فى معرض عمان الدولى للكتاب، -أحد المعارض الصغيرة نوعًا مقارنة بمعرض مثل معرض القاهرة الدولى للكتاب- سهل فيه أن تطوفه وتعرف كل الدور الناشرة فى دقائق قليلة، ربما لن يلفت نظرك سوى صور أيمن العتوم، وكأنك تقف أمام بوستر لداعية، لكن بالسؤال تعرف أنك أمام روائى أردنى مشهور لدى الشباب.
أيمن العتوم وهو أوروائى أردنى ولد فى ( الأردن - جرش سوف 2 آذار 1972)، تلقى تعليمه الثانوى فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وفى عام 1999 تخرّج فى جامعة اليرموك بشهادة بكالوريوس لغة عربية، ثمّ التحق بالجامعة الأردنية ليُكمل مرحلة الدراسات العليا فى اللغة العربية وحصل على شهادتى الماجستير والدكتوراه 2004 و2007، اشتهر بروايته يا صاحبى السجن التى صدرت عام 2012 وتعبر عن تجربة شخصيّة للكاتب فى السجون الأردنية خلال عامَى 1996 و1997 كمعتقل سياسى، كما له دواوين شعريّة عديدة أحدثها ديوان "خذنى إلى المسجد الأقصى".
حورنا أيمن العتوم، عن تجربته فى الشعر والأدب والمعتقل، ورائيه فى بعض اهتمامات الشباب وظاهرة البيست سيلر، وإليكم الحوار:
-فى البداية كيف ترى حال الرواية فى الأردن؟
نعيش موجة رواية حاليًا، وهى حالة لدى الشعب العربى وليس الأردن فقط، وهى الفن المسيطر والأقرب إلى قلب القارئ، لذا تجدها هى الأكثر مبيعًا، مقابل ترجع فنون أخرى.
الشباب القوة الشرائية الأكبر الآن فى سوق الكتاب.. البعض أصبح يرى الرواية فن للمراهقين؟
من يقول إن الرواية فن للمراهقين، أو إنها تستهوى الأقل فكرًا وفهما، فهو كلام غير صحيح فى المطلق، وبالتأكيد هناك أعمال غير جيدة تحمل بعضا من الابتزاز، ولكن هناك أيضًا أعمال كثيرة جيدة تستحق القراءة، لكن فى النهاية هى الفن المسيطر على كل الفئات وليس الشباب فقط.
بصفتك كاتبا تاريخيا كيف ترى حال الرواية التاريخية، وإيهما تحب أن توصف كاتب تاريخى أم سجون؟
الرواية التاريخية له شأن كبير فى العالم العربى، ولدينا كتاب استطعوا تغيير شكل الكتابة التاريخية مثل أمين معلوف ونجيب محفوظ، أنا أيضًا أحب أنا أوصف بأننى كتابة تاريخ، رغم أنهم يصفوننى بكاتب سجون، بالتأكيد بداخل أدب السجون اهتم بالتاريخ والتوثيق، لكننى فى النهاية أفضل مصطلح كاتب تاريخ، ومن يكتب التاريخ يكتبه فى من أجل إعادة إنتاجه من جديد، وأدب السجون جزء من الأدب التاريخى، وقادر على كتابة التاريخ بشكل مختلفة.
أدب الرعب هو الأدب المسيطر على اهتمامات الشباب، كيف ترى ذلك؟
لأنه أدب جاذب، ويستحوذ على اهتمام الفئة غير المتزنة بمعنى إنها قلقة، تعيش حالة قلق من الناحية النفسية والاجتماعية والاقتصادية، فهم يجدون فى ذلك النوع من الكتاب إنه يضع لهم موضع قدم، ويلبى لديهم هذا الجانب، ويتماشى مع الحالة النفسية للشباب.
كيف ترى ظاهرة البيست سيلر؟
البيست سيلر من الممكن أن يكون ظاهرة سلبية وممكن أن يكون إيجابية، سلبية فى إذا كان وقتى مثل فقعة الصابون، بمعنى أن يظهر العمل فجاءة ثم يختفى وينسى مثل أن يباع جيدًا فى المعرض وبعد انتهائه ينسى، لكن إذا استمر بالتأكيد ستكون الظاهرة شيئا عظيما، فأنا مثلا من أوائل رواياتى كانت "يا صحابى السجن" وعلى الرغم من ذلك ما زالت تقرأ وما زالت تباع، لذا لا يجب أن تتحول الظاهرة لموضة أو موسم وتستمر، لأنها يمكن أن تكون مؤشرًا للكاتب للاستمرار ومحاولة تقديم الأفضل لجمهوره.
أنت نشرت روايتان فى مصر.. لماذا تحرص على تقديم أعمال من مصر؟
مصر أم الدنيا، وأكبر بلد عربى، وفيها إرث ثقافى كبير، ورغم أى ملاحظات لكنها ما زالت بخير، والدليل المعرض فى القاهرة، الناس يصطفون من أجل الدخول، وأنا شخصيًا حريص على الحضور كل عام، فما زالت الثقافة فى مصر لها وهجها، والكاتب يبحث عن مكان يمكن أن يوثق له ولأعماله، ودور النشر المصرية أنشط، والشباب أصبحوا جزءا من التاثير الثقافى مصر، الهياكل القديمة المحافظة على النمط القديم مصيرها إلى الانتهاء.
بعد خروجك من المعتقل على خلفية إحدى رواياتك والتى اعتبروها مسيئة، بوصفت الكاتب العربى بالمجرم.. ماذا كنت بذلك؟
الكاتب مجرم لأن بعض الأنظمة تجرم الرأى، والرأى من المفترض أن يكون له حرية، ولابد موجهته بالرأى فالفكرة تواجه بالفكرة والحجة تواجه بالحجة، ومواجهة الرأى والأدب بالسجن ليس صفات الأنظمة الإنسانية والعالمية، فمن المفترض أن يكون هناك حرية للرأى وإذا كان هناك خطاء فى ذلك الرأى فهناك القانون يحاسبه، وليس كل ما يصدر عن المرء جريمة وهذا أنا قصدته.
فى معظم كتاباتك كنت تقتبس أجزاء من القرآن الكريم، ما هو الهدف من ذلك؟
أنا أقدم نفسى إننى كاتب إنسانى، كاتب يسعى للإنسانية وللعالمية أيضًا، والقرآن خطاب إنسانى عالمى، وكلام المصحف لم يكن للمسلمين فقط، فالخطاب القرآنى كان للناس جميعًا، ومن يتصور أن القرآن للمسلمين فقط، فهو مخطئ، هو موجه للناس كل كما قال الله تعالى، والله ليس رب المسلمين فقط هو رب العالمين، وبهذا النص الإنسانى العميق، فأنا من خلاله وكأننى أريد أن أصل للناس جميها.
كيف ترد على اتهامك بأنك تسىء للدين الإسلامى بكتابتك؟
أنا كما يقول المثل لدينا فى الأردن: "لست مع سيدى بخير أو ستى بخير"، فالإسلاميون ينتقدوننى لأنى أستخدم القرآن وهو لا يجوز استعماله مطلقًا، والعلمانيون ينتقدوننى بحجة استخدمى القرآن أيضًا، فأنا إنسان فى النهاية، وأحب كل الناس، واحترم كل الأديان، بالتأكيد لدى ديانى، لكننى لست مخولاً لتكفير الناس ولا أدخلهم الجنة أو النار، ولس معى مفاتيح للجنة مثل ما هى موجودة مع المتشددين فى كل الأديان.
أنت تكتب الرواية وتكتب الشعر.. ما هو الفن الأدبى الأقرب لقلبك؟
والله الشعر أقرب، ولكننا لسنا فى زمن الشعر، نحن فى زمن الرواية، وأنا بدأت شاعر وعشت حياتى كلها معه، وهو الأقرب لمشاعرى وكيانى، وهو تعبير برأى أعمق للشعور، لكن تظل مقيد قليلاً فى الشعر، على عكس الرواية فهى عالم ممتد تستطيع أن تمشيه فيه بحرية.
هل تعتقد أن زمن الرواية سوف يدوم وألا يطغى فن آخر عليها؟
أرى أن الشعر سوف يعود، ومثلما كان قديمًا أحمد شوقى يملأ العالم والدنيا فى عصره ومن قبله المتبنى فى عصره، وعشنا زمن طويل مع الشعر، فسوف يعود، فالرواية لم تطغ إلا من السبعينيات، وهى مدة لست طويلة، لكننى أتنبأ أن الرواية سوف تتراجع قليلاً، ويعود الشعر، ولكن هذا لس معناه أن تختفى الرواية، هى ستظل باقية، لماذا؟ لأنها فن إنسانى والله هو ما اخترعه، فالقرآن قصص، والتوراة قصص والأنجيل كله قصة المسيح، ولو أن تأثير الرواية طاغى على البشر ما كان الله استخدمه.
أيمن العتوم (1)
أيمن العتوم
أيمن العتوم مع محرر اليوم السابع