذكس والكنيسة الأسقفية والأرمن وغيرهم، مع تجاهل لرؤساء الطوائف الصغيرة فى المناقشات الدائرة حول القانون بما يعنى أن إقراره قد يتسبب فى احتجاجهم خاصة، وأن طائفة الروم الأرثوذكس على سبيل المثال لديها لائحة أحوال شخصية من أفضل اللوائح المعمول بها وتتيح 13 سببا للطلاق على العكس من باقى الكنائس لذلك فإن إقرار قانون يقلل من أسباب الطلاق ويقصره على الزنا والزنا الحكمى والهجر مع وجود بعض الضوابط، قد يلاقى اعتراضات كبيرة من رعايا تلك الطائفة.
النجار يوضح أن الهجر والمرض وترك الدين والعنة والزنا والجنون من ضمن أسباب الطلاق لدى كنيسة الروم الأرثوذكس التى تمنح تصاريح زواج ثانى وثالث أن لزم الأمر على العكس من باقى الكنائس التى تتعنت فى ذلك وتقصر الطلاق على علة الزنا ككنيسة الأقباط الأرثوذكس.
الأنبا نيقولا المتحدث الرسمى باسم كنيسة الروم الأرثوذكس فى مصر أكد أن الكنائس المسيحية الثلاث لم توجه الدعوة لكنيسته من أجل التشاور حول مشروع قانون موحد للأحوال الشخصية للأقباط.
وأوضح المتحدث الرسمى باسم كنيسة الروم الأرثوذكس فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن الكنيسة قدمت لوزارة الشئون القانونية والمجالس النيابية الشهر الماضى لائحة الأحوال الشخصية الخاصة بها التى تعود إلى عام 1937 وتتيح عدة أسباب للطلاق، لافتًا إلى أن رعايا كنيسته لا يعانون من مشاكل تصاريح الزواج الثانى والطلاق.
فخ آخر، تتسبب فيه الكنيسة الأسقفية، التى يدور بينها وبين الطائفة الإنجيلية نزاعا قضائيًا حسمته محكمة القضاء الإدارى التى قضت باعتبار الكنيسة الأسقفية مذهبا تابعا للكنيسة الإنجيلية ومن ثم يخضع لما يخضع له رعايا تلك الكنيسة من ضوابط فى الأحوال الشخصية إلا أن الدكتور منير حنا رئيس الكنيسة الأسقفية يؤكد لـ"اليوم السابع"، أن كنيسته طائفة قائمة بذاتها ولديها أيضا لائحة أحوال شخصية خاصة بها غير المعمول بها فى الكنائس الإنجيلية لافتا إلى أن الكنائس الكبرى لم تدعو طائفته للمشاورات حتى اليوم.
مسيحيون بالقانون.. منبوذون من الكنائس
غير أن الأزمة الأكبر تتعلق بالطوائف التى تحظى باعتراف الدولة ومسجلة لديها رسميًا ولكن الكنائس المسيحية تكفر رعاياها ولا تعتبرهم ضمن أتباع المسيحية مثل المورمون والشهود يهوه والسبتيين، الأمر الذى يعنى أن رعايا هذه الطوائف محرومين من المشاركة فى مشاورات قانون الأحوال الشخصية الموحد الذى ينتظر أن تسرى أحكامه على كافة المسيحيين فى مصر.
وتنص المادة «112»: يجوز لأى من الزوجين المسيحيين طلب التطليق إذا ترك أحدهما الدين المسيحى إلى الإلحاد أو إلى دين آخر، أو مذهب لا تعترف به الكنائس المسيحية بمصر كالسبتيين، وشهود يهوه، والبهائيين، والمرمون.
يؤكد القس رفعت فتحى الأمين العام لمجلس كنائس مصر فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الكنائس المسيحية لن تقبل أبدًا بضم الشهود يهوه والسبتيين لمشروع قانون موحد للمسيحيين، لافتًا إلى أن تلك الطوائف سجلت فى الدولة فى منتصف القرن التاسع عشر فى ظروف خاصة ولكنها لا تلزم الكنائس المسيحية على الاعتراف بعقائدهم ومن ثم ضمهم للمسيحيين المصريين فى أى تشريع أو نقاش.
بيتر النجار يجدد تأكيده، أن طوائف الشهود يهوه والسبتيين معتمدة رسميًا بقرارات جمهورية ولديها كنائس ودور حضانة ومنشآت تمارس من خلالها الشعائر الدينية، ويحمل رعاياها ديانة مسيحى فى الرقم القومى إلا أن استبعادهم من قانون الأحوال الشخصية يخالف المادة 56 من الدستور التى تؤكد على المساواة بين الأفراد ومن ثم تعرض القانون إلى عدم الدستورية فى حال إقراره.
ويشير النجار، إلا أن الشريعة الإسلامية سوف تطبق على المسيحيين ذوى الطوائف المختلفة أما فى حالة اتحادهم فى الملة والطائفة فإن ذلك يستلزم بالضرورة تطبيق القانون الموحد للأقباط عليهما وهو الأمر الذى لا يمكن تطبيقه على السبتيين والشهود يهوه المستثنيين من القانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة