قالت مجلة "نيوزويك" إن تنظيم داعش الذى استولى من قبل على نصف العراق وسوريا، وادعى أن ملايين المدنيين وعشرات الآلاف من المقاتلين من كافة أنحاء العالم هم جزء من خلافته المزعومة، قد تم إعلان وفاته فى العراق ويواجه مصيرا مشابها فى سوريا.
وأضافت أنه مع خسارته، فإن مقاتليه اضطروا إما إلى احتضان الموت أو السقوط فى يد قوى معادية أو محاولة الفرار، لكن الخبراء يقولون إن عدد من الجهاديين، بدلا من الاستسلام سينضمون بسهولة لصفوف شبكة جهادية دولية أخرى وهى القاعدة.
وتشير نيوزويك إلى أن القاعدة كانت بمثابة حجر الزاوية فى بدء داعش وكانت أيضا الهدف المعلن للندخل العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط مع بداية القرن الحادى والعشرين، ومثل داعش، تمتلك القاعدة عدة توابع فى دول مختلفة، إلا أن بعض المحلليين يتنباون بأنه ربما يكون من الصعب مواجهة العدو أكثر من التابع له.
وفى حين أن داعش سرعان ما اكتسب سمعة بسبب العنف الشديد الذى يتبناه وقدرته فى جذب عناصر من الخارج، فإن هذه نفس الصفات التى رفضتها قيادة القاعدة، فشدة القاعدة وإصرارها على المحلية جعلتها عدوا يصعب تمييزه عن السكان المحليين، لاسيما فى حملات القصف العمينة التى كانت سمة السياسة الخارجية لعدد من الدول مثل الولايات المتحدة روسيا وأيضا الفيديوهات الدعائية للجهاديين.
مع وجود فرصة لإعادة إحياء تنظيم القاعدة من أطلال خلافة داعش المتعثرة فى سوريا والعراق، يمكن للقاعدة أن تستخدم قاعدته الشعبية والخطاب المناهض للإمبريالية لتطوير قوة قتالية جديدة قادرة على ضرب قلب أعدائها حول العالم مرة أخرى.
ويقوال دانيال سيروير، الباحث فى معهد الشرق الأوسط، إن الأمر حقيقى فعلا، القاعدة لها جاذبية حقيقية، وبالإضافة إلى هذا ، أضرت بالغرب، كما أنها تركز على العدو البعيد وهو أمريكا.
ويبدو أن القاعدة فى طريقها للعودة بالفعل، ورغم تراجعها الشديد بعد مقتل زعيمها أسامة بن لادن فى عام 2011، إلا أن بن لادن آخر قد يقود ظهورها من جديد.
ففى مايو الماضى، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن حمزة، نجل زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، يسير على خطى والده مع سعى القاعدة للعودة للبروز على الساحة مرة أخرى.
وتحدثت الصحيفة عن التسجيل الصوتى لحمزة نجل بن لادن الذى ظهر فى هذا الوقت، ودعا فيه إلى شن هجمات على غير المؤمنين، وأشارت إلى أن التسجيل الذى بث لأول مرة فى الثالث عشر من مايو الجارى كان واحدا من سلسلة من التصريحات الأخيرة للرجل الذى يعتبره الكثير من خبراء الإرهاب ولى عهد شبكة القاعدة العالمية.
وكان التسجيل الذى بث قبل أسبوعين من هجوم مانشستر الإرهابى فى بريطانيا، يحمل رسالة تتضمن دعوة محددة لهجمات فى المدن الأمريكية والأوروبية للانتقام من قتل الأطفال السوريين فى هجمات جوية.
ويقدم التسجيل دليل على تغييرات مشئومة جارية فى التنظيم المحاصر، والذى كان قد أعلن الحرب على الغرب قبل نحو 20 عاما، بحسب ما قال مسئولو المخابرات الأمريكية والشرق أوسطية وخبراء الإرهاب، فمع تركيز الهجمات العسكرية الأمريكية على داعش، فإن القاعدة تشهد على ما يبدو بداية فصل جديد عنيف من تاريخ التنظيم الذى يقوده بن لادن جديد، والذى تعهد بالانتقام من قتل والده.
وقال المحللون إن القاعدة، التى شجعتها انتكاسات داعش فى سوريا والعراق، تقوم بعرض للتحالف مع أتباع داعش الساخطين وأيضا جحافل المتعاطفين حول العالم، ويبدو أن الترويج لقائد شاب يحمل اسم عائلة تعتبر رمز فى هذا المجال عنصر أساسى فى محاولات إعادة تقديم القاعدة لنفسها، والتى تشمل تحولا عن الهجمات الإرهابية التى يقوم بها داعش ضد خصوم فى الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.
ونقلت الصحيفة عن مسئول أمنى بالشرق الأوسط، رفض الكشف عن هويته، قوله إن القاعدة تحاول استخدام الوقت الذى يتعرض فيه داعش لهجوم لتقدم للجهاديين بديلا جديدا، وأضاف متسائلا: ما الذى يمكن أن يكون فعالا أكثر من اسم بن لادن؟".
وأشارت واشنطن بوست إلى أن حمزة بن لادن ليس جديدا على عالم الإرهابيين، فتتويجه كقائد إرهابى كان يجرى على الأقل منذ عام 2015، عندما قدم زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى فى رسالة بالفيديو باعتباره "أسد من عرين شبكة بن لادن الإرهابية"، لكن فى الأشهر الأخيرة، تم الترويج له كنجم صاعد فى المواقع الموالية للقاعدة، مع بث تسجيلات صوتية له تدعو أتباعه إلى شن هجمات أو تعليق على أحداث حالية.
ويقول محللو الإرهاب إن الترويج لحمزة بن لادن يبدو محسوبا لجذب المسلحين الشباب الذين لا يزالوا معجبين بأسامة بن لادن، لكنهم يرون القاعدة كتنظيم عفا عليه الزمن أو بعيد عما يجرى.
ويقول بروس ريدل، الذى أمضى 30 عاما فى السى أى إيه، ويرأس مشروع الاستخبارات الآن فى معهد بروكينجز، إن حمزة هو الشخصية الأكثر كاريزما والأكثر قدرة فى الجيل القادم من الجهاديين للسلطة بسبب تاريخه ونسبه، وأشار إلى أن فى الوقت الذى يبدو فيه أن الظواهرى والبغدادى يتلاشيان، فإن حمزة هو الوريث الواضح.
إلا أن حمزة بن لادن لا يتبنى أسلوب والده فى "الجهاد"، فقد اشتهر بن لادن بعملياته الإرهابية الطموحة التى يتم التخطيط لها بعناية، والتى يتم إخراجها من قبل جنرالات القاعدة وتستهدف أهدافا إستراتيجية، لكن نجله، وعلى العكس منه يحث أتباعه على انتهاز أى فرصة لضرب المصالح اليهودية، والأمريكيين والأوروبيين والمسلمين الموالين للغرب، واستخدام أى سلاح متاح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة