"تحولت المحادثة إلى غمغمات راح عشاق الكتب فيها يتناقشون عن بعض الوثائق التي عثر عليها تحت متحف الإيسكوريال. وبحسب هذه الوثائق فإن ميغيل دي ثربانتس كان اسمًا أدبيًا مستعارًا لامرأة مشعرة من طليطلة".
شكسبير وثربانتس ولغز المرأة المشعرة والأسماء المستعارة
ربما لم ينتبه البعض ممن قرأ رواية "ظل الريح" للكاتب الإسباني كارلوس زافون، إلى هذه الفقرة في الفصل الأول منها، أو ربما ظن أنها محض خيال، فيما يتعلق بأن الشاعر ميغيل دي ثيربانتس (1547 – 1616) هو اسم مستعار لامرأة مشعرة من طليطلة، إذا ما تعاملنا مع الإشارة إلى الوثائق التي تم العثور عليها أسفل متحف الإيسكوريال، وهو متحف ليس من وحى خيال الكاتب، بل يقع شمال غرب العاصمة الإسبانية مدريد، ويعود الفضل في بنائه إلى ملك إسبانيا فيليب الثاني، ويعد من أهم منجزاته الحضارية.
لكن الأمر الملفت للانتباه هنا، هو "امرأة مشعرة"، فهذا الوصف سبق وأن ذكر فى العام 2016، بعد مرور 400 عام على وفاة الشاعر والكاتب المسرحي والممثل الإنجليزي البارز في الأدب العالمي ويليام شيكسبير (1584- 1616) حينما زعم أحد الخبراء أنه ليس سوى شخصية وهمية فى الواقع تخفى خلفها امرأة يهودية "مشعرة" عاشت فى لندن.
وقد زعم الكاتب جون هدسون أن الهوية الحقيقية لشكسبير هى امراة تدعى إيميليا بسانيو، ولدت عام 1569 لأبوين يهوديين في البندقية.
وليام شكسبير
ووفقا لـ"هدسون" حسبما ذكرت صحيفة "الديلى ميل" فإن "إيميليا" خلال فترة المراهقة بدأت بالاهتمام بالمسرح الإنجليزي والتحقت بشركة تمثيل تدعى "رجال لورد تشامبرلين"، وهو ما سهل على "إيميليا" من خلال موقعها صقل مهاراتها المعرفية، كما يعتقد "هدسون" أن "إيميليا" كانت على علاقة بالكاتب المسرحي كريستوفر مارلو، وأصبحت حاملاً منه قبل أن يتوفى عام 1645.
ومن بين الأسباب التي اعتمد عليها "هدسون" فى فرضيته أن "إيميليا" هى من كتبت مسرحيات شكسبير وبخاصة تلك التي تتحدث عن أماكن خارج انجلترا، في حين أن المتعارف عليه أن شكسبير عاش حياته كلها في إنجلترا.
وعلى الرغم من أن فرضية "هدسون" اعتبرها العديد من الأكاديميين غير مقبولة، إلا أن كثيرين خلصوا إلى أن هناك أمرًا يتعدى المصادفة، وهو وجود اسم "إيميليا" في مسرحية "عطيل" واسم بسانيو في "تاجر البندقية".
ميغيل دي ثربانتس
وإذا ما كان جون هدسون قد اعتمد على فرضيات توصل إليها من خلال مسرحيات شكسبير، فإن كارلوس زافون، ألقى الجملة كحجر فى الماء، عام 2011، ولم يهتم أحد بها، أو يحاول الرد عليها، وربما يفسر هذا التعامل، هو أنه حينما ذكرت هذه الجملة فى سياق رواية "ظل الريح"، فإن من قيلت أمامه هو زعيم باعة الكتب القديمة والنادرة بلا منازع، وخبير فى كل ما يتعلق بالكتب والكتاب، وحينما قيلت هذه العبارة أمامه، لم يعلق عليه.
أحمد عبد اللطيف: التشكيك فى شخصية رموز الأدب أصبح عادة
فى هذا السياق، يحدثنا الكاتب والمترجم الإسباني أحمد عبد اللطيف، فيقول لـ"اليوم السابع"، أنه من المتعارف عليه أن رموز الأدب مثل شكسبير وثربانتس دائمًا ما تثار حولهم الشكوك، ولكن المتعارف عليه أيضًا، هو أن الغرب شديد الاهتمام بالتوثيق والأرشيف، وأن شخصية "ثربانتس" هى حقيقية بالفعل، وليست كما جاء فى فى رواية "ظل الريح"، فهو ككاتب ومسرحى وروائي وشاعر، تم توثيق أعماله، كما قامت إسبانيا بتخليد اسمه، بأن وثقت إلى يومنا هذا طريقًا يحمل اسم بطل روايته "دون كيخوتى" أو "دون كيشوت" كما هو متعارف عليه بين العرب.
رواية ظل الريح للكاتب كارلوس زافون
رواية ظل الريح
صدرت رواية "ظل الريح" عام 2001 للكاتب كارلوس ثافون، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة وبيعت منها ملايين النسخ، وصدرت باللغة العربية عام 2016، عن دار مسكيلياني للنشر، فى تونس، وقام بنقلها إلى العربية المترجم معاوية عبد المجيد.
تدور أحداث رواية "ظل الريح" في برشلونة في القرن العشرين وكيف أن مقبرة الكتب تحوي كتبًا عجيبة يتم إخفائها بحجة أنها مبعثًا للشيطان، وذلك في وسط القرن العشرين.
رباعية الكتب المنسية
مقبرة الكتب المنسية
ويتابع قراء الرواية رحلة دانييل الذى اصطحبه والده ذات يوم إلى مكان يدعى "مقبرة الكتب المنسية". ويقع هذا المكان أسفل المدينة، ولا يعلم سره إلا القليل، كانت ترمى فيها الكتب التي كتبت ولم تنجح. ومن عادة هذه المكتبة أن من يدخلها يجب عليه إذا خرج أن يأخذ معه كتابًا ويأتمنه على حياته.
حرق الكتب
يأخذ دانييل كتاب "ظل الريح" وعندما يعود إلى البيت يشرع في قراءته ويتعجب من وجود هذا الكتاب في مكان كالمقبرة، ويريد أن يقرأ مزيدًا من كتب مؤلف الكتاب، خوليان كراكس، فلا يعثر على شلاء. يبحث ليعرف أن رجلا يدعى لاين كوبيرت يحرق جميع كتب خوليان لاعتقاده أنها مبعث للشر أو للشيطان.
ويعتبر كارلوس زافون، أول كاتب إسباني تتجاوز مبيعات رواياته في إسبانيا والدول الناطقة بالأسبانية، حاجز المليون نسخة وذلك بسبب تميز أسلوبه والأجواء المتميزة بالغرائب وإحاطته بتاريخ مهم من أسبانيا، وهى فترة ما بعد الحرب الأهلية الأسبانية، ولاسيما بمدينة برشلونة التي تضررت بشكل كبير بسبب الحرب 1936-1939.
الكاتب الإسباني كارلوس زافون
كارلوس زافون ومشوار الشهرة
بدأ كارلوس زافون مشواره الأدبي بالكتابة لأدب الشباب، ونشر أول رواية له بعنوان "أمير الضباب" 1993، وحققت شهرة واسعة نال عنها جائزة "إيديبه" الإسبانية وقيمتها 25.000 يورو.
قرر زافون استثمار قيمة الجائزة لتحقيق حلمه والانطلاق إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث استقر هناك، وأمضى سنواته الأولى في أمريكا لكتابة النصوص السينمائية، نظرًا لولعه الكبير بالفن السابع ولوس أنجلوس مذ كان صغيراً، مع استمراره في نشر رواياتٍ جديدة.
وكانت الروايات الثلاث التالية مكرسة هى الأخرى للقراء من الشباب: قصر منتصف الليل 1994، أضواء سبتمبر 1995، مارينا 1999.
تُرجمت رواية "ظل الريح" إلى العديد من اللغات، وتحولت إلى أكثر الكتب الإسبانية مبيعاً في العالم، بعد أن تجاوز عدد المبيعات 10 ملايين نسخة. ورفض كارلوس زافون تحويل الرواية إلى عمل سينمائي، بالرغم من العروض الكثيرة التي انهالت عليه.
و"مقبرة الكتب المنسية" هى سلسلة روايات في أربعة أجزاء، وتتكون من: ظل الريح 2001، لعبة الملاك 2008، سجين السماء 2011، متاهة الأرواح 2016، ومؤخرًا صدرت الترجمة العربية للجزء الثانى من هذه الرباعية "لعبة الملاك".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة