یعاني في صمت آلاف من المصریین من مرض ضمور العضلات نتیجة لنقص الوعي العام حول مسببات المرض وتشخیصه وطرق علاجه ، الیوم السابع أجرت حوارًا مع الدكتورة رشا الشریف، استشاري أول الجینات العصبیة للحدیث عن ھذا المرض، الحاصلة على درجة الدكتوراه من الیابان وواحدة من المهتمين بنشر الوعي حول مرض ضمور العضلات، وهى زمیل باحث في قسم الأبحاث التركیبیة بالمركز القومي لعلوم الأعصاب والطب النفسي في طوكیو- الیابان، وصاحبة فكرة إنشاء مختبر الجینات العصبیة الأول في جامعة عین شمس، قسم الأعصاب، لتشخیص الاضطرابات العصبیة العضلیة، في عام 2000.
ما هو مرض ضمور العضلات؟
هو مجموعة من الأمراض الموروثة التي تؤثر على العضلات تدريجيًا، ويوجد أكثر من 50 نوعا، حسب البروتين أو الإنزيم المتضرر الذي يفتقر إليه الجسم. وغالبًا ما يرجع السبب فيه إلى وجود خلل كبير في إحدى الجينات المسئولة عن البروتينات التي تعمل على تقوية العضلات، إذ يظهر هذ الخلل في سن مبكرة أو في مرحلة متأخرة من العمر حسب حجم النقص في هذا البروتين ووظيفته في العضلة.
وهناك "ضمور العضلات الشوكي" ويوجد منه ثلاثة أنواع من الناحية السريرية، فعلى سبيل المثال، يبدأ أحد أنواع ضمور العضلات الشوكي في المولودين حديثًا حيث يكون سند الرقبة ضعيفًا للغاية وبالكاد يوجد في سن الثلاثة أشهر، وهو الوقت الذي ينبغي أن يكون فيه الطفل قادرًا على رفع رقبته، وكذلك بالكاد يكون قادرًا على سند ظهره ببلوغ ستة أشهر، وهو الوقت الذي ينبغي أن يكون فيه قادرًا على الجلوس ساندًا لظهره، وغالبًا ما يعاني من التهابات في الجهاز التنفسي والذهاب باستمرار إلى المستشفى حتى يستطيع التنفس، وهذا بالإضافة إلى الإصابة بنزلات برد غالبًا ما تتفاقم إلى مشكلات أكبر.
يوجد أيضًا الضمور العضلي من نوع "دوشن"، وهو الذي يبدأ في الظهور عندما يبدأ الطفل في الركض والقفز وصعود الدرج، حيث عادةً ما يكون الطفل قادرًا على الركض والمشي في هذا الوقت ولكنه يعجز عن القيام بما سبق نتيجة ضعف العضلات. ويوجد أيضًا الكثير من أنواع ضمور العضلات في الكبار.
من المهم أن نذكر أن مرض ضمور العضلات هو مرض قابل للمعالجة ولكنه غير قابل للشفاء، ولا يزال بإمكان المرضى أن يعيشوا حياة كاملة بالعلاج.
كيف يتم تشخيصه؟
يمكن تشخيصه من خلال اختبار الدم العادي عن طريق إظهار ما إذا كانت توجد حالات خلل في جين الخلايا العصبية الحركية 1 (SMN 1)، وهو المسئول عن بقاء بروتين الخلايا العصبية الحركية.
ويوجد أيضًا اختبار دم آخر، لا تتجاوز تكلفته 50 جنيهًا، يقيس كمية إنزيم فوسفوكيناز الكرياتين في الجسم. ويوجد إنزيم فوسفوكيناز الكرياتين بشكل أساسي في القلب والدماغ وعضلة الهيكل العظمي وتشير مستوياته المرتفعة إلى إصابة الشخص بضمور العضلات؛ ويتراوح فوسفوكيناز الكرياتين بين 50 إلى 200 في الفرد غير المصاب بضمور العضلات؛ ومع ذلك، بالنسبة لهؤلاء المصابين به، فإنه يرتفع من الدم وهو علامة للمتخصصين حيث يشير أيضًا إلى نوع الضمور العضلي المصاب به الشخص بناءً على مدى ارتفاع إنزيم فوسفوكيناز الكرياتين.
ما هي المراحل التي يمر بها الشخص في حالة عدم خضوعه للتشخيص أو تركه بدون علاج؟
سيتطور الأمر إلى تعرض الأشخاص للإصابة بتصلب في المفاصل، وقد يكون لديهم قوة عضلية جيدة ولكن قد يجب عليهم استخدام الكرسي المتحرك بسبب معاناتهم من مشكلات في مفاصلهم، بالإضافة إلى انكماش المفاصل نفسها، وتردي جودة حياتهم؛ فعلى الرغم من سلامة عضلاتهم إلا أنهم يعجزون عن المشي بسبب عدم التشخيص أو العلاج.
بعد ذلك، تتدهور عضلات القلب والجهاز التنفسي، تاركة الشخص في حاجة إلى الإشراف، والدخول إلى المستشفى باستمرار، والحاجة إلى المزيد من الرعاية. يمكن أن يعمل العلاج وتقوية عضلات القلب والجهاز التنفسي منذ وقت مبكر على إطالة حياة المرضى ورفع جودة مستوى حياتهم.
بعد ذلك، تحدث مشكلات في العظام، وبعضها يتطور إلى إعتام عدسة العين، فضلاً عن العديد من الأمراض والمضاعفات الأخرى التي تحدث في كثير من الأحيان.
هل تتوفر علاجات؟
اعتمدت إدارة الغذاء والدواء (إدارة الغذاء والدواء الأمريكية) علاجات موجودة الآن لبعض أنواع الضمور العضلي، ولا تزال المزيد من العلاجات في مرحلة اختباراتها الثالثة في إدارة الغذاء والدواء، مما يشير إلى أنه سيتم قريبًا الموافقة عليها.
يخضع الكثير من المرضى في جميع أنحاء العالم للعلاج في الوقت الراهن، وقد اكتسبوا قوة عضلية بالإضافة إلى تحسن عضلات الجهاز التنفسي، وهذا يعني عدم احتياجهم إلى دعم الجهاز التنفسي بعد الآن.
قد جرت مناقشات حول العلاج بالخلايا الجذعية، ويدعي البعض استخدامها لعلاج ضمور العضلات؛ ومع ذلك، لا يوجد ما يكفي من العمل البحثي والتجارب لإثبات نجاح هذا الأمر. لذلك، بالنسبة لي، لا أستطيع القول إن العلاج بالخلايا الجذعية أمر ناجح وأحذر المرضى من ذلك، حيث لم يشر أي بحث إلى نجاح استخدام العلاج بالخلايا الجذعية وقد أظهرت التجارب أيضًا أنه يؤدي إلى مضاعفات شديدة للغاية.
يجب أن توافق وزارة الصحة على جميع العلاجات، حتى وإن وافقت عليها إدارة الاغذية والعقاقير، وتجري الوزارة اختبارات وأبحاث صارمة للغاية على كل علاج قبل الموافقة عليه، وهذا يعني أنه بمجرد الموافقة عليه سيكون مضمون بنسبة 100%.
هل أجريت تجارب طبية على المصريين بالخارج؟
باختصار، لا لم يتم إجراء تجارب عليهم، حتى تتم الموافقة على أي علاج من إدارة الغذاء والدواء، يجب الموافقة عليه من خلال التجارب الطبية ولكن لا يحدث هذا إلا بموافقة وزارة الصحة التي تطبق معايير واضحة وصارمة للغاية لضمان عدم استغلال أي شخص للمريض.
ولم توجد إلا حالة واحدة لم يعرض المريض نفسه على طبيب داخل مصر، وسافر إلى الولايات المتحدة لإجراء الفحوصات الطبية هناك، وبالصدفة كانت تجري هناك تجربة طبية، ولذا، عُرض عليه التجربة.
وتم إعطاؤه قائمة بالأطباء الذين يمكنه المتابعة معهم في مصر، وقد تضمنت القائمة اسمي، وقرر المتابعة معي بمجرد عودته. وحيث إن العلاج حاليًا معتمد من إدارة الغذاء والدواء، فإنه يحصل على العلاج حاليًا مجانًا كل 6 أشهر من قبل الوكالة الأمريكية التي قامت بتنفيذ التجارب.
كيف تبدو الحياة التي يعيشها المصابون بضمور العضلات؟
يعيشون هم وأسرهم حياة صعبة للغاية، بالنسبة للأطفال الذين يعانون من ضمور العضلات، يجب على الآباء إرسالهم إلى مدارس خاصة ويجب توفير عناية كثيفة ومستمرة لهم، وهذا يعني أن ما يحدث في كثير من الأحيان هو أن أحد الوالدين يضطر إلى التخلي عن حياته المهنية لرعاية الطفل.
لا يمكن للكبار الذين يعانون من ضمور العضلات القيام إلا بوظائف معينة لا تتطلب الكثير من الحركة، ويحتاجون إلى شخص ما لرعايتهم أيضًا، ويجب توفير وظيفة في مرحلة معينة.
يمكن لمن يعاني من ضمور العضلات الزواج والإنجاب، ومن خلال المتابعات يعيش المرضى الآن حياة طبيعية، وهذا يعني أنه يمكنهم الزواج والإنجاب. ومع ذلك، فإن ما يجب عليهم اعتباره وأخذه في الحسبان هي الاستشارات الوراثية عندما يقررون الإنجاب حتى يمكننا اكتشاف كيف يتم نقل هذا المرض بالوراثة. وهذا يسمح لنا بمعرفة ما إذا كان مسموح لهم بالزواج من أبناء عمومتهم أو ما إذا كان مسموح لأطفالهم بالزواج من أبناء عمومتهم، كما هو الحال في مصر. كما يتيح لنا أيضًا معرفة احتمالية إصابة أطفالهم بضمور العضلات ويعني قدرتهم على المتابعة وإجراء الاختبارات اللازمة في مرحلة مبكرة للغاية، حيث يُعد الفحص الجيني أمرا في غاية الأهمية.
ما هي أهم الأمور التي ينبغي القيام بها للتغلب على ضمور العضلات؟
التشخيص المبكر هو أمر ضروري، وكلما كان التشخيص والبدء في العلاج ووضع معايير الرعاية في وقت مبكر، كان ذلك أفضل للمريض، حيث يمكن أن يمنع هذا تطور المرض أو على الأقل تأخير تطوره.
فضمور العضلات يعني أن العضلات تنهار، وإذا بدأنا في وقت مبكر وقمنا بالعلاج الطبيعي سيساعد هذا على العناية بالعضلات وضمان بطء تدهورها. وسنكون قادرين على ضمان المحافظة على سلامة وصحة عضلات القلب والجهاز التنفسي، مما يعني ارتفاع جودة الحياة لدى المريض. وقد يعني التشخيص المبكر في الأطفال بوجه خاص أن المريض يستطيع المشي حتى سن الخامسة عشرة بدلًا من استخدام الكرسي المتحرك في سن الثامنة أو التاسعة.
الأمر الثاني، الذي هو بنفس أهمية التشخيص المبكر، هو الرعاية النفسية، ويعد هذا الأمر في غاية الأهمية على وجه خاص للأطفال الذين يعانون من ضمور العضلات. إذا رأى الطفل أبويه حزينين طوال الوقت، أو يبكيان، أو فاقدين للأمل، فسوف يفقد الطفل الأمل كذلك، وهذا هو الحال أيضًا بالنسبة للبالغين المصابين بضمور العضلات.
الأمر الثالث الذي أوصي به هو ممارسة السباحة، فهي تضمن المحافظة على قوة العضلات قدر الإمكان، وتقلل أيضًا من احتمالية حدوث مشكلات في المفاصل، فضلًا عن غيرها من المشكلات.
ما هي المؤشرات الشائعة التي ينبغي أن ينتبه إليها الآباء والأشخاص؟
نصيحتي للآباء هي الذهاب للعرض على أخصائي ضمور عضلات إذا كان لا يمكن للطفل سند رقبته أو ظهره عند بلوغ 3 أشهر و6 أشهر. وإذا لم يستطع الطفل صعود الدرج أو الجري أو القفز، فيرجى طلب المساعدة الطبية.
بالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 19 عامًا، إذا وجدوا أنفسهم غير قادرين على ممارسة الرياضة التي اعتادوا عليها، مثل المشي كثيرًا أو صعود الدرج، أو إذا بدأوا تدريجيًا في فقدان قدرتهم على القيام بنفس القدر من ممارسة الألعاب الرياضية التي اعتادوا عليها، فيرجى الذهاب إلى أخصائي في ضمور العضلات. وبالنسبة للبالغين، فقد تكون المؤشرات على شكل آلام في العضلات، الذراعين والساقين، وتبدأ في بعض الأحيان من الذراعين حيث لا يستطيع المريض رفع ذراعيه أو حمل أشياء ثقيلة.
إن إجراء اختبار الدم العادي الذي لا يكلف سوى 50 جنيهًا يمكن أن يعني خضوع الطفل للتشخيص في وقت مبكر، وهو أمر أساسي لضمان تحسن جودة المعيشة والتخفيف من التدهور أو على الأقل الحد منه.
بماذا تنصحين المرضى المصابين بضمور العضلات فيما يخص الطعام وما ينبغي عليهم الابتعاد عنه؟
التغذية مهمة للغاية للمرضى المصابين بضمور العضلات، كما هو الحال عادةً للمرضى المصابين بأي مرض أو متلازمة.
يجب أن يعيش جميع المرضى المصابين بضمور العضلات حياة صحية. تتعرض العضلات للضمور سريعًا ولذلك توجد حاجة لنظام غذائي متوازن، وتعتبر الفواكه والخضراوات والبروتينات والفيتامينات، وخاصة فيتامين (د)، في غاية الأهمية للتخفيف من التطور السريع للمرض.
يجب على الأشخاص الذين يتناولون المنشطات الابتعاد عن الملح المُضاف والمواد الحافظة والأغذية المصنعة والسكر المكرر للحد من خطر حدوث مضاعفات والإصابة بمرض السكري. إذا لم يتوخ المريض الحذر في أخذ المنشطات، فيجب عليه التوقف عن تناولها ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تدهور سريع للحالة. وهذا يعني أن اتباع نظام صحي هو أمر في غاية الأهمية.
بالنسبة للأطفال، يرجى عدم إعطائهم الحلويات أو المقرمشات، ودائمًا ما أخبر الأمهات أنه يمكنهم إعطاء أطفالهم ألعاب صغيرة بدلًا من ذلك أو توفير المال وشراء لعبة كبيرة.
ماهى أهم النصائح للأشخاص المصابين بضمور العضلات؟
المرضى أبطال وكذلك أسرهم، ويتطلب الأمر الكثير من القوة العقلية للعيش بضمور العضلات أو وجود أحد أفراد الأسرة مصابًا بهذا المرض.
وأذكرهم أيضًا بأنه من المهم عدم الذعر عند اكتشاف الإصابة بالمرض، حيث توجد معايير للرعاية في مصر تضمن أن يعيش المرء حياة جيدة. وقد كفلت وزارة الصحة تنظيم معايير الرعاية وتطبيقها.