فتحت الرسائل الأخيرة التى خرجت من بعض أعضاء جماعة الإخوان، داخل السجون، وكان من بينها الرسالة التى خرجت من أحد متهمى "كتائب حلوان"، والذى طالب القيادات بالاعتراف بأخطائهم، والتراجع خطوة للوارء، باب الحديث حول تاريخ المراجعات داخل جماعة الإخوان، منذ نشأتها، وحتى الآن، والتى تخللها أيضا انشقاقات بدأت منذ عهد حسن البنا، مؤسس الجماعة، وكذلك مراجعات السبعينيات فى عهد المرشد العام الأسبق عمر التلمسانى، بالإضافة إلى إقرارات التوبة التى بعد عزل محمد مرسى من الحكم.
مراجعة الإخوان فى عهد حسن النبا
حسن البنا
بدأت أولى تلك المراجعات، من قِبل شباب أطلقوا على أنفسهم "شباب محمد"، وهى مجموعة من قادة وشباب الإخوان الذين انشقوا عن جماعة الإخوان المسلمين عام 1939م، وعلى رأسهم محمود أبو زيد عثمان وحددوا خلافهم مع الإخوان فى عدة نقاط، أبرزها عدم أخذ قيادة الإخوان بمبدأ الشورى فى اتخاذ القرار، وذلك بالمخالفة لتعاليم السياسة الشرعية الإسلامية، وكذلك عمل جماعة الإخوان المسلمين تحت لواء الحاكمين بغير ما أنزل الله على حد تعبير المجموعة المنشقة آنذاك، ويقصدون به رضا جماعة الإخوان بالعمل السياسى فى إطار القانون الوضعى السائد والذى يحكم العمل الحزبى والنقابى.
عمر التلمسانى يقود مراجعات فى عهد السادات
عمر التلمسانى
ثانى مراجعة، كانت فى عهد مرشد العام الأسبق عمر التلمسانى، الذى أخذ الجماعة للعودة تدريجيا للمشهد السياسى فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بعدما كان معظم شباب الإخوان اتجهوا للتكفير تزامنا مع ظهور سيد قطب ثم إعدامه، لتبدأ الجماعة فى التواجد بعد خروجهم من السجن، تحت قيادة التلمسانى، بل أن هذه التحول دفع بعض الشخصيات المتعاطفة مع الإخوان للخروج فى تلك الفترة وإنشاء جماعات تكفيرية من بينها تنظيم شكرى مصطفى.
مراجعة الإخوان بعد عزل محمد مرسى
محمد بديع
فى نهايات 2015، خرجت وثيقة سميت إعلاميا بـ"إقرارات التوبة"، تتضمن توقيعات من شباب الإخوان الذين يعترفون بندمهم من انضمامهم للجماعة، وإعلانهم الخروج منها، ورغم محاولات الجماعة التغطية على هذه المراجعات، إلا أنها فشلت فى وقفها، بعدما انتشرت بشكل كبير بين شباب الجماعة، وبعضها وصل للشباب خارج السجون.
خرج بعض شباب الإخوان والحركات السلفية الجهادية مؤخرًا، ليفضحوا التنظيم، ويهاجمون قياداته، وكان من بينها رسالتى كل من أحد متهمى كتائب حلوان، الذى اعترف بأخطاء لتنظيم، وطالبهم بمراجعة أخطائهم، والتراجع خطوة للوراء، فى الوقت الذى نشرت فيه رسالة أيضا لأحد المنتمين للسلفية الجهادية والمتهم فى قضايا إرهابية، يفضح فيه تنظيم داعش.
مختار نوح: مراجعات الإخوان شكلية لم تشمل المنهج
وتعليقًا على مراجعات الإخوان، قال مختار نوح، القيادى السابق بجماعة الإخوان، إن مراجعات الجماعة لا يمكن أن يتم تسميتها مراجعات إلا إذا كانت تستهدف فكر الإخوان نفسه ومراجعته، وليس مراجعة مواقف، موضحًا أن كافة المراجعات التى خرجت من الإخوان كانت تنتقد مواقف قياداتها فقط، ولم تشمل الفكر ذاته.
وأضاف نوح، لـ"اليوم السابع"، أن مراجعات الإخوان ينبغى أن تشمل مناهج الجماعة نفسها، وليس مجرد قرارات خاطئة، لأن فكر الإخوان هو ما تسبب فى الأزمات، لافتًا إلى أن الشباب يلجأ لهذه الطريقة لأنه سئم من طريقة إدارة تلك القيادات.
طارق فهمى: لا توجد أى مراجعات حقيقية فى تاريخ الجماعة ويفضلون سياسة العنف
فيما أشار الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أنه لا توجد فى تاريخ الجماعة أى مراجعات حقيقية مثلما تم مع مراجعات الجماعة الإسلامية والوصول لوثيقة الإمام فضل، والتى بمقتضاها خرج من السجون قيادات الجماعة، وبفضل اللواء الراحل أحمد رأفت الذى قاد هذا التوجه من الداخلية.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الإخوان لم يدخلوا فى مراجعات، وقد طرح هذا الأمر فى سبيعنات القرن الماضى وفشل لسيطرة تيار القطبيين على الجماعة ورفض الدخول فى حوار يفضى لمراجعة فكر الجماعة التى مضت فى بناء مظلوميات متتالية منذ إعدام سيد قطب وحتى المواجهات الأخيرة بعد 30 يونيو، وسبب عدم الدخول فى مراجعات هو الصراع داخل تيارات الجماعة، وعدم وجود قيادات فكرية بارزة وعلماء بحق.
وأضاف فهمى، أن جماعة الإخوان لديها غياب التصور لإتمام المراجعات وفقا لنهج الأولوية، كما أن لديها تفضيل لسياسة المواجهة والعنف عن الفكر والأيديولوجية وتصحيح المفاهيم والمنهج، بالإضافة إلى تخوف داخل قيادات الجماعة بالسجون من انهيار الفكرة الإخوانية والدخول فى انفصال التيارات المتصارعة وتشكيل جماعة بديلة، مثلما جرى فى الأْردن حيث يوجد جماعة وجمعية، وعدم وجود قيادات بارزة خارج السجون تستطيع فتح ملف المراجعات التى لن تكون فقهية فقط بل وفكرية وأيدلوجية وسياسية أيضا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة