كانت القاهرة ولا تزال محط أنظار الجميع، خاصة الباحثين العالميين، الذين يسعون لفهم واحدة من عواصم أهم الدول على مستوى الشرق الأوسط والعالم، وضمن ذلك يأتى كتاب "القاهرة مدينة عالمية: عن السياسة والثقافة والمجال العمرانى، شرق أوسط جديد فى ظل العولمة" والذى صدرت ترجمته عن المركز القومى للترجمة.
الكتاب من تحرير ديان سينجرمان، وهى أستاذة مساعدة فى كلية العلاقات العامة فى الجامعة الأميركية فى واشنطن، بدأ العمل فيه منذ أوائل التسعينات حتى صدر باللغة الإنجليزية فى 2009.
ويعمل الكتاب، حسبما قرأته هبة ربيع فى الحياة، على تبنى نظرة تكاملية، فمن الانثربولوجيا إلى علم الاجتماع ومن الجغرافيا إلى التخطيط العمرانى، ومن السياسة والاقتصاد إلى التاريخ والآثار تتضافر جهود 21 باحثاً من جنسيات مختلفة لترسم صوراً تفصيلية للقاهرة بأحيائها الشعبية وعشوائياتها وتجمعاتها السكنية الحديثة مغلقة الأسوار وحدائقها العامة ومسارحها وسينماتها وحتى موالدها.
وترى هبة ربيع أن الباحثين يحاولون استكشاف إلى أى مدى تصلح عاصمة لليبرالية الجديدة كما يحلل إريك دينيس فى الفصل الأول، أم عاصمة للثورة الاشتراكية كما تؤرخ أمنية شاكرى فى الفصل الثانى، أم عاصمة اقتصادية إقليمياً وعالمياً كما تستكشف ليلا فيغنال وإريك دينيس فى الفصل الثالث، أم عاصمة ثقافية كما يستعرض سعيد صادق فى الفصل الرابع.
ويبدأ الكتاب باللحظة الحاضرة من التجمعات السكنية مغلقة الأسوار التى تمثل سمة عمرانية جديدة للقاهرة ويعتبرها إريك دينيس فى الفصل الأول المعنون (القاهرة عاصمة لليبرالية الجديدة؟) «ذروة أشكال الخطر»، والسبب فى الأزمة النقدية التى لحقت بمصر فى أعقاب عام 2000، وتلتقط أمنية الشاكرى طرف الخيط من دينيس وتقارن فى الفصل الثانى المعنون (القاهرة عاصمة للثورة الاشتراكية؟) بين الفرص التى أكلتها المجتمعات العمرانية الجديدة فى عهد مبارك، وبين التى قدمتها المجتمعات العمرانية الجديدة فى عهد ناصر، فالأولى مغلقة على نفسها يسودها نمط معيشة استهلاكى ترفى، أما الثانية وأبرزها كان فى الوادى الجديد فقدمت فرص عمل جديدة من خلال تدريب المهاجرين إليها من ريف الدلتا.