يمعن المتشددون فى إيران فى إفشال مساعى حكومة الرئيس المعتدل حسن روحانى لتخفيف القيود المفروضة على المرأة ومنحها حقوقها ومزيدا من الحريات، بداية من دوريات الشوارع التى تراقب وتعنفهن من أجل الالتزام بالحجاب وتشعرهن بمناخ أمنى، وصولا إلى حصولهن على فرص عمل دون تمييز جنسى، انتهاء بالسماح لهن بدخول الملاعب لمشاهدة المباريات الرياضية.
ايرانيات يشاركن فى مباراة ايران وبلجيكا لكرة الطائرة
فى الوقت الذى سمحت فيه السلطات فى مطلع هذا الشهر، بحضور النساء فى ملعب آزادى لمشاهدة مباراة كرة الطائرة بين المنتخب الإيرانى ونظيره البلجيكى، فى الدوري العالمى للكرة الطائرة 2017 الذى اقيم وسط تدابير أمنية مشددة، اثر الهجمتين الداميتين التى شهدتهما طهران مطلع الشهر، وخصصت للنساء مدرجات خاصة فى الملعب، هددت ميليشيات "أنصار حزب الله" الإيرانية المدعومة من قبل قياديين فى النظام ورجال الدين المتشددين والحرس الثورى، بالتدخل والعمل على عدم تكرار ذلك.
رئيس الجماعة انصار حزب الله توقع عریضة لتقديم شكوى فى وزراة الرياضة
وأثارت صور السيدات اللاتى حضرن المباراة على مواقع التواصل الاجتماعى بعد ساعات من تداولها عضب الجماعة الإيرانية المتشددة والتى أصدرت بيان وقع عليه عدد من أنصارها، هدد فيه زعيمها "حسين الله كرم"، برفع شكوى على وزارة الشباب والرياضة التى سمحت بما أسماه "الدخول غير القانونى والشرعى" لمئات النساء فى مباراة كرة الطائرة الأخيرة للرجال، واستخدم فى البيان مصطلح استخدمه المرشد الأعلى على خامنئى أثناء خطاب ألقاه على الطلاب المتشددين، بعد الهجمات الارهابية ووصفهم بضباط الحرب الناعمة القادرين على التدخل لإصلاح الأوضاع غير الصحيحة، ومن منطلق ذلك هددت تلك الجماعة بالتدخل.
زعيم جماعة انصار حزب الله المتشددة
ويتزامن بيان التيار المتشدد مع دعوة قائد المنتخب الإيرانى لكرة القدم مسعود شجاعى، روحاني إلى إلغاء قرار منع النساء من الوجود فى الملاعب الرياضية، والسماح لهن بحضور المباريات، قائلا "لا بد أن يجدوا طريقة تسمح للنساء بالحضور إلى الملاعب فى المستقبل".
ويعود قرار حرمان النساء من الحضور في الملاعب الرياضية لأول مرة منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، بدعوى حمايتهن من السلوكيات المشينة للمشجعين الذكور، وينص القانون على منع حضور المرأة فى الملاعب خوفا من الاختلاط مع الرجال على حد قول المسئولين.
ومع تزايد الضغوط والحظر الذى يمارسه النظام على المرأة، قامت بعض النساء بمجازفات متحدية قوانين المرشد، وقامت التخفى فى زى رجال لدخول الملاعب، غير أن السلطات تمكنت مؤخرا من اكتشاف تلك الحالات وألقت القبض عليهن، ففى مايو الماضى اعتقلت السلطات فتاة تسللت من بين الجماهير إلى ملعب آزادي بالعاصمة طهران، مرتدية ملابس رجال، لحضور مباراة كرة القدم بين فريقى استقلال طهران والعين الإماراتى، وتعددت تلك الحالات ففى يونيو 2014، اعتقلت السلطات طالبة الحقوق غونشه قوامي وعدة نساء أخريات، حين حاولن حضور مباراة في "الدوري العالمي للكرة الطائرة" الرياضى فى طهران.
ايرانيات فى ملاعب كرة الطائرة
وتحت ضغط دعوات المنظمات الأجنبية العالمية الرافضة لقانون حرمان النساء، حيث أطلقت هيومن رايتس ووتش حملة #Watch4Women، في أكتوبر 2015، وحثّت مسئولين من الاتحاد الدولي للكرة الطائرة على استبعاد إيران من استضافة مسابقات كرة الطائرة، حتى تنهي حظر مشاهدة المباريات على النساء، ومع تأكيد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) سيب بلاتر، على رفع الحظر المفروض على حضور النساء مباريات كرة القدم في الملاعب، تم تخفيف القيود بعض الشئ من خلال قرار أصدرته وزارة الرياضة فى عام 2015 للسماح بحضورهن مباريات بطولة العالم للكرة الطائرة التى اقيمت فى مايو من نفس العام، الأمر الذى أغضب أنصار حزب الله المتشددة وهددت وقتها بقمع دموى للنساء حال تنفيذ القرار.
وتحدت المرأة سلطة المرشد، بعدما خلى ملعب آزادى من النساء فى مباراة التأهل لكأس العالم في روسيا 2018، بين المنخب الإيرانى والأوزبكستانى والتى أقيمت الشهر الجارى، حيث خرجن فى الشوارع إلى جانب الرجال للاحتفال بهذا الإنجاز ولم يمنعهن قانون الحرمان من دخول الملعب من النزول إلى أيضا إلى الشوارع وتقديم الرقصات ابتهاجا بالصعود للمونديال.
ايرانيات داخل الملاعب
ولاتزال المرأة الإيرانية غير مسموح لها التواجد في مباريات كرة القدم والسباحة والمصارع للرجال، رغم السماح لهن بحضور بعض مباريات كرة الطائرة والسلة والتنس واليد، لكن تعوّل النساء على حكومة روحانى المعتدلة المناهضة لحرمانهن من الذهاب إلى الملاعب الرياضية، فى منحهن حقوق مساوية للرجال فى دولة المرشد، ونيل المزيد من الحريات الشخصية.
ويبقى التحدى أمام روحانى فى ولايته الثانية، رفع الحظر القانونى على النساء التى اصطفت خلف صناديق الاقتراع فى 19 من شهر مايو الماضى لإعادة انتخابه، أملا منها فى انتزاع حقوق مساوية فى العمل وحرية شخصية فى ممارسة أنواع الرياضة المختلفة، فهل سيتمكن الرئيس المعتدل من الانتصار للمرأة، على معارضة رجال الدين وهيمنة المتشددين على مؤسسات صنع القرار، ذلك ما ستجيبه عليه السنوات الأربع المقبلة فى ولايته.