أبدت الصحف الغربية إهتمام واسع بالزيارة التاريخية التى يقوم بها البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، للقاهرة، والتى تبدأ ظهر الجمعة وتنتهى مساء السبت، تحت شعار "بابا السلام فى مصر السلام"، مشيرة إلى أن مهمة البابا الذى يسعى لتعزيز الحوار مع العالم المسلم من خلال مؤسسة الأزهر، فضلا عن تعزية مسيحى المنطقة الذين يواجهون موجة غير مسبوقة من العنف والقتل على يد الجماعات الإرهابية، هى نشر رسالة التسامح والحوار.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الزيارة تأتى فى وقت عاصف للمسيحيين فى مصر، بعد استهداف كنيستين هذا الشهر مما أسفر عن استشهاد 44 شخص فى احتفالات أحد السعف، ورأت الصحيفة إن زيارة البابا تمثل من ناحية محاولة لإظهار الوحدة مع المسيحيين المحاصرين فى الشرق الأوسط، الذين تعرضوا للاضطهاد من قبل المتطرفين دينيًا فى سوريا والعراق، وليبيا، إلا أن المراقبين يقولون إن الزيارة هدفها تكوين علاقات أقوى بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، لاسيما قادتهم.
ونقلت الصحيفة عن أرت كيربى، المدير الإقليمى لخدمات الإغاثة الكاثوليكية، قوله إن الرسالة ستكون معبرة عن التضامن مع المسيحيين، والأكثر أهمية مع المسلمين والمسيحيين، وفى ضوء الهجمات الأخيرة، يشعر المسيحيون فى مصر بشكل متزايد بالضعف لكن فى الحقيقة كان أول من استجاب للهجومين وبعض الضحايا بالفعل من المسلمين".
وتحدثت الصحيفة عن رسالة الفيديو، التى وجهها البابا فرانسيس لمصر قبيل زيارته، والتى قال إنها رسالة للصداقة والاحترام للمصريين وللمنطقة، ورسالة للإخوة والمصالحة مع العالم الإسلامى.
وقال كيربى، إن زيارة البابا ورغم رمزيتها الكبيرة لكنها لن تجلب فى حد ذاتها السلام أو تحل الانقسامات بين عشية وضحاها، بل سيتعين على المسلمين والمسيحيين مواصلة الزخم الذى ستولده الزيارة، وعلى القادة الدينيين ومسئولى الحكومة فى مصر والمجتمع الدولى أن يكونوا مثالًا يحتذى به سواء قولًا أو فعلًا.
من جانبها، قالت وكالة الأسوشيتدبرس، إن البابا فرانسيس يواجه مهمة دبلوماسية ودينية خلال زيارته لمصر، حيث يأمل فى تعزية وتهدئة المسيحيين بعد موجة من الهجمات الإرهابية الدموية، كما يسعى لتحسين العلاقات مع القادة المسلمين فى مصر.
وأشارت إلى الإستعدادات الأمنية فى مصر لإستقبال بابا الفاتيكان علىى مدار يومى 28 و29 أبريل الجارى، ونقلت تصريحات المتحدث باسم الفاتيكانن بإن البابا فرانسيس لا يشعر بأى قلق ولن يستخدم سيارة مصفحة.
ورأت الوكالة، إن زيارة البابا، ستعزز صورة الرئيس عبد الفتاح السيسى، كرجل دولة يعمل على مكافحة التطرف الدينى والدفاع عن حوار الأديان، كما إن أهم علامة فى الزيارة هى لقاء البابا مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والمشاركة فى مؤتمر عالمى للسلام.
ويصر البابا فرانسيس، على إن الحوار المسيحى المسلم، هو السبيل الوحيد للتغلب على التطرف الذى يستهدف المسيحيين ويدفعهم للفرار من أوطانهم فى العراق، وسوريا، وأنحاء الشرق الأوسط.
وفيما قال البابا فرانسيس، إنه يزور مصر كرسول للسلام، فى وقت يتمزق فيه العالم بسبب العنف الأعمى، تقول الوكالة إن بالنسبة للمسيحيين العاديين فى مصر، فإن زيارة البابا بادرة حسنة لكنها لن تغير واقعهم وما يواجهونه من عنف المتطرفين، ومع ذلك تمثل الزيارة إنجاز دبلوماسى على صعيد العلاقات مع الأزهر، والتىى توترت فى 2011، بعد مطالبة البابا السابق بنديكت السادس عشر لمصر بحماية المسيحيين، فى أعقاب تفجيرات كنيسة القديسين فى الإسكندرية، والتى أسفرتت عن إستشهاد أكثر من 20 شخص.
ومنذ أن أتى بابا للفاتيكان فى 2013، يسعى البابا فرانسيس، إلى إصلاح العلاقات مع الأزهر، وقد إستضاف الشيخ الطيب فى الفاتيكان العام الماضى.
وترى الأسوشيتدبرس إن الزيارة ينبغى أن تساعد شيخ الأزهر الذى يواجه الإنتقادات بأنه فشل للقيام بما هو كافى لمكافحة التطرف الإسلامى.
صحيفة "يو إس إيه توداى" الأمريكية رأت إن البابا فرانسيس، ربما يستغل الزيارة للاعتراف بجهود الرئيس عبد الفتاح السيسى نحو تحقيق المساواة بين المسلمين والمسيحيين فى البلاد، وأشارت إلى إن بابا الفاتيكان سيشارك البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى مؤتمر حول كيفية التعايش السلمى المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وهى المبادرة التى يدفع بها السيسى.
ونقلت الصحيفة عن أسامة العبد، الرئيس السابق لجامعة الأزهر، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب حاليا، قوله إن هناك بعض الفتاوى الطائشة التى زادت من الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وأضاف إن زيارة البابا لمصر تمثل دعوة للسلام العالمى، فعلينا أن نتحد جميعا ونتعاون لنبذ الفكر الإرهابى باعتباره مشكلة عالمية، وليس شيئا تعانى منه مصر وحدها.
من جانبه، قال عبدالله شيلفر، أستاذ الإعلام فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأحد قادة جهود تعزيز الحوار الإسلامى المسيحى العالمى، إن تأييد البابا للسيسى يظهر قرارا من جانب الفاتيكان بالاعتراف بأن الأوضاع المتعلقة بالحرية الدينية للمسيحيين قد تحسنت.
وأضاف إن كلا من السيسى وفرانسيس، يختلفان عن سابقيمهما فى احتضان أصحاب الأديان الأخرى، بينما على العكس ألقى البابا السابق بنديكت السادس عشر خطابا عام 2006 انتقد فيه الإسلام كدين يحث على العنف وتعرض لانتقادات كبرى من المسلمين.
وتابع شيلفر قائلا: إن "فرنسيس معتاد على المناورة فى بيئة يوجد بها مسلمين، بينما كان السيسى أول رئيس مصرى يحضر قداس عيد الميلاد".
ورأت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن لقاء البابا فرانسيس، وشيخ الأزهر، سوف يقدم بادرة حسن نية على أعلى مستوى، حيث سيركز البابا على حوار الأديان والعلاقات بين المسلمين والمسيحيين، خاصة على صعيد مكافحة إضطهاد المسيحيين.
مضيفة إن إستئناف الحوار بين الفاتيكان والأزهر وذوبان الجليد بين الطرفين، له أهمية كبيرة من حيث توقيته، فالأزهر حذر مؤخرا من خطر الإسلاموفوبيا فى الغرب، فيما شجب الفاتيكان إضطهاد المسيحيين فى الشرق الأوسط.
فاللقاء بين ممثلى أكبر مؤسستين دينيتين فى العالم، سوف يساعد على تحدى الأفكار التى تقول أن التعددية الدينية تواجه التهديد بفعل الصراع بين المسلمين والمسيحيين، كما يخلق بادرة حسن نية كبيرة من شأنها أن تساهم فى بناء الجسور والتفاهم المشترك بشأن القضايا الرئيسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة