أصبحت إسرائيل هى الرابح الأكبر من الضربات العسكرية الأمريكية فجر الجمعة على سوريا، وظهر ذلك جليا من ردود الفعل المؤيدة فى إسرائيل لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بقصف مطار "الشعيرات" السورى وأهداف عسكرية أخرى تابعة للجيش السورى، ورحب العديد من وزراء الحكومة الإسرائيلية ونواب بالكنيست بالهجمات.
وخرجت جميع الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية بتقارير وتحليلات إخبارية مركزة حول عودة الولايات المتحدة الامريكية لدروها المركزى بالشرق الأوسط بتلك الهجمات، وذهب البعض لأبعد من ذلك مؤكدين أن الضربات الصاروخية على سوريا تعد بمثابة رسالة واضحة لكلا من إيران وروسيا وكذلك كوريا الشمالية.
ترحيب رسمى
ورسميا، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، فى أول تعقيب على الهجوم الذى شنته الولايات المتحدة، ضد أهداف عسكرية سورية: "إن الرئيس ترامب يبعث رسالة قوية، بالأقوال والأفعال، أن استخدام السلاح الكيماوى ونشره لا يحتملان، معربا دعم إسرائيل التام لقرار الرئيس الجديد فى البيت الأبيض.
فيما قال وزير الإسكان الإسرائيلى، يؤاف جالنت، إن الرئيس ترامب والقيادة الأمريكية قاموا بالخطوة اللازمة بعد أن تجاوز الرئيس السورى بشار الأسد الخط الأحمر ، فيما وصف رئيس الهيئة السياسية والأمنية فى وزارة الدفاع الإسرائيلية سابقا الجنرال المتقاعد عاموس جلعاد الهجوم الأمريكية بأنه عملية استخباراتية دقيقة ورائعة.
مناقشة تدخل تل أبيب عسكريا فى سوريا
فيما كشف وزير الاستخبارات الإسرائيلى يسرائيل كاتس، أن المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر للشئون الأمنية والسياسية "الكابنيت" سيجتمع صباح غدا الأحد، لبحث الملف السورى وامكانية تدخل إسرائيل عسكريا فى سوريا.
وقال موقع "واللا" الإخبارى الإسرائيلى، إن كاتس أكد خلال تصريحات خاصة، إن الهجوم الأمريكى فى سوريا فجر الجمعة يشكل فرصة أمام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لتكوين تحالف ضد إيران.
وأوضح الوزير الإسرائيلى أن تل أبيب عملت سابقا داخل سوريا، وستعمل مجددا حسب خطوطها الحمراء التى وضعتها، قائلا: "إن قررنا ذلك فأنه يجب علينا القيام بذلك".
رسالة لإيران وكوريا الشمالية وروسيا
بينما قال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "آمان" سابقا الجنرال المتقاعد عاموس يدلين، إن ترامب نقل رسالة قوية إلى روسيا وإيران وكوريا الشمالية بالضربات الصاروخية الأخيرة على مطار "الشعيرات" السورى.
فيما قال الرئيس الإسرائيلى رؤوفين ريفلين: "إن الولايات المتحدة تشكل مثالا يتحذى به لدول العالم الحر، الذى يجب أن يقوم بكل ما هو ممكن لإيقاف المجازر فى سوريا"، على حد قوله.
وفى السياق نفسه، قال وزير الدفاع الإسرائيلى السابق، موشى يعالون، ردا على العملية الأمريكية: "رئيس الولايات المتحدة، فى أول اختبار كبير له فى الشرق الأوسط، يثبت أن الولايات المتحدة تحت قيادته ستستعيد دورها المهم كدولة عظمى".
احتلال سوريا
فيما قال وزير الداخلية الإسرائيلى آرييه درعى، إن اجتماع المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر غدا الأحد، لمناقشة كل الأبعاد المتعلقة بسوريا واتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة فى هذا الملف.
وأضاف درعى، أنه سيوصى باحتلال سوريا إذا استدعى الأمر، لكن من المؤكد أن هناك طرق لمعالجة ما يحدث ولا يمكن الاكتفاء بالشجب والإعراب عن الأسف، فرغم وجود المسار الدبلوماسى إلا أن المسار العسكرى موجود ايضا.
واقتبس درعى خلال تصريحات خاصة لصحيفة "هاآرنتس الإسرائيلية " تصريح سابق لرئيس شعبة الاستخبارات السابق بالجيش الإسرائيلى الجنرال عاموس يدلين، الذى قال إن على اسرائيل قصف مستودعات السلاح الكيميائى فى سوريا.
وأكد درعى، أن إيران تعتبر عدو رهيب لإسرائيل، وأنها تجاهد من أجل العمل وفقا للاتفاق الذى فرض عليها لكى لا يضبطوها وهى تخرقه ، مضيفا: "انهم يفهمون بأنه يوجد شريف جديد فى العالم ، لكنهم يبذلون كل ما يستطيعون من أجل الاستثمار فى العمل ضد اسرائيل، ويضخمون حزب الله بالسلاح كخط امامى لهم مقابل إسرائيل".
رسالة من الولايات المتحدة للعالم
وقال المحلل العسكرى فى صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاى، عن القصف الأمريكى ضد القاعدة الجوية التابعة لجيش الأسد، أن الولايات المتحدة بعثت رسالة للعالم أن لديها خطوط حمراء، سيكون الرد على تجاوزها عسكريا من قبل الدولة العظمى الأقوى فى العالم.
وأضاف المحلل الإسرائيلى، أن الرسالة موجهة فى المقام الأول لأنظمة وصفها بالمارقة تنتهك المعاهدات الدولية على رأسها إيران وكوريا الشمالية ، وقال بن يشاى أن أمريكا فضلت عملية ضيقة النطاق ومحددة، وقد أعلمت حلفاءها فى المنطقة، وحتى روسيا، قبل وقت قصير من تنفيذها، والرسالة وراء ذلك هى أن "ترامب لا ينوى التخلص من الأسد، بل معاقبته وردعه من اللجوء إلى مجازر ضد شعبه".
واستبعد المحلل الإسرائيلى إقدام روسيا على خطوة عسكرية ضد الولايات المتحدة، رغم عدم تخليها عن الأسد.
وفى السياق نفسه، قال المحلل الإستراتيجى بصحيفة "هاآرتس"، عاموس هارئيل، إن رد الرئيس الأمريكى، على الهجوم الكيماوى الذى شنه الأسد على أدلب، وسياسته العامة تجاه الحرب الأهلية فى سوريا، انقلب رأسا على عقب، فبعد التنديد بالعمل بهجمات الأسد الكيماوية ، واتهام سلفه بالتقاعس، أمرالرئيس الأمريكى جيشه بشن ضربات غير مسبوقة ضد أهداف عسكرية استراتيجية تابعة للأسد فى عمق سوريا.
وقال المحلل الإسرائيلى، إن سياسة الرئيس الأمريكى تحولت خلال 48 ساعة من تعامل مع الأسد على أنه حقيقة باقية إلى معاقبته على نحو غير مسبوق على استخدامه السلاح الكيماوى الذى يفترض أنه أخلى من سوريا فى أعقاب الاتفاق بين الرئيس السابق أوباما ونظيره الروسي، بوتين، عام 2013.
وأستطرد هارئيل قائلا: " الرئيس دونالد ترامب، من خلال عملية قصف القاعدة الجوية فى حمص، فعل أكثر مما فعل سلفه أوباما خلال 6 سنوات من التنديدات والتوبيخ للنظام السورى، ورغم ذلك، لجأ الأمريكيون إلى عملية آمنة نسبيا، وهى قصف بالصواريخ من مسافة بعيدة، مقارنة بشن هجمات جوية أو إنزال قوات عسكرية أرضية".
59 صاروخ توما هوك
وقد أطلقت سفينتان حربيتان تابعتان للجيش الأمريكى 59 صاروخا مجنحا من نوع "توما هوك"، نحو قاعدة جوية عسكرية تابعة للجيش السورى بمدينة "الشعيرات" قرب حمص وقد خلّف الهجوم، وفق تقارير سورية، 7 قتلى من الجيش السورى، وذلك رداً على الهجوم الكيماوى الذى نسب للجيش السورى بمنطقة إدلب وراح ضحيته مئات القتلى والجرحى المدنيين.
واشنطن أطلعت إسرائيل مسبقا على الهجمات
وكانت قد كشفت تقارير إسرائيلية، أن الولايات المتحدة اطلعت إسرائيل مسبقا على نيتها مهاجمة سوريا، فيما قال مسؤولون أمريكيون أن واشنطن أبلغت موسكو قبل الهجوم فى سبيل منع مواجهة مباشرة بين الدولتين.
تل أبيب تسعى لإقامة مناطق عازلة مع سوريا
وكشفت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أن إسرائيل تسعى لإقامة منطقة عازلة بين سوريا وإسرائيل داخل الأراضى السورية، حال التوصل لأى تسوية مستقبلية للنزاع فى سوريا.
وأضافت الصحيفة العبرية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتانياهو، يهدف من هذا المسعى منع استقرار إيران وحزب الله فى تلك المناطق، فيما قالت مصادر سياسية إسرائيلية للصحيفة العبرية، إن نتانياهو عرض الموضوع خلال المحادثات التى أجراها الأسابيع الماضية مع الإدارة الأمريكية وجهات دولية أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة